خسائــر بمليــارات الريــالات يتكبــدها الاقتصــاد الوطنــي
منافذ سيطرة المرتزقة.. ممرات للتهريب

قصف نتج عنه قتل الآلاف وتشريد الملايين وتدمير معظم مرافق البنية التحتية، وحصار نتج عنه تجويع ملايين من أبناء الشعب والتسبب لهم بكارثة إنسانية، هذه الجمل هي الإجابة المثالية لمن يسأل عما فعله العدوان الأمريكي السعودي منذ يومه الأول وحتى الآن، ومازالت تظهر أساليب ماكرة وساقطة ابتدعها المعتدون ومرتزقتهم ليضمنوا تردي أوضاع الشعب المعيشية، عله يستسلم لمطالبهم ويخضع لوطأة احتلالهم.
 العدوان يدعم التهريب
 لضرب الاقتصاد الوطني
واكب العدوان خروج عدة ظواهر سلبية تؤثر على حياة المواطن في المجتمع اليمني وتزعزع استقراره، وهذا دليل على وقوف القائمين على العدوان وراء تلك الظواهر، كانتشار تجارة الحشيش، وتحرك الخلايا الإرهابية النائمة، وانتشار السوق السوداء، والآن ظاهرة التهريب سواء للوقود أو للسلع الاستهلاكية الأخرى, وهذه يستفيد منها العدوان في حربه الاقتصادية.
وتتمثل استفادة العدوان من ظاهرة التهريب في ضرب الاقتصاد الوطني ومصادر الإيرادات التي توفرها الضرائب والجمارك للدخل القومي للجمهورية اليمنية, وبقاء هذه المصادر بأيدي القوى الوطنية يحد من تفاقم الوضع المعيشي السيئ للمواطنين، مما يعزز من صمودهم ومجابهتهم للعدوان وتحدياته.
وانتشرت هذه الظاهرة بكثرة تزامناً مع سيطرة العدوان ومرتزقته على المنافذ البرية والبحرية والجوية للجمهورية اليمنية، التي فرضت من خلالها حصاراً جائراً على أبناء الشعب كافة, فاتجهت مافيا التهريب نحو تلك المنافذ، لأن القائمين عليها يسمحون لهم بتهريب ما يريدون من مشتقات نفطية ومواد غذائية وغيرها. وتؤدي عمليات التهريب إلى خلق طبقات مستفيدة من اللاعبين الكبار الذين يتسببون في التأثير سلبياً على البيئة الاجتماعية والاقتصادية، ليكسبوا أوراقاً في البيئة السياسية، يوظفونها لخدمة بني سعود ومن تعاون معهم في العدوان على اليمن.
يقول أحد المسؤولين في شركة النفط والغاز اليمنية إن تهريب المواد النفطية وغيرها يؤدي إلى زيادة التضخم عن وضعه الحالي بسبب زيادة معدلات الطلب، مما يقود إلى ارتفاع معدلات أسعار المنتجات النفطية وأسعار جميع السلع الاستهلاكية، فضلاً عن خدمات النقل والمواصلات التي سيصيبها الضرر بسبب المضاربات السعرية على البنزين والديزل خارج منافذ التوزيع الرسمية, وهذا ما يسعى إليه العدوان من وضع العراقيل أمام صفقات الشركة المستوردة للمشتقات النفطية، وتسهيل ذلك للتجار والمهربين كي يستفيد منهم في إلحاق مزيد من الأذى بالاقتصاد الوطني.

نهب منظم للإيرادات الضريبية
إن الضرائب المفروضة على السلع الواردة إلى البلاد، وكذلك الجمارك، تعد رافداً أساسياً من روافد الدخل القومي، إلى جانب الثروات الطبيعية التي تملكها البلاد, فقد بلغت الإيرادات العامة للضرائب خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي، حوالي 292 ملياراً و144 مليوناً و617 ألفاً و194 ريالاً، لهذا سعى العدوان للسيطرة عليها وجعلها بيد مرتزقته، كونه المستفيد الأول منها, فإلى جانب سيطرته على الثروة النفطية والغاز، يسيطر على الدخل الذي توفره منافذ البلاد البرية والبحرية، ويستغلها في إدخال البضائع المهربة إلى المحافظات الخارجة عن سيطرته, لتفقد الخزينة العامة للدولة 8 مليارات ريال شهرياً كانت تحصل عليها من المناطق الجنوبية والشرقية، وهذا أثر سلباً على الوضع الاقتصادي.
وفي هذا قال مسؤولون في مصلحة الضرائب إن الإيرادات الضريبية للدولة في المنافذ الجمركية في المناطق الجنوبية والشرقية، تتعرض لنهب منظم منذ أشهر، وبضوء أخضر من قبل حكومة الفار عبد ربه منصور هادي، بقصد الإضرار بالبنك المركزي اليمني قبل قرار نقله، وأن مصلحة الضرائب فقدت عشرات المليارات كانت تحصل عليها كإيرادات ضريبية من مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، بعد أن سلم مرتزقة العدوان السعودي في أبريل 2015 المدينة لتنظيم القاعدة الإرهابي الذي سطا على كافة موارد الدولة، ومنها إيرادات الضرائب.
فطوال فترة العدوان تمكنت أجهزة الأمن واللجان الشعبية ومكاتب وزارة الصناعة والتجارة وجهاز الرقابة، من ضبط كميات كبيرة من البضائع المهربة القادمة من مناطق سيطرة العدوان ومرتزقته, وتمثلت في مواد غذائية وأدوية وسجائر وغيرها, لمنع ضرب الإنتاج المحلي الذي يوفر ولو القليل لميزانية الدولة.

