عندما أرى صحفاً ذات إخراج جميل وألوان جذابة أشعر بزهو من يقف عند بائع الزهور
نقابة الصحفيين لا تعترف بالمخرج كصحفي بينما هو دوليا ركيزة أساسية في بلاط صاحبة الجلالة 


نشوان دماج / مرافىء -
عبر مسيرة عمرها 20 عاما في الصحف اليمنية يطل المخرج الصحفي فؤاد المصباحي ضيفا على مرافئ لا ليتحدث عن تجربته في مجال الإخراج وما هي الإشكاليات والمعوقات التي تحول دون تطور الأداء الإخراجي في الصحف اليمنية .. وكذا عدم اعتماد المخرج كجزء من العمل الإعلامي  في بلادنا ..فإلــــى الحــــوار:

 بداية هل ترى في الإخراج الصحفي فناً أم أداء مهنياً؟
قبل أن نبدأ في الدخول للإخراج الصحفي هل هو فن أم أداء مهني، أود أن أشكر صحيفة «لا» على إجراء هذا اللقاء معي، كونها أول صحيفة تقوم بلقاء مع مخرج صحفي، إذ دورنا في الكواليس، وكثير من الناس لا يعرفون عمل المخرج.
أما بالنسبة للإخراج، ففي رأيي الشخصي هو فن، والراغب في العمل فيهـا لا بد أن يكون موهوباً. وإن المخرج الصحفي يولد، وفي يده الموس، وفي رأسه الفكرة.

4 أسس
 ما هي المقومات الأساسية للإخراج الصحفي؟
الإخراج الصحفي يقوم على مجموعة أسس يمكن تصنيفها في 4 فئات، هي: الأسس الصحفية، وهي التي تتصل بتقويم الأخبار والموضوعات ومواد النشر واختيار ما يهم الجمهور منها. والأسس النفسية، وتتصل بمعرفة اتجاهات الرأي العام وعقلية الجماهير وأذواق القراء وعادات القراءة، وتأثير الألوان فيهم. والأسس الفيسيولوجية، وهي تتصل بقوانين الرؤية وحركات العين ومدى استيعابها وظروف التعرض للضوء. والأسس الفنية، وهي التي تسعى إلى تحقيق التوازن والإيقاع والوضوح وسهولة القراءة وتوفير الحيوية والجاذبية والجمال.

الجمع بين الفن والصحافة
 كيف يستطيع المخرج الصحفي جذب القارئ إلى طبيعة الإخراج؟
أن يكون لدى المخرج الصحفي ثقافة صحفية جيدة تمكنه من تقويم الأخبار والمواد وإدراك كنهها والغاية منها في ضوء سياسة الصحيفة. والمخرج الصحفي أقرب ما يكون إلى المصمم الفني، وهو يجمع بين الفن والصحافة، ويجب أن تتوافر لديه القدرة على الإبداع في وقت قصير يتناسب مع ظروف عمل الصحيفة اليومية.

مخرج بالصدفة
 بداياتك في الإخراج الصحفي؟ وكيف تحول عملك وتركز في الإخراج الصحفي بالذات دون غيره؟
قبل أن أبتدئ بالإخراج كنت مصمما فنيا في إحدى الشركات التجارية، وعندما التحقت بوظيفة رسمية في وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، أسست قسم التصاميم والإخراج الفني، ثم كانت الصدفة أن ألتقيت بزميلي الأستاذ عدنان الصنوي في عمل لمجلة «الاقتصادية» الصادرة عن وكالة «سبأ»، وهنا كان له الأثر الكبير في اكتشاف قدرتي على الإخراج الصحفي، ووضعني على أول الطريق وكان الاستاذ والموجهه، ومنها بدأت الانطلاق في عمل الإخراج الصحفي.

جمالية الصورة
 هل الخبرة والممارسة تأتي في المقام الأول بالنسبة لك؟
نعم، الممارسة والاطلاع على ما هو جديد في عالم الإخراج، وكذلك تطور الصورة ينعكس على عمل الإخراج، كلما كانت الصورة جميلة وجذابة ينعكس ذلك على الإخراج. وازدادت خبرتي مع العمل في الصحف اليومية؛ إذ عملت مديرا فنيا لصحيفة «السياسية» اليومية، وبعدها صحيفة «اليمن اليوم» اليومية، وحاليا أعمل مديرا فنيا لصحيفة «لا» اليومية.

