ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

ماريك ترانسفيلد 
من الحرب الوحشية المعقدة إلى السيطرة على اليمن، كان هناك صدع في تحالف هام. كان يتم إنقاذ حكومة الرئيس عبده ربه هادي، لأنها من ناحية كانت مدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشمل الإمارات. لكن هذا الأمر اليوم بات مشكوكاً فيه. 

خلفية الموضوع
حتى الآن، كانت تعمل السعودية والإمارات معاً لدعم الحكومة اليمنية ضد المتمردين "الحوثيين" المدعومين من إيران في الشمال. لكن في أوائل هذا الصيف، بدأ الانفصاليون الجنوبيون الهجوم على القوات التابعة للحكومة اليمنية، على أمل أن يسيطروا على الجزء الجنوبي من الدولة بهدف إنشاء جنوب يمن مستقل مرة أخرى. وفي وقت سابق من هذا الشهر، سيطر المجلس "الانتقالي" الجنوبي على قواعد عسكرية في عدن -المدينة التي أعدتها الحكومة عاصمة لها بعد طرد "الحوثيين" لها من الشمال. ولا يزال "المتمردون الحوثيون" يسيطرون على مناطق هامة في الشمال الشرقي. وها قد خسرت حكومة هادي المزيد من المناطق الاستراتيجية التي ذهبت لصالح "الانتقالي"، الذي كان مدعوماً ومدرباً على يد الإمارات. 
وهذا من شأنه أن يغير بعض الأمور. ككل، يريد التحالف العربي التخلص من "الحوثيين" المدعومين من إيران في الشمال. ورغم أنها لا تزال جزءاً من التحالف مع السعودية؛ تقوم الإمارات بدعم الانفصاليين الجنوبيين في اليمن لأسبابها الخاصة. والسطور التالية توضح ما يحدث بالضبط. 

انسحاب القوات الإماراتية
في الشهر الماضي، قالت الإمارات إنها ستسحب قواتها من الجزء الشمالي للحديدة. وفي تأكيد للمجتمع الدولي أنها قامت بالتنسيق مع السعودية، أوضحت أنها كانت تحاول أن تتبع فحسب البنود المنصوص عليها في اتفاق الأمم المتحدة للسلام في ستوكهولم، في شهر ديسمبر. وأتى إعلان الإمارات مباشرة في الوقت الذي كانت فيه إيران تقوم بخرق الاتفاق النووي من جانبها، وبمهاجمة ناقلات النفط كما يُزعم في الخليج الفارسي. وفي نفس الوقت، نشر "المتمردون الحوثيون" دليلاً على ضربات الدرون التابعة لهم على المطارات في الإمارات. 
وبعبارات أخرى، بإزالة تواجدها العسكري من الحديدة، تقوم الإمارات بالابتعاد عن السعودية والخط المعارض المتشدد الأمريكي لإيران. بقيامها بذلك، تلوح الإمارات لإيران بأنها تريد الدبلوماسية بدلاً من المواجهة العسكرية في مضيق هرمز بين كلتا الدولتين. 
وما هو أكثر من ذلك -مع انسحاب القوات الإماراتية من عدن- أن الإمارات يمكن أن تلعب دور المتفرج عندما قام المجلس "الانتقالي" الجنوبي -وكلائها- بطرد قوات حكومة هادي خارج المدينة. وكان العنف قد زاد إثر الهجوم على القوات الموالية للمجلس "الانتقالي" اليوم الذي تلى يوم زيارة البعثة الإماراتية لطهران التي زعمها "المتمردون الحوثيون". وبالرغم من هذا، بدأ "الانتقالي" بهجماته على حكومات هادي بحجة أن حكومته هي من كانت خلف ذلك الهجوم. 

