يشطبونها من قائمة الاتصالاتِ الدولية، اعتقاداً منهم أنهم يطمسون هويتها العربية، ويعزلونها عن التواصل بأشقائها العرب والعالم، متناسين أنها عربية الهوى والهوية، ونظراً لوضع عراقيل للتواصل مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إلا أن أشقاءهم العرب لا يعدمون الوسيلة في الاتصال المباشر معهم بأية طريقة توصلهم إليهم، خاصة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، حسبما قال الكثير ممن التقتهم (لا) عبر هذا الاستطلاع، فالتشارك الوجداني والروحي مع الأشقاء هناك مثله مثل أية دولة، وإن وجدت الموانع التي تحد من ذلك.
البحر المفتوح
تظل فلسطين البلد الوحيد المشطوب من قائمة الاتصالات الدولية، بسبب الاحتلال، حيث تم حجز كود البلد الخاص بها وهو (970+)، ويستخدم هذا الكود غالباً عند الاتصال من الدول العربية إلى المناطق التابعة لحكم السلطة الفلسطينية.
يتحدث عما إذا كان قد أجرى مكالمة إلى فلسطين، وهل تعتبر الجهات المختصة ذلك تواصلاً طبيعياً أو لا؟ يقول عبدالقادر سليمان، طالب جامعي: بالنسبة للمجتمع اليمني فالاتصال من وإلى أي مكان في العالم أمر طبيعي، ربما يتكرر آلاف المرات في اليوم الواحد، حتى إن كان الاتصال إلى الأراضي العربية المحتلة من قبل الكيان الصهيوني، ولكن هناك جهات تعتبر الاتصال إلى أية دولة قد يشكل خطراً، وربما تفرض على تلك الاتصالات رقابة مستمرة - وقد يكون لهم الحق في ذلك - من أجل أسباب يعرفها الجميع، فضلاً عن الاتصال إلى مناطق يغتصبها الكيان المحتل. 
أما عن إذا ما قد سبق له إجراء مكالمة إلى الأراضي المحتلة، يضيف عبدالقادر: لم يسبق لي الاتصال إلى الأراضي المحتلة، وليس لي صديق فيها، ولو سنحت لي الفرصة سأتصل إليها، ولكن لفلسطيني وليس لصهيوني، فالأخير عدو، ولا خلاف في هذا. 

لا تُكتب في خارطةِ الأرقام الدولية
فلسطين الجريحة، والتي تخلى عنها العرب إلا من رحم الله، لا تكتب في خارطة الأرقام الدولية.. بتلك العبارات اختتم عبدالقادر رأيه، وأضاف: لأن من يسيطر على مراكز المعلومات وقواعد البيانات هم اليهود، ولذلك يتحكمون بالعالم، ويتعمدون ذلك حتى يمحوا اسم فلسطين ويضعوا اسم إسرائيل بديلاً عنه، ولا غرابة أن يحذفوا أسماء دول أخرى، لأن أطماع صهيون لا تتوقف عند فلسطين فحسب، بل تتجاوز ذلك حتى العبور إلى ما يسمونه (البحر المفتوح).

الاتصال إليها مربك 
تميم محمد، كاتب، يقول إنه اتصل بضع مرات بأصدقاء فلسطينيين، ولا يحدث الأمر كثيراً، لكنه حدث، وفي الحقيقة يبدو الاتصال إلى فلسطينيين مربكاً جداً، خاصة حين يرغب أحد أصدقائك في الاطمئنان عليك، فيما أنت في بلد مستقل وحر وهو يرزح تحت الاحتلال.
يضيف تميم: لا أدري كيف تعتبر الجهات المختصة التواصل مع فلسطينيين، لكن لم يحدث أبداً أن تعرضت لأية مساءلة. وعلى أية حال من يتصلون بي من هناك هم غالباً زملاء من الوسط الأدبي العربي، أو ناشطون تعرفت عليهم في أنشطة منظمات مجتمع مدني عالمية.
يختم تميم أنه يكتب في قائمة أرقام هاتفه (رقم صديقي)، فقط لم أنتبه لفكرة أن فلسطين مكتوبة أو إسرائيل، فذلك شيء عادي جداً، خاصة مع تحكم اللوبي الإسرائيلي بقيادة عوالم الوسائط الرقمية، حسب رؤيته.

