حاوره: نشوان دماج / مرافىء -

يدشن «مرافئ لا» عامه الجديد بلقاء استثنائي مع الفنان الفلسطيني المقاوم شادي أبو القمبز، الذي مهر ريشته لنصرة كل قضايا الأمة العربية والإسلامية والوقوف في وجه طواغيت العصر.
وكفنان فلسطيني مقاوم يرى واجبه الأولي الانحياز التام لهذا للمحور الذي يعتبر فلسطين والقدس قضيته المركزية وتوجيه بوصلة الفن نحو ذلك المحور لتخليد ذكرى كل من قدم روحه فيه لمواجهة العدو الواحد وأدواته بكل عزيمة وإرادة واقتدار.
الفنان شادي أبو القمبز من الفنانين العرب القلائل الذين صرخوا في وجه العدوان على اليمن منذ الوهلة الأولى، وحشد كل إمكانياته في مجال الرسم والفن التشكيلي لتخليد صمود الشعب اليمني.
«مرافئ لا» التقى الفنان شادي في حوار حول دوره المقاوم وانتمائه إلى محور المقاومة بكل تجلياته، فإلى الحوار.

الفن المقاوم
 المعاناة والحصار الذي فرضه العدو الصهيوني على غزة.. كيف استطاع الفنان شادي أبو القمبز أن يكسره ويحوله إلى فضاء للحرية؟
بداية أشكركم جزيل الشكر على إتاحة الفرصة للحضور معكم، وتحياتي العطرة للشعب العربي اليمني الأصيل والجمهور المبارك.
أما بالنسبة لسؤالك فنظراً للحصار الذي تعاني منه غزة، فإن ذلك يعزز صعوبة التنقل خارجها، لكن كان لمنصات التواصل الاجتماعي الفضل الكبير في انتشار خارجي للوحاتي بين شعوب المقاومة الحبيبة، وجعلت بيني وبينهم صلة محبة واحترام وعشق متبادل. كما ساعد الإعلام المقاوم بالإضاءة على هذا الفن المقاوم وتعرف المجتمع عليه، وانتظارهم للوحاتي والتعليقات المميزة وطلبات لوحات خاصة لشهداء اليمن العزيز والعراق ولبنان وسوريا والبحرين والجمهورية الإسلامية في إيران، وكافة دول أحرار هذه الأمة وفلسطين العزيزة.

المعاناة اليومية صنعت فني
 حبذا لو تعطي القارئ اليمني نبذة عنك..؟
شادي عيادة أبو القمبز، فلسطيني، من مواليد 1976 مدينة غزة، أسكن في حي الشجاعية. حاصل على دبلوم فنون جميلة، وعضو جمعية الفنانين التشكيليين بغزة.
حولت موهبتي إلى واقع ملموس بتدشين مرسمي الذي سميته «الفن المقاوم.. عشق». شاركت في العديد من المعارض الداخلية والدولية، ونظراً لمنعي من السفر للخارج أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي هي البديل.
منذ نعومة أظافري وأنا أحب الرسم والخط العربي، فشاركت في الانتفاضة عام 1987 في الكتابة والرسم على الجدران، ومنها رسم صور الشهداء الذين اصطفاهم الله. لدي أكثر من 40 شهيداً من أصدقائي الذين التحقوا بالرفيق الأعلى، وهذا مما جعلني أستهدف هذه الثلة المجاهدة.
رسمت المئات من صور شهداء المحور ومنها صور الأحرار في العالم الرافض للهيمنة الصهيوأمريكية.
المعاناة اليومية هي التي صنعت فني وألهمتني القدرة على أن أخط وجوه الخالدين وهموم شعبي الفلسطيني التي يتلقاها صباح مساء. رسمي لوجوه الشهداء لأنهم قادة هذا المسير المعبد بالدم. وانحيازهم لفلسطين واتخاذهم القدس قبلة لهم زاد من اندفاعي لرسمهم شكراً لهم وعرفاناً. 
معاناة الشعب اليمني هي هدفي اليوم لأنها تشبه معاناة شعبي الفلسطيني وكافة شعوب محور المقاومة لرفع معاناتهم للعالم وفضح زيفه المتشدق دوماً بالإنسانية.

