أنس القاضي / مرافئ لا -

مفهوم «كهنوت» من أكثر المفاهيم والمقولات التي ترمى على أنصار الله، وتستخدم كحاجز في محاولة عزل أنصار الله عن الفضاء الوطني في زمن الثورة ومقاومة العدوان والحرب على الجماعات التكفيرية، فكل من يَقفون مع أنصار الله ممن لهم انتماء يساري أو قومي ديمقراطي أو علماني أو أصحاب اهتمامات ثقافية وفنية، يُخوفون بأنهم إذا ما اصطفوا مع أنصار الله فهم يقفون مع جماعة كهنوتية! فهل أنصار الله جماعة كهنوتية؟ وهل من يطلقون هذه المقولة يُهمهم فعلاً ألا نصبح كهنوتيين؟! 
أنصار الله لهم فلسفتهم القرآنية العلوية للدولة، وهذا حق لهم، كما أن لكل حزب وجماعة تصورها عن طبيعة الدولة. وهناك متأثرون بالثقافة الوهابية الشوكانية أو قبليون أقرب إلى البداوة يقومون بتصرفات «طالبانية» معادية للمظاهر المدنية. أما مفهوم «الكهنوت» فلا يوجد ما يشير إلى وجود نزعات كهنوتية لدى أنصار الله، بل إن النزعات التقدمية الحضارية هي الغالبة، فالفكر القرآني الذي جاء به السيد حسين الحوثي هو في طبيعته فكر نهوض معادٍ للكهنوتية وللجمود والسلفية، فالحوثي يرى أن القرآن هدى للناس ويمكن لأي أحد أن يفهمه ولا يحتاج إلى شيوخ علم وكتب تفسير تكفي المعرفة باللغة العربية، بل والأكثر من ذلك ملازم الحوثي مليئة بالدعوة إلى طلب العلوم والمعارف الطبيعية والتكنولوجية من أجل الإنتاج والإبداع والتطور والازدهار كفريضة شرعية، وهذا الخطاب مناهض للكهنوت الذي يحصر المعرفة الدينية على نخبة تعمل كوسيط بين البشر والإله، والتي تحتقر الحياة الدنيا وتدعو الناس إلى شراء مقاعد في الآخرة عبر الطاعة العمياء لهذه النخبة الكهنوتية. 
التهمة هي استمرار للخطاب المعارض للملكية، على افتراض أن أنصار الله امتداد للملكية المتوكلية، وهو أمر ينكره أنصار الله، وفي أكثر من مناسبة أكدوا أنهم مع النظام الجمهوري، وفي حواراتهم ومفاوضاتهم الداخلية والخارجية نشاطهم السياسي في ظل سقف النظام الجمهوري.
هذه التهم هي محاولة عزل أنصار الله عن الفضاء الوطني والشعبي، وكثيراً ما توجه من قبل شخصيات مقيمة في الممالك الخليجية الرجعية أو متحالفة عملياً مع «القاعدة» و»داعش» والإخوان، لا تتخوف على المصير الشخصي لمن ينخرطون في الصراع الوطني مع أنصار الله، بل يتخوفون على مصيرهم الشخصي في ارتباطهم مع تحالف العدوان الذي يُهزم في كل جبهة.