تجمعني بهم قضية مشتركة
لم أتصل يوماً، والسبب: استحالة التواصل بإخواننا في الأراضي المحتلة، لأن الأنظمة العربية هي الأدوات الفعلية لتغييب قضية فلسطين وحصار أبنائها، وهي من تسعى لخطب ود إسرائيل، وتصنف كل من يقاوم الاحتلال ضمن قائمة الإرهاب، وتضع كل من يتواصل معهم أو يدعمهم في دائرة الاتهام. هكذا تحدث عبدالوهاب الديلمي، شاعر، وأضاف أنه يكتبها بهاتفه فلسطين لسبب بسيط: وهو أن لا وجود لدولة اسمها إسرائيل. 
وأضاف: مؤكد لي أصدقاء كثر هناك تجمعني بهم قضية مشتركة، ومصير مشترك، قائم على وحدة الدين واللغة، إضافةً لزمالة الحرف (الشعر والأدب)، لكن تواصلي معهم يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي فقط (فيسبوك وواتساب). 
وختم الديلمي رأيه ومن منظوره الخاص: إذا أردنا أن تنهض الأنظمة العربية لتحرير القدس وبقية الأراضي المحتلة، أو على الأقل كسر العزلة الدولية عن الشعب الفلسطيني، فعلينا أن نعلن القدس عاصمة لحركة حماس، أو حزب الله، وحينها ستهب كل جيوش العرب لتحريرها وعلى مسؤوليتي، حسب تعبيره.

سياسة ممنهجة
أحياناً تعتبره بعض الدول تجسساً، وأحياناً لا تعتبره كذلك، ففكرة فلسطين ليست في قائمة الهواتف سياسة ممنهجة لأنظمة التبعية للقطبين طبقاً لوكلائهم الإقليميين لدينا. كما افتتح مداخلته عبدالجليل اليوسي (صحفي وناشط مدني) عن الموضوع، وأضاف: تكتب وبكل أسف إسرائيل، ولن نعترف بها إلا فلسطين دولة ذات كيان، حرة أبية، وعاصمتها القدس، شاءت دول المصالح الاستراتيجية أو لم تشأ، القضية الفلسطينية يعبث بها الأعضاء الخمسة بمجلس الأمن، وهم يبيتون تصفيتها تماماً، وأنى لهم ذلك.
وختم اليوسي أن لديه أصدقاء، خاصة بعد التسارع التكنولوجي والمعلوماتي، وأنه تعرّف عليهم عبر مواقع الـ(social media)، ويفتخر بهم، ووجه إليهم رسالة قال فيها: نحن معكم وإليكم، ولا تلتفتوا لمنظومات الاستبداد السياسي والاستعباد الديني في الوطن العربي، فالشعوب تناهضهم في ذلك كله.

حساسية
عمار الكحلاني (إعلامي) يقول إنه لم يسبق له الاتصال إلى فلسطين، على اعتبار أنه لا يوجد شيء يستدعي ذلك كأقارب أو زملاء متواجدين في الأراضي المحتلة، ويضيف: وإذا وجد لي أي سبب من الأسباب، بإمكاني الاتصال بشكل طبيعي، لأنها ضرورة.
ومسألة مفتاح الخط الدولي لأنه ليس لفلسطين بل لإسرائيل، هناك حساسية في هذا الأمر، لكن هذا لا يمنع من التواصل مع الأقارب والزملاء إذا وجدوا معنا في فلسطين أو غيرها.

تهمنا جميعاً كعرب
أما صفاء مجعار (طالبة جامعية) فتؤكد أن التواصل مع الأراضي المحتلة أمر طبيعي، فالمجتمع والجهات الرسمية لا تعارض تواصل أبنائها مع أبناء شقيقتها، لإيمانها بالقضية الفلسطينية، وأن فلسطين دولة عربية والكيان يحتل أرضها. 
وتضيف صفاء: فأمرها وتطوراتها على الأرض تعني الجميع، أرضنا المحتلة تهمنا جميعاً كعرب، ويتم التواصل عن طريق الإنترنت من خلال برامج التواصل كالفيس، والواتس وتويتر. حذفوا فلسطين من قائمة الأرقام لأنهم لا يريدون الاعتراف بها كدولة عربية مستقلة، ودائماً ما يسعون لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، بدلاً من فلسطين، وهذا ما حدث بالفعل في عام 2017.