جنوب مجزأ
تدخلت السعودية في اليمن في مارس 2015 لإعادة حكومة هادي ومنع "الحوثيين" من الاستيلاء على مناطق استراتيجية أخرى. مع ذلك، أرسلت الإمارات قواتها وعتادها إلى اليمن في يونيو 2015 لاهتمامها الخاص بميناء عدن. 
في 2016، كي تستعيد الشعور بالنظام في عدن، بدأت الإمارات تنشئ ما أصبح يعرف بقوات الحزام الأمني، الذي يشمل مجندين من المقاومة الجنوبية. وبشكل رسمي تحت قيادة الحكومة اليمنية، كانت قوات الحزام معترفاً بها على نطاق واسع كقوات تابعة للحركة الانفصالية الجنوبية. وبدعم قوات الحزام، عززت الإمارات من سلطة القوات الساعية نحو جنوب مستقل. 
ولكي يرضي الإمارات، ضم هادي أعضاء من الحركة الجنوبية الاستقلالية إلى السلطة المحلية بعدن. وكنتيجة لذلك، أصبح أعضاء السلطة المنتمون إلى الحركة يتمتعون بسلطة تمكنهم من تأسيس مجلس انتقالي جنوبي في مايو 2017 يمثلون عبره الجنوب. 
في يناير 2018، تحدى "الانتقالي" الحكومة بالفعل عندما أخذت قواته المدعومة من الإمارات السيطرة على كل عدن تقريباً ومعسكراتها من حكومة هادي. وللاحتفاظ ببعض السلطة في الجنوب، كان يجب على هادي أن يعتمد على المجلس. وبدوره، زاد "الانتقالي" من نفوذه في المؤسسات المحلية التابعة للدولة، في حين تم تعيين الموالين له في مناصب الدولة. وبالاستيلاء على عدن في 10 أغسطس، كان المجلس "الانتقالي" يقوم بإتمام ما بدأ به في 2018. ومع أن المقاومة الجنوبية قد اعترفت بهادي كرئيس شرعي، لطالما كان واضحاً أن المقاومة كانت تدافع عن الجنوب للحصول على الاستقلال مرة أخرى. 
لا يتمتع "الانتقالي" بالدعم بشكل متساوٍ في كل المحافظات الجنوبية؛ مع الولاءات المتحولة للجماعات المسلحة والقبائل المتفرقة، وصل "الانتقالي" إلى حد توسعه العسكري في شبوة، شرق عدن. وبعد أن حاول "الانتقالي" السيطرة على البنية التحتية الحيوية للغاز الطبيعي والنفط، بدأت السعودية تعزز من موقف هادي على الأرض من خلال دفع المرتبات للقوات الموالية للحكومة. وإذا تابعت قوات هادي تعزيز قوتها والسيطرة على مناطق في عدن من المجلس، يمكن أن تخسر الإمارات نفوذها في اليمن. 

الصراع غير المحسوم على السلطة
من خلال دعم "الانتقالي"، تضحي الإمارات بشراكتها مع السعودية. وتقدم كل من السعودية والإمارات نفسيهما كجبهة موحدة، إلا أن الدعم القادم من الرياض لهادي يضغط على الإمارات من منفاه الرياض، لإظهار التزامها الحقيقي بأهداف التحالف العربي في اليمن. وقد ألقى الرئيس المحاصر باللوم على الإمارات في استيلاء المجلس على عدن، وطالب بخروج الإمارات من التحالف. ورداً على ذلك، ذهب مسؤول أمني سابق إماراتي بعيداً ليقترح أن يتم تصفية هادي. 
تحاول السعودية والإمارات تسهيل المفاوضات بين حكومة هادي و"الانتقالي". ومع ذلك، ترفض حكومة هادي المشاركة في المناقشات حتى يترك "الانتقالي" السيطرة على عدن ومناطق أخرى. ولن يقبل المجلس بأقل من الاعتراف به كممثل للجنوب. 
يبقى الوضع في اليمن في حالة تغير دائمة. ستظهر الإمارات التزامها للسعودية، ولن تقوم بأي خطوة أخرى جريئة في اليمن، إن لم يكن وكلاؤها من القوات في موقع سلطة وقوة على الأرض. وسوف تضم الإمارات نفسها إلى الأهداف السعودية إذا كان هادي على رأس صراعات السلطة. 
إن سيطرة "الانتقالي" على عدن سوف تعرض سلامة الدولة اليمنية للخطر؛ ومع "الانتقالي" في الجنوب و"الحوثيين" في الشمال، ستخسر السعودية الحرب. ومع استمرار تغير الأوضاع في الجنوب، يكون لدى كل من السعودية والإمارات التأثير المباشر على الشكل الذي ستبدو عليه الدولة اليمنية المستقبلية. 

"واشنطن بوست"
28 أغسطس 2019