القارئ أولا
 من الذي تجعله همك الأول في الإخراج: القارئ أم إدارة التحرير؟
همي الأول دائما القارئ. ولكن عندنا في اليمن، نظراً لعدم التذوق من قبل معظم الصحفيين لعملنا، وتوجد صعوبة حيث لا يوجد معرفة بجودة الصورة: تسلم المادة للإخراج دون إرفاقها بالصور الخاصة بالمادة، وعلى المخرج أن يتصرف بتدبير الصورة من الإنترنت أو من الأرشيف، وهذا ينعكس على جودة العمل.

في الوقت الضائع
 ما مدى تدخل إدارة التحرير في مجال عمل المخرج الصحفي؟ وهل ينعكس ذلك على أدائه أحياناً؟
إذا كانت إدارة التحرير منظمة ومتذوقة لعملنا، فإن ذلك ينعكس على الإخراج الصحفي. ما نعانيه في معظم الصحف اليمنية أننا نعمل في الوقت الضائع قبل الإصدار؛ أي الالتزام بالوقت لتسليم ماكيت الصحيفة للمطبعة، وهذا يكون على حساب الجانب الإبداعي للإخراج.

كل فكرة بنت يومها
 هل يشكل لك إخراج صحيفة يومية تكراراً ما في طبيعة الأفكار؟ أم أن كل عدد يخلق فكرته عندك؟
كل عدد يخلق فكرته، وبحسب الأحداث. لكن أنا في صحيفة «لا» ممتن جدا للأستاذ صلاح الدكاك، رئيس التحرير، إذ إن ذوقه العالي وتفهمه لطبيعة عملي يساعدني كثيرا جدا على العمل وبشكل احترافي، ويكون مصدرا كبيرا لي في الإلهام والتوجيه، حيث نتشارك النقاش بالفكرة والإخراج والألوان كذلك، وهذا ينعكس على جو العمل وعلى إخراج الصحيفة بشكلها الجميل للقارئ. وكذلك عندما كنت في صحيفة «السياسية» كنت ومدير تحريرها الزميل عدنان الصنوي نتشارك الأفكار بما يخلق جو عما رائعا. وأنا أقول لك: من عدنان إلى صلاح كان الأثر الكبير في قدرتي على الإخراج، والذي جعلني مميزا.  

تطور في الإخراج
 كيف ترى أداء المخرجين في الصحف اليمنية سابقاً وحالياً؟
أرى أداء العديد منهم في تطور كبير، إذ يوجد مخرجون متميزون جدا؛ فعندنا في صحيفة «لا» مثلاً يوجد مخرجان مبدعان بجانبي، وهما الزميل محمد الحميقاني والزميل سليم الخطيب، ونحن نشكل فريقا رائعا في التفاهم وتبادل الأفكار وبشكل يومي وقياسي. وعندما تلاحظ تطور الصحيفة ترى أن من يخرجها شخص واحد. كما أن هناك مخرجين رائعين جدا عملت معهم وكان لهم مستقبل كبير في هذا الجانب، بالإضافة إلى مخرجين كنت أتمنى العمل معهم في عمل مشترك، ومنهم الأستاذ أمين منصور والأستاذ سلطان الصالحي، حيث إن لهما بصمة واضحة في إصدارات بعض الصحف. وكم أشعر بالزهو عندما أقف عند صاحب الكشك وأمامي صحف ذات إخراج جميل وألوان جذابة وطباعة نظيفة، فكأنني حينها أقف عند بائع الزهور. 

الفرق في التفاصيل
 أين يرى المخرج الصحفي فؤاد المصباحي نشاطه الإبداعي؟
أنا أول من قام بإدخال الإنفوجرافيك الصحفي ضمن الصحافة اليمنية، والذي يقوم بتلخيص المادة من مقروءة ومملة إلى شكل جذاب، ويسهل للقارئ الحصول على المعلومة. وأستطيع القول بأن الفرق بيني وبين المخرجين الآخرين هو في التفاصيل.