الشبكة لديهم مشوّشة
نعم اتصلت إلى غزة عام 2001، لا يوجد أي تجسس من قبل الجهات المختصة لبلدي، وإنما الشبكة لديهم مشوشة في الاتصال، وكانت تفصل، كأن هناك مراقبة من قبل إسرائيل، حسبما يقول خالد الروحاني، المدير التنفيذي لمؤسسة إعلام اليمنيين الإعلامية والثقافية، ويضيف: المفتاح ليس مشطوباً، كان مفتاح فلسطين 00970 في المفاتيح الدولية، وكان لدي مركز اتصالات من عام 1998 إلى عام 2007م. ويختم الروحاني: نعم لدي أصدقاء، لكن انقطع التواصل منذ فترة طويلة. 

يكتبون إسرائيل
فاطمة رشاد، صحفية في (14 أكتوبر)، تقول: بحثتُ مرة في (جوجل)، ووجدت اسم فلسطين مشطوباً، ويكتب إسرائيل، وكذلك في الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر لي إسرائيل، وليس فلسطين، علماً أن صديقتي التي أتواصل معها تقيم في القدس.

كنت أتصل يومياً
الشاعر أحمد عطاء يقول إنه قبل 7 سنوات، وأثناء العدوان على غزة، اتصل بأحد أصدقائه هناك حتى نهاية العدوان بشكل يومي أو كل ثاني يوم. يضيف: بالنسبة للجهات المختصة لا أعرف بالضبط، ولم تأتني منهم أي رسالة رغم اتصالاتي التي استمرت أكثر من 10 أيام.
ويختم: مكتوب فلسطين بالتأكيد، وإسرائيل مغتصبون لا أكثر، لا يوجد لديهم أرض أصلاً حتى تسمى إسرائيل.
وقبل عامين كان هناك شاعرة من فلسطين، ولكنها في الحدود، وأعتقد أنهم محسوبون ضمن إسرائيل، وكانت تتواصل بي للاستشارات اللغوية اتصالاً على (ماسنجر)، حتى ذات يوم اتصلت على هاتف منزلنا وهاتفت أمي وإخوتي، وصاروا أصدقاء.

ملتقيات فنية مع فلسطينيين
وللأدب والفن والحرف تشاركات روحية تربط المبدعين في أنحاء الوطن العربي، ومنها اليمن، يتحدث عن ذلك الفنان التشكيلي ناصر مرحب، أستاذ مادة علم الجمال بالمعهد العالي لإعداد وتأهيل المعلمين، ومدير بيت الفن بالمحويت، ويقول: اتصلت بفلسطين أيام العدوان عام 2009 على غزة، ولدي أصدقاء فنانون تشكيليون، التقيت بهم في ملتقيات فنية، في مصر والجزائر وليبيا والأردن وسوريا. أتواصل حالياً معهم بمواقع التواصل، ومنها تويتر وفيسبوك.
أما أسماء الجعدي، ناشطة مجتمعية ومدربة بعدة مجالات، ورئيسة مبادرة (أنا موجود)، ومدير تنفيذي لدى معهد (زدني علماً)، فتقول إنها ترى الأمر عادياً، مثلها مثل أية دولة، وتضيف: ليس لدي صديق هناك، وإذا لدي صديق سيكون التواصل طبيعياً جداً. وأشقاؤنا الفلسطينيون مبدعون جداً. وتحكي عن مشاركة لها تقول: شاركنا في مسابقة دولية، وكان للفريق الفلسطيني أضخم مشروع قدم أثناء المسابقة.
وتضيف: فلسطين لا تكتب أعتقد بسبب الاحتلال، وبسبب سكوت العالم العربي عن هذا الأمر.

الحصول على العضوية
ما يؤكد حقيقة ما تعانيه فلسطين المحتلة هو اجتماع وزراء الاتصالات العرب الذين أكدوا دعمهم وتبنيهم بشأن طلب فلسطين من أجل الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد الدولي للاتصالات، حتى تقديمها لمشروع القرار بهذا الشأن في الوقت الذي ترتئيه، في لقاء جمعهم نهاية 2017م، على ضرورة قيام الإدارات العربية، وبصفة خاصة الأعضاء في مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات، بالتنسيق مع الأمين العام للاتحاد الدولي، لوضع آلية تضمن تنفيذ القرارات الخاصة بفلسطين، وأبرزها القرار 99 والقرار 125 (المراجعين في بوسان 2014) الصادرين عن مؤتمر المندوبين المفوضين، والقرار 18 المراجع في المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات في بوينس أيرس 2017، ومتابعة التقرير الدوري المقدم من الأمين العام للاتحاد بشأن القرارات الخاصة بفلسطين.