الغزو من الداخل - عبد الله البردوني -

فظيعٌ جهلُ ما يجري
وأفظعُ منه أنْ تدري
وهل تدرينَ يا صنعا
من المُستعمرِ السِّرِّي
غُزاةٌ لا أشاهدهم
وسيفُ الغزو في صَدري
فقد يأتون تبغاً في
سجائر لونُها يُغري
وفي صدقاتِ وحشيٍّ
يُؤنسِن وجهَهُ الصَّخري
وفي أهدابِ أُنثى في
مناديلِ الهوى القهري
وفي سروالِ أستاذٍ
وتحت عِمامةِ المُقري
وفي أقراصِ منع الحمل
وفي أنبوبةِ الحِبرِ
وفي حريةِ الغثَيان
في عبَثية العُمْرِ
وفي عَود احتلالِ الأمس
في تشكيلهِ العَصري
وفي قنينة الويسكي
وفي قارورةِ العِطرِ
ويستَخْفُونَ في جلدي
وينْسَلُّون من شِعري
وفوق وجوهِهم وجهي
وتحتَ خيولِهم ظهري
غزاةُ اليوم كالطاعونِ
يُخفى وهو يستشري
يُحجِّرُ مولد الآتي
يوشِّي الحاضر المُزري
فظيعٌ جهلُ ما يجري
وأفظعُ منه أن تدري
* * *
يمانيُّون في المنفى
ومنفيُّون في اليمنِ
جنوبيون في (صنعا)
شماليون في (عدنِ)
وكالأعمامِ والأخوالِ
في الإصرار والوَهْنِ
خطى أكتوبر انقلبَتْ
حُزيرانيَّةُ الكَفَنِ
ترقَّى العارُ من بيعٍ
إلى بيعٍ بلا ثمنِ
ومن مستعمرٍ غازٍ
إلى مستعمرٍ وطني
لماذا نحْنُ يا مربي
ويا منفى بلا سكنِ
بلا حلمٍ بلا ذكرى
بلا سلوى بلا حَزنِ؟
يمانيون يا (أروى)
ويا (سيفَ بن ذي يزنِ)
ولكنَّا برُغمِكُما
بلا يُمن بلا يَمنِ
بلا ماضٍ بلا آتٍ
بلا سرٍّ بلا علنِ
أيا (صنعا) متى تأتين؟
من تابوتِكِ العفِنِ
أتسألني أتدري؟ فاتَ
قبل مجيئِه زمني
متى آتي ألا تَدري
إلى أينَ انثنت سُفني
لقد عادتْ من الآتي
إلى تاريخها الوثني
فظيعٌ جهلُ ما يجري
وأفظعُ منه أن تدري
* * *
شعاري اليوم يا مولاي
نحن نباتُ إخصابِكْ
لأن غِنَاكَ أركَعَنا
على أقدام أحبابِكْ
فألَّهْنَاكَ قلنا: الشَّمسُ
من أقباس أحسابِكْ
فنم يا (بابكُ الخُرمي)
على (بلقيسَ) يا (بابِكْ)
ذوائبها سرير هواكَ
وبعض ذيولِ أربابِكْ
وبسم الله جلَّ اللهُ
نحسو كأسَ أنخابِكْ
* * *
أميرُ النفطِ نحنُ يداكَ
نحنُ أَحَدُّ أنيابِكْ
ونحنُ القادةُ العطشى
إلى فضلاتِ أكوابِكْ
ومسؤولون في (صنعا)
وفراشون في بابِكْ
ومن دمِنا على دمِنا
تُمَوْقِعُ جيش إرهابِكْ
لقد جِئنا نجرُّ الشَّعبَ
في أعتابِ أعتابِكْ
ونأتي كلَّمَا تهوى
نُمَسِّحُ نعلَ حُجَّابِكْ
ونستجديك ألقاباً
نُتوِّجُها بألقابِكْ
فَمُرْنا كيفما شاءتْ
نوايا ليلِ سِردابِكْ
نعم يا سيِّد الأذنابِ
إنَّا خيرُ أذنابِكْ
فظيعٌ جهلُ ما يجري
وأفظعُ منه أن تدري