العملاء لا يفهمون عملنا
 ماذا عن التصاميم والشعارات؟
توجد إسهامات كبيرة لي في هذا الجانب، ولكن نجد صعوبة عند العملاء الذين لا يفهمون عملنا ويريدون شعارات جميلة جدا وفي وقت قصير وبأقل الأسعار. المخرج الصحفي في بلادنا عمله كبير جدا، فهو يركز على إخراج المادة والبحث عن الصور والتعديلات، ويكون دخله أقل؛ أي: عمل بجهد وضغط كبير في وقت قصير. 

نقابة الصحفيين لا تعترف بنا
  هناك عتب من قبل المخرجين على نقابة الصحفيين، فما رأيك أنت؟
نقابة الصحفيين لا تعترف بعضويتنا فيها ولا تعترف أساسا بوجودنا كجزء من العمل الصحفي، فهي تعترف بالصحفي فقط؛ بينما النقابات الأخرى في الدول الأخرى تعتبر المخرج جزءا أساسيا فيها.

مركز تدريب
 ما هو الطموح الذي ترغب في تحقيقه؟
طموحي أن أنشئ مركزا للتدريب على الإخراج الصحفي، ويكون موجها للصحفيين لتوسيع مداركهم وتذوقهم للإخراج وأهمية المخرج الصحفي، الفنان الذي يأخذ عمله كفن وإبداع.
كان لدي مشروع كتاب عن تاريخ وتطور الإخراج الصحفي وبرامج الإخراج؛ إلا انه أجّل بسبب الحرب والظروف الحالية.

مخرجون بالبركة!
 هل يختلف الإخراج الصحفي من مجال إلى آخر؟
من المهم وجود مخرج صحفي متخصص يملك ثقافة فنية عالية وحساً جمالياً يمكنانه من تلبية الشروط المطلوبة منه وتطبيق أسس الإخراج تطبيقاً صحيحاً. وللأسف لا يوجد في بلادنا مخرجون متخصصون، سواء في مجال الرياضة أو الأدب أو التنمية والاقتصاد، أو غيرها من المجالات. بل إن مشكلة معظم المخرجين في بلادنا أنهم لا يقرؤون المواد قبل إخراجها ولا يتطلعون للجديد في عالم الإخراج، وإنما يعملون بالبركة.

مذهب متطرف
 أي الصفحات توليها اهتماماً خاصاً؟
أنا ورئيس التحرير نعطي الصفحة الأولى من الصحيفة المكانة الأولى في الإخراج. فهي الواجهة التي تعبّر عن شخصية الصحيفة وتبين سياستها وتوجهاتها. ونأخذ في ذلك مذهب الإخراج المختلط؛ وهو مذهب متطرف يقوم فيه المخرج بتحطيم كل قيود الشكل، ويرى في الصفحة وحدة متكاملة معبرة عن مضمونها تعبيراً حياً طبيعياً من دون تقيد بأي شكل أو تقليد طباعي. وهذا ليس عيبا، بل امتداد لحركة التجديد في فن الإخراج. هذا في ما يخص الصفحة الأولى من الصحيفة؛ أما الصفحات الداخلية للإخراج المتحرك، مثلا في المقابلات والتحقيقات وصفحات الأخبار المحلية، فتعتمد على المدرسة المعتدلة التي تقوم على نبذ فكرة التوازن المفتعل والجامد وتطبيق المبادئ الفنية في التعبير مع تحقيق الانسجام بين أجزاء العمل لتخرج الصحيفة وحدة متناسقة متتامة.
بالنسبة لمعظم الصحف الرسمية، فإنها تعتمد على مذهب الإخراج الأفقي الذي يعد تطويراً لفكرة حركة العين أفقياً وليس عمودياً في أثناء القراءة، وهي مدرسة تقليدية تقوم أساسا على التوازن الطباعي في الشكل. وتعرف هذه المدرسة عند المحترفين بالرتيبة والبعد عن الإثارة.



السيرة الذاتية
فؤاد ناجي المصباحي
من مواليد 1977 المدينة المنورة
- بكالوريوس إعلام 2004
 - رئيس قسم التصاميم بوكالة الأنباء اليمنية سبأ
- مخرج صحفي لملحق لومونددبلوماتك الفرنسي.
- المدير الفني للسياسية.
- المدير الفني لليمن اليوم.
-المدير الفني لصحيفة 
«لا» حاليا.