من بشاعات «الرجل الأبيض»
 

كارلوس شهاب

كارلوس شهاب / لا ميديا -

في العام 1943 ظهرت علامة فارقة في تاريخ الطب، فارقة لقذارتها وبشاعتها كانت هذه تجارب الطبيب النازي جوزيف مينغل في معسكر أوشفيتز على المعتقلين التوائم، كان مينغل يجري تجاربه سعياً لفهم الوراثة وتحسين النسل يسابق فيها عدة علماء من عدة اختصاصات للوصول إلى فهم الوراثة وانتقال المعلومات والشفرات من جيل إلى جيل، منهم إروين شرودنجر في دبلن، أوزوالد في نيويورك، آلان تورنج في بليتشلي، كلود شانون في نيوجيرسي. وفي سباقه المحموم هذا قتل مينغل عشرات التوائم في اختباراته دون أن يصل لشيء، خُلد مينغل كسفاح وهو يستحق، ولكن خلده الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية.
قبل مينغل بحوالي قرن كان هنالك طبيب أمريكي في ولاية ألاباما، هو جيمس ماريون سيمز، كان هذا الرجل يجري تجارب جراحية على النساء ذوات البشرة السوداء، وتركزت تجاربه على علاج الناسور المثاني عند النساء، ليست بشاعة سيمز في أنه كان يجري جزارته على نساء عبيد دون أن يكون لهن قرار، بل إنه كان يجري العمليات دون تخدير، وتعليله لهذا أن العمليات لم تكن مؤلمة، هذا ما أشاع به لطلابه عام 1857، لكن سيمز خُلد بشكل مشرف كوالد "أمراض النساء الحديثة"، ولم يتم التوقف عند قباحته. في العام 1932 وفي نفس الولاية المنكوبة رعت الحكومة الأمريكية تجربة عُرفت باسم تجربة "توسكيجي"، والتي تتولى إجراء تجارب مرض الزهري على 600 رجل أسود، أُصيب منهم 400 بهذا المرض، وكان غرض الدراسة هو دراسة مراحل تطور المرض حتى الموت، لذلك لم تُعط علاجات البنسلين المتوفرة. 
لذلك ليس هنالك غرابة في ما ينويه الفرنسيون من تجريب اللقاحات على الأفارقة، وهم لا يخجلون بالمناسبة، وليست تجارب سرية في الأقبية، بل هم يقتدون بالولايات المتحدة الأمريكية رائدة العالم الحر التي لديها خبرة أكثر من قرن في التجريب على أجساد الأفارقة "خدمةً للعلم والتقدم".
*  كاتب وباحث عراقي

أترك تعليقاً

التعليقات