تنشر «مرافئ لا» نتاجات شعراء الظل بصورة أكثر تركيزا تتيح للقارئ الوقوف على أبعادها وتخومها، لتصدر هذه النتاجات لاحقا في «ديوان لا» السنوي .
القصائد المنشورة في حواشي هذا الملحق لـ أكرم عبدالفتاح أسحم.


أكرم عبدالفتاح أسحم
 مواليد 1978 جبلة- محافظة إب.
- بكالوريوس نظم معلومات- جامعة الحديدة.
- بكالوريوس إعلام، تخصص صحافة.
 - مدير إدارة النظم في جامعة الحديدة.
- متزوج ولديه 3 أولاد.
- أصدرت السلفية الوهابية (الإخوان) فتاوى تكفير ضده عن مقال نشر له في «الثقافية» عام 2000.
- كما أثارت قصيدته في ملتقى الشعراء العرب 2006، ضجة واسعة محلية وعربية، والتي ينتقد فيها سلطة الحكم حينها. 



سيستغفرونك
كُلُّهم وَلَغوا في دمِك
بالسلاح وبالمال 
بالزيف بالخوف بالموقف المرتبكْ
دولاً وشعوباً وهيئاتِ نـَهبٍ حقوقيةً
وفتاوى مُدبَّجَةً بريالاتِ آلهةِ النفط والوسخ المؤتفِكْ
أنت يا وطني المستباح بدعوى «السيادة»
 أو لإعادة «شرعيَّةٍ» 
تتمرَّغ كالكلب تحت حذاء الملِكْ
ولأنك لم تنكسِر 
فسيستغفرونك يوماً
وتلعنهم أبَداً
بجَلالة صَمتِك رغم الدم المُنسفِكْ
أكرم عبدالفتاح



مغفرة
سأقول لوهمي: أحبكِ 
فيما تقولين للصمت إن العواطف نسبية 
كي تنامي بلا حلم العاشق المنكسرْ 
ستقولين للفتنة المستفزة دِفئا بمرآة غرفة نومكِ: 
لا أحدٌ يستحقكِ
كي تستريح الأنوثة من هاجس الاشتهاء الخطِرْ 
سنخاف من الحب أكثر كي نحتمي منه 
نلعنه كي نبرر خذلاننا لتلهُّـفِ قلبين 
يختلسان التنهد مستغفرَينِ من الشوق 
إذ ينزوي بالتفاتٍ حَذِرْ 
الفِصام يقود خطانا إلى ضِدِّنا
وغريزة حوّاءَ غارقة في ثنائية الشوك والورد
مرهَقةٌ أنتِ من هاجس الصيدِ
مهووسةٌ بتقمص دور الطريدة في لعبة الكائِنَينِ
وعطشى للحظة عشقٍ 
تباغت سهو أنوثتك المستريحة قَسرا
لكي تنهمرْ 
وإذن.. يا انهيار الجنون
فليكن حاصل الوهم ألّا نكون
هكذا تستريح السماء من الانشغال بإحصاء آثامنا
وتنامين هادئةً لا يطاردك الوقت 
مُطبِقةً بيديك على واقع لا انتظار به
للرهان الغبي على زمن ينحسرْ 
أو رهانا بليدا على زمن ينحسرْ 
لن أطارد خوفك
فلتهدأ الساحرات اللواتي 
جمعن بعينيك كل تعاويذهنَّ اللعينةِ
ولتحفظي للحياة ابتسامتكِ المستكينةَ
أحلى النهايات تلك التي تمنح العشق مغفرة القاتل المُنتحِرْ



نِصف مرثية باردة
في اشتباكٍ مع الوهم
تنثر صمتك في الريح
ما قيمة الكلمات التي لم تقلها!
وحتى إذا قلت 
ما الفائدةْ؟
الحكاية خرساء
والصمت راوٍ يجيد التفلسف في حضرة الانطفاء
وليس لنا أن نخاف نهاية ما لم نعِشهُ 
ولم يَعتصِر بعدُ روحين في قبضة واحدةْ
نحن لسنا سوى وهمنا 
أو حصيلة جمع خُطىً تترنح ذاهبة عائدةْ
لا حكاية بعد
ولا أغنيات على البحر تبكي علينا
علينا إذن أن نسير بلا وَجَلٍ 
فالجهات محايدة حولنا
لا «أمامَ» يقودُ إلى حلمٍ
لا «وراءَ» تركناه خلف الخطى الشاردةْ
ولم نقترفْ بعدُ شيئاً يسمّونه «الذكريات» 
فـلا وردةٌ ذبلت بيننا 
كي نرتبَ فينا طقوسَ العزاء
لا جنازةَ تنتظر الدفن
لا شيءَ للانتظار 
ولا حاجةٌ لحِدادٍ هزيلٍ على خطأٍ 
لم نصدّقهُ كي يستحق الرثاء
لا نهايةَ إذ لا بدايةَ أصلاً
وإن كان لا بدّ من فكرةٍ لقصيدةِ أوهامنا
فلتكن كملامحها: نِصف مرثيةٍ باردةْ 


يمــــن
يضيق المكان إذا اتسع الحلم
يختنق الحلم حين يضيق الزمنْ
والبلاد تضيق ليتسع القبر
لكنها أبدا لا تغادر معنى حقيقتها كوطنْ
والسماء كذلك تصغر في ساعة القصف
لكنها تتوسع مفسحة منفذاً للدخانِ
وأرواحِ مَن يصعدون إلى الله مِن نومهم فجأةً
كل شيء يزيد وينقص
يعلو ويهبط
يمتد أو يتضاءل
إلا يقين التي تتكسر أسلحة الكون فوق ابتسامتها المستميتة
- مخذولة؟ 
- ربما..
غير أن الرهانات تسقط بالعالم المتربح من جرحها
وهي تبقى اليمنْ