40 مليار ريال خسائر الضرائب
من تهريب السجائر
شركة التبغ والكبريت الوطنية تأثرت كثيراً من العدوان والحصار، كونه أوقف تصدير منتجاتها إلى الخارج، وباتت لا تملك سوقاً غير المحلية, وليس ذلك فقط، بل زاد الطين بلة بروز ظاهرة غزو السجائر المهربة للسوق المحلية، التي أدت إلى انخفاض مبيعات الشركة داخلياً، لأن هذه السجائر المهربة بعضها ذو جودة ويباع برخص، وبالتالي فإن المتعاطي يفضل شراء المهربة، خصوصاً في مثل هذه الأوضاع المعيشية السيئة.
ويتحدث موظفون في الشركة أنه في الفترة الأخيرة بدأت الشركة تعاني من انخفاض مستوى مبيعاتها، والسبب في ذلك هو اجتياح السجائر المهربة للسوق المحلية, وهذا يؤثر سلباً على الشركة، وينعكس هذا التأثير على حجم الإيرادات التي كانت توفرها للدولة شركة التبغ والكبريت الوطنية, خصوصاً وأن الشركة كانت تقدم مبالغ مالية كبيرة لعدد من الصناديق الخدمية، وانقطاع تقديم تلك المبالغ سيؤثر حتماً على مستوى المعيشة لدى المواطنين.
وتفيد معلومات بأن مصلحة الضرائب فقدت ما يقارب 2,5 مليار ريال شهرياً كانت تحصل عليها كضريبة مبيعات من شركة التبغ والكبريت الوطنية، بسبب تصاعد تهريب السجائر الخارجية وإغراق السوق بأكثر من 40 نوعاً من السجائر مجهولة المصدر، مؤكدة أن إجمالي الإيرادات التي كانت تحصل عليها المصلحة من ضريبة المبيعات على السجائر الوطنية في الوضع الطبيعي، كان يصل 62 مليار ريال سنوياً.
 كما أن الخسائر الإجمالية التي تكبدتها مصلحة الضرائب منذ بدء العدوان حتى الآن بسبب تهريب السجائر، بلغت حوالي 40 مليار ريال، بالإضافة إلى مليارات الريالات كانت تحصل عليها الصناديق الحكومية كصندوق المعاقين وصندوق الشباب، من مبيعات السجائر الوطنية، وفقدتها في ظل الظرف الصعب الذي تعيشه بلادنا بسبب تنامي ظاهرة تهريب السجائر إلى الأراضي اليمنية.
يقول أحد المواطنين لأسبوعية (لا): السجائر المهربة أرخص من ناحية السعر, لذا يلجأ الكثيرون إلى اقتنائها وترك المنتجات المحلية نظراً لانخفاض سرعها مقارنة بالمحلية، خاصة في ظل الظروف المعيشية الراهنة. وبالفعل لاحظت ظهور هذه السجائر في البقالات وفوق العربيات في الشوارع بكثرة منذ الأشهر الأخيرة للعام الماضي.

منافذ سيطرة المرتزقة
مفتوحة أمام التهريب
ومع وجود سلع مهربة ومتنوعة في السوق المحلية واستمرار تدفقها إليه, فإن ذلك سيؤثر على معظم شركات الصناعة المحلية, لأن معظم السفن التي تحمل تلك السلع تدخل إلى موانئ عدن والمكلا وحضرموت دون أن تدفع ضرائب وجمارك بضائعها، لأن مرتزقة الفار هادي وحكومته في الرياض أسقطوا الإيرادات الجمركية والضريبية في تلك الموانئ، واستبدلوها بفرض جباية غير قانونية تمثلت في مبالغ مالية على كل حاوية تدخل الميناء، ثم يقومون بتوريد تلك الأموال إلى حسابات خاصة.. يقول صالح محمد (اسم مستعار)، أحد مواطني مدينة عدن، لـ(لا): نرى بضائع مهربة كثيرة أبرزها السجائر تملأ الأسواق في عدن وغيرها من المدن الجنوبية, وتلك البضائع تدخل من ميناء عدن وميناء المكلا دون أن تجد أية ممانعة من قبل القائمين على الميناءين, ومعظم تلك البضائع تتجه نحو صنعاء والمحافظات الشمالية، ويبدو أن هناك هدفاً وراء ذلك يخفى علينا في الجنوب, وما إن نصل صنعاء حتى ندرك أن تلك البضائع يتم تعمد تهريبها للمناطق الشمالية للتلاعب بالاقتصاد الوطني.
من جانبها، تسعى حكومة الإنقاذ الوطني جاهدة من خلال لجنتها العليا لمكافحة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي، للحد من هذه الظاهرة ومكافحتها من أجل الحفاظ على موارد البلاد, وكانت وزارة المالية في حكومة الإنقاذ قدمت عرضاً حول الإجراءات المختلفة الواجب اتخاذها لتفعيل وتعزيز إجراءات مكافحة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي، بما يضمن تفعيل مستوى الأداء في هذا الجانب على المستويين المركزي والمحلي، ويحقق الغايات المرجوة في الحد من هذه الظاهرة وتأثيراتها على الأمن القومي والاقتصاد الوطني والصحة العامة والمجتمع، وتضييق الخناق على المهربين.