لوحاتي نابضة بحب الأحرار
 ارتباط فنك بمحور المقاومة في كل أرجاء الوطن العربي والإسلامي، وليس الفضاء الفلسطيني فحسب، هل لذلك دلالة ما؟
الصمود والمواجهة التي خاضتها شعوب المقاومة في وجه الاستكبار والإرهاب العالمي، في كل محطاتها، زادت من اندفاعي لتوجيه فني وفرشاتي لخدمة قضايا الأمة العظيمة. فكانت وجوه الشهداء والأسرى والجرحى وأحرار العالم من أجمل تعابير الجهاد. وخطوط النصر والعزيمة على وجوههم جعلت من لوحاتي نابضة بحبهم شكراً لهم وعرفاناً.

الشعب اليمني لا يتردد في رفع راية الحق
 كنتَ من أوائل الفنانين العرب الذين جيشوا كل إمكانياتهم ضد العدوان على اليمن.. ما الذي تمثله اليمن بالنسبة لك؟
برغم الحروب الطاحنة التي تُشن على الشعب اليمني العظيم والحصار الظالم الذي لم نشهد مثيله في التاريخ، وهذا مع كل ما يترتب عليه من معاناة إنسانية وصحية، إلا أن الشعب اليمني لا يتردد في الوقوف صدقاً ورفع راية الحق في وجه كل طواغيت هذا الزمان عند كل محطة توجب ذلك.
أشاهد الشعب اليمني العزيز ينزل للساحات والميادين معلناً حضوره إلى جانب شعوب المنطقة والأمة ونصرة قضاياه العادلة، وعلى رأسها قضية ومظلومية شعبي الفلسطيني، ورفضه دائماً كل المؤامرات والمخططات الخبيثة التي تُحاك لتصفيتها، وقوف الشعب اليمني كتفاً بكتف مع شعبنا الفلسطيني. وشاهدت أن القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان وأفئدة اليمنيين عموماً.

عندما يصبح الفن للشهرة يكون مبتذلاً
 في حصار غزة أو حصار بيروت قبلها، رأينا كيف أن الفن التشكيلي أو الفن عموماً كان حاضراً بقوة.. لماذا لم نر مواقف كهذه في الحصار الذي تتعرض له اليمن، بحيث لا نكاد نجد من يهتم لهذه القضية إلا قلة نادرة أنت واحد منهم؟
عندما يطرح الفنان أفكارا تحاكي هموم مجتمعه من أفراح وأحزان والوقوف مع الشعوب المستضعفة، وتحاكي منجزات الشعوب وموروثهم، ويبث الخير والفضيلة، فهو يؤدي إلى نشر الفكر السليم في المجتمع ومن ثم إلى نهوضه. أما عندما يطرح الفنان لوحات بعيدة عن الواقع أو يطرح لوحات تحمل أفكارا لا تُحاكي واقع المجتمع كأنه يصبح فناً للشهرة فقط، فهنا يصبح الفن مبتذلاً. وكذلك الفنان يحب أن يكون صاحب فكر يوظف الموهبة التي أهداها الله له لنشر هذا الفكر السليم وليس الفكر المشوَّه.
فاليوم جاءت مظلومية الشعب اليمني بعد شحن طائفي أُعِد من سنين، وأضغان قديمة من المعتدي وما يُسمى «الربيع العربي»، فنجد القلة من الفنانين أصحاب بصيرة ومعرفة من هو الصديق من العدو. ورأينا أيضاً من الفنانين الذين استهوتهم القنوات اللماعة والشعارات البرَّاقة، فالغالبية فُتِن بهذه المؤامرة. أما صاحب البصيرة الثاقبة والفكر السليم والثقافة الحُسينية فيعرف جيداً أين يضع أقدامه وفي أي موقع يكون. مظلومية الشعب اليمني جلية كنور الشمس لا يختلف عليها اثنان، فنحمد الله سبحانه وتعالى على أن منّ علي الوقوف ومناصرة هذه القضية الحقة، وكنا السباقين لنصرة هذا الركب المقدس وأنصاراً مع المسيرة القرآنية العظيمة.

