طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
في قلب فرنسا، في باريس، وفي سينما لومينيور عرض الفيلم الوثائقي بعنوان «فدائيون»، عن نضال أقدم سجين سياسي في أوروبا، عاشق فلسطين جورج إبراهيم عبدالله الذي استطاع هو ورفيقاه أنيس النقاش، وكارلوس، نقل القضية الفلسطينية والحرب إلى أوروبا والمراكز الإمبريالية.
جورج عبدالله يقبع في سجنه بفرنسا 35 عاماً، بالرغم من مطالبات عدة منظمات حقوقية وإنسانية وبخاصة لجنة التضامن مع السجناء السياسيين العرب، بالإفراج عنه مع المناضل أنيس النقاش (رحمه الله) الذي حاول عام 1980 اغتيال شابور بختيار، وهناك أيضاً قرارات صدرت بالإفراج عنه ولكن بشروط أمريكية «إسرائيلية»، وآخرها قرار وزير الداخلية الفرنسية، رفضها المناضل جورج.
تبدأ كاميرا الفيلم بلقطة وسط حشد هائل من المتظاهرين أمام السفارة الفرنسية في بيروت تطالب بالإفراج غير المشروط عن المناضل جورج عبدالله. وتعود الكاميرا بالاعتماد على الفلاش باك إلى المحاكمة، وبالصرخة القوية التي يطلقها جورج تهز أركان المحكمة: «أنا مناضل وليس مجرماً»، بهذه الكلمات خاطب المناضل جورج القضاة الفرنسيين الذين حكموا عليه بداية بالحبس 3 سنوات بتهمة حيازته أوراقاً مزورة، بعدها تحولت القضية إلى محاكمة سياسية، وبإصدار حكم المؤبد بالضلوع في اغتيال الدبلوماسي الأمريكي تشارلز روبرت و«الإسرائيلي» باكوف بريسمنتوف عام 1982.
نعم، يا رفيق جورج، أنت مناضل ومثقف ثوري، أنت والرفيقان أنيس النقاش وكارلوس، أنت النموذج المضيء المحتذى للمثقف الثوري في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، فأصبح الثائر مساوماً والجاهل مثقفاً، والمثقف جاهلاً أو متجاهلاً، والمثقفون الثوريون يرحلون واحداً تلو الآخر، والبعض في السجون، فهل تنبت أرضنا نماذج أخرى؟ وهل تنبت المقاومة من جديد روحاً وإلهاماً فيقترن القول بالفعل وتعمد الكلمة بالدم وتغدو الشعارات على قاب قوسين أو أدنى، ويخرج المثقف من صالونه، من انتهازيته إلى شارعه يحمل مشعله في المقدمة ليبدد ظلمات الطريق الذي مازلنا في أوله؟