ويبك ديهل
ترجمة خاصة عن الألمانية : نشوان دماج / لا ميديا -

في اليمن، تنفق منظمات الإغاثة العاملة هناك أكثر من 60 إلى 80 في المائة من الأموال التي بحوزتها على موظفيها. أي أن الجزء الأكبر من الأموال المتطلبة بشكل عاجل يتم صرفه في أمور المرتبات والسكن واتصالات الإنترنت ووسائل النقل والوقود، فيما 22 من أصل 28 مليون نسمة في البلاد معتمدون على المساعدات الإنسانية، وسبعة ملايين مهددون بالموت جوعا - بينهم حوالي مليوني طفل؛ فكل 10 دقائق يموت طفل دون سن الخامسة. ذلك ما نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية اليومية في عددها الصادر يوم الاثنين، مستشهدة ببيانات حكومة أنصار الله ("الحوثيين") في صنعاء، والتي كان "المجلس الأعلى لمنسقية الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي" التابع لها قد وجه في مؤتمر صحفي اتهامات خطيرة ضد برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الدولية الأخرى، بأنها تقوم بتوزيع مواد غذائية وأدوية انتهى تاريخ صلاحيتها مسبقا، وأن الأعلاف الحيوانية الموزعة هي من التلف لدرجة أن إنتاج اللحوم انخفض إلى النصف وأن سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم ارتفع إلى أكثر من 10 دولارات، وأنه في غضون ذلك يتم إنفاق مئات الآلاف من الدولارات لتوفير الغذاء لكلاب العاملين في منظمات الإغاثة.
قد يكون السبب في توزيع مساعدات منتهية الصلاحية هو ذلك الحصار المفروض من قبل الأطراف المتصارعة، ولاسيما الحصار البحري والبري والجوي الذي فرضه تحالف الحرب بقيادة السعودية تحت مسمى "الرقابة"، بالإضافة إلى قيام التحالف العسكري مرارا وتكرارا بتفجير الجسور وطرق المواصلات الأخرى، وقيامه عدة مرات بمد مثل هكذا جسور نقل المساعدات.
منظمات الأمم المتحدة هي أيضا لم تلتزم بالاتفاقيات المبرمة مع حكومة أنصار الله، "المجلس الأعلى" في صنعاء، وذلك طبعا كردة فعل على الادعاءات بأن هؤلاء يعيدون توجيه إمدادات المساعدات ويسيئون توزيعها. بل إن برنامج الغذاء العالمي أوقف عمله في الخريف لمدة شهرين في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله. أما السبب في ذلك فهو أن هؤلاء رفضوا إدخال نظام للتعرف على البيانات البيولوجية، والذي اعتقدوا أنه ينتهك القوانين اليمنية. وتقول صحيفة "الأخبار" إن مكتبها تلقى رسائل اعتذار من العديد من منظمات الإغاثة، بما فيها منظمة (CARE) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والتي تم فيها الإقرار بتوزيع مواد غذائية وأدوية ذات جودة متدنية، وكذلك الإقرار بخرقها للاتفاق مع أنصار الله.
في بداية ديسمبر قام الصحفي اليمني أحمد عبد الكريم بتقييم وثائق الأمم المتحدة الرسمية للبوابة الأخبارية (Mintpress) وبناء عليه فإن هؤلاء أظهروا أن 70 في المائة من الأموال ذهبت إلى جيوب منظمات الإغاثة والمنظمات غير الحكومية، وأنه يتم فرض رسوم على أي سلع مستوردة، بما في ذلك البنزين، بينما في الواقع يتم تخفيضها بشكل كبير عن طريق شراء منتجات محلية، بل إنه في بعض الحالات، يقوم الموظفون ببيع سلع الإغاثة تلك لتجار محليين، ليقوم هؤلاء ببيعها للمعدمين، وأن برنامج الغذاء العالمي أنفق حوالي 50 مليون دولار على رواتب ثمانية موظفين فقط.
ووفقا للكثير من شكاوى أنصار الله، يشير عبد الكريم كذلك إلى حالة من الافتقار إلى الحيادية تصل حد التجسس من قبل منظمات الإغاثة التي يعتبر أكبر مانحيها، بالإضافة إلى أن الإمارات والولايات المتحدة والسعودية مسؤولون هم أيضا عن الكارثة الإنسانية. وفي سوريا أيضا تم لسنوات استخدام المساعدات الإنسانية الغربية كجزء من استراتيجية تغيير النظام، حيث لا تقدم المساعدات إلا لأولئك الذين يعيشون تحت سيطرة المعارضة. أما الذين هم تحت حكم بشار الأسد، فيذهبون خاليي الوفاض، الأمر الذي يعد انتهاكا لمبدأ حيادية المساعدات الإنسانية. وثمة تقارير من سوريا أيضا عن عمليات تجسس وأنشطة سياسية تقوم بها منظمات الإغاثة.

الموقع: (jungewelt.de) (العالم الفتي)
3 مارس 2020