الفن في خدمة قضايا الأمة
 كيف ترى العلاقة بين كل تلك الوجوه التي تقوم برسمها لرموز المقاومة من كافة الاتجاهات والمشارب؟
يجب على الفنان أن يقف بفنه مع محوره: الجندي في الميدان وكذا المثقف والكاتب...، كلٌّ في مكانه. وهذا ما يدفعني كفنان فلسطيني مقاوم يرى واجبه الأولي الانحياز التام لهذا المحور الذي يعتبر فلسطين والقدس قضيته المركزية وشهداء هذا المحور الذين هم عناوين لكل تضحية في هذا المسير المُعبد بالدم.
فصار لزاماً علي كفنان ينتمي لهذا المحور وللأمة، بأن أوجه بوصلة فني لتخليد ذكرى كل من قدم روحه لمواجهة عدونا وأدواته بكل عزيمة وإرادة واقتدار.
كما أعتبر المعاناة التي أشارك بها شعبي هي شبيهة بالمعاناة التي يعاني منها غالبية شعوب المحور لانحيازهم وموقفهم من قضيتي وقضايا المحور عموماً.

«من فلسطين هنا اليمن»
 لوحة الطفلة أمل حسين التي اختزلت عبرها معاناة كل أطفال اليمن جراء الحصار والعدوان.. هل ترى لها تجاوباً عند غيرك من الفنانين للالتفات إلى تلك المعاناة؟
للوهلة الأولى التي رأيت فيها جسم أمل النحيل، لم أتمالك نفسي فأجهشت بالبكاء فسارعت لرسم الطفلة أمل حسين ومن ثم كتبت على صفحتي حينها أمل حسين من اليمن الجريح العصي على الانكسار. وبعد ذلك عملت «هاشتاغ» سميته «من فلسطين هنا اليمن». وأخذت هذه اللوحة المعبرة و»الهشتاغ» بالانتشار السريع لنشر مظلومية هذه الطفلة خاصة وأطفال اليمن عامة، فتلقفته أقلام وقلوب هذه الأمة الحُرة، لأن شعار الإنسانية الذي يتشدق به المعتدون سقط عند مشاهدة الطفلة أمل وعموم الأطفال.
ليس هناك اليوم من يموت من الجوع؛ فلماذا إذن هذا الحصار الذي يستهدف الشجر والحجر والتاريخ والبشر في اليمن؟! وبالتالي وقوفي منذ اللحظة الأولى ضد العدوان على اليمن كان واجبا شرعيا وعروبيا، وضميري يدفعني للانحياز لهذا القضية، لأن الإنسان الذي كرّمه الله سبحانه وتعالى يُمثل الصراط القويم الذي يجب أن نحتذي به.

 كلمة أخيرة تودون قولها من خلال «مرافئ لا»؟
إن كان لا بد من كلمة أو رسالة، فإن رسالتي للعالم هي رسالة الفلسطيني المعذب الذي مازال تحت آخر احتلال استيطاني توسعي إجرامي بحق شعبي الأعزل الذي قدم الكثير ليبرهن على حقه المضّيَع. وهذا العالم لم ينصفني يوماً، ودائماً ما كان يتجاوز معاناتي ويتركني ضحية لجلاد لا يرحم.
رسالتي للعالم أن يُجسد قيم الإنسانية فعلاً لا قولاً، وأن نرى في المستقبل تعاطياً مع مظلومية هذه الأمة المستضعفة، وألا يسمح بتكرار المجازر الرهيبة والاعتداءات الغاشمة، وأن يحل السلام، وأن ينتصر الإنسان لإنسانية أخيه.