أنس القاضي / مرافئ لا -

الجنوبيون ليسوا رجالاً، والمجتمع في جنوب اليمن لديه قابلية للقبول بالأجنبي، هذه التعميمات والمفاهيم الخاطئة، تردد على بعض ألسن من قبيل كونها حقائق ومُسلمات لا جدال فيها، وهي مجرد ادعاءات زائفة، ينقضها الواقع والتاريخ، وكذلك علم الاجتماع وتاريخ البشرية، فالإنسان بطبيعته نزاع نحو الحرية. 
الطعن في بطولة الجنوبيين جزء من دعايات قوى حرب صيف 94م التي تعززت بفعل عملية محو ممنهج وإجرامي للإرث التحرري الوطني للمجتمع اليمني في جنوب الوطن، وإحلال تاريخ وهمي محله يصور المجتمع اليمني في جنوب الوطن، باعتباره ذليلاً انهزامياً يستلذ القهر والاستعباد. هُندس هذا الخطاب من أجل أن يقبل المجتمع في جنوب اليمن بطغيان قوى حرب 94م، وحتى يكون هناك مبرر لقهرهم على افتراض أن تاريخهم تاريخ مستعبدين ولا مشكلة في استعبادهم مجدداً، وهذا هو جوهر اختلاق مثل هذه الدعايات حول المجتمع في جنوب اليمن.
التاريخ والواقع هما المعيار للتحقق من الافتراضات، وتاريخ المجتمع في جنوب اليمن تاريخ ثوري مُشرف، فثورة 14 أكتوبر المجيدة لم تأت كنتيجة «لثورة» 26 سبتمبر 1962م كما يُريد البعض تصوير الحدث، وهناك فرق بين الظروف الموضوعية في شمال الوطن التي ساعدت ثورة 14 أكتوبر بعد 26 سبتمبر، وبين كون ثورة 14 أكتوبر نتيجة لها وتابعة لها. 
طوال سيطرة المستعمر البريطاني على جنوب اليمن التي امتدت 130 عاماً، حدثت مئات الانتفاضات القبلية والنضالات الشعبية والدعوات التحررية التي ما تكاد تخمد حتى تثور من جديد، وحين دخوله واجه مقاومة شعبية عنيفة بذلت فيها أقصى الطاقات، وقبل ثورة 14 أكتوبر 1963م حدثت إضرابات وعمليات بطولية عسكرية ضد المراكز الحكومية السلطانية الإنجليزية وضد المركبات العسكرية، ولم تخل منطقة في جنوب اليمن من عمليات بطولية ضد الإنجليز وضد السلاطين. 
دخول العدوان إلى المحافظات الجنوبية -وهو الموجود أيضاً في محافظات شمالية- مثل هذا الأمر ليس إدانة للشعب، فهو أمر موضوعي في مجرى الحروب، واليوم أبناء المحافظات الجنوبية ضمن تشكيلات سياسية كمجلس الإنقاذ والحراك الثوري وما دونها، يعبرون عن موقفهم ضد العدوان في المكلا وعدن وردفان والمهرة وغيرها، يهتفون لا تحالف بعد اليوم، وسجون التحالف تعج بالأحرار من أبناء المحافظات الجنوبية، ومنهم من يقاتلون بالبندقية مع الجيش واللجان في لحج والضالع ومختلف الجبهات.