لا حق لمن راهن على إسقاط دمشق أن يتحدث عن المصير
- إدريس هاني الأثنين , 18 أغـسـطـس , 2025 الساعة 12:21:56 AM
- 0 تعليقات
إدريس هاني / لا ميديا -
سيرة القردة الثلاثة التي "لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم" باتت مفرومة حين حل الثالث المرفوع في المهزلة العربية الرسمية، إذ باتت لا ترى ولا تسمع، لكنها تتكلم كثيراً.
لقد فقد الحديث في السياسة آخر معانيه، فهذا طور الإهانة العظمى، طور الاستلاب الأعظم. فلقد قرر الاحتلال أن يبوح بمهمته التاريخية، مهمة روحية تنتهي بقضم الجغرافيا العربية. إن قيام الإمبراطورية التلمودية ليس فقط يناقض أنشودة الإبراهيمية ووهم التعايش مع قادة الإبادة الجماعية وحروب التطهير، بل هذه الإمبراطورية لها مهمة لا رجعة عنها: القضاء على الوجود العربي.
لم يعد هناك ما يخفى من خطاب ينقل كل أهداف الاحتلال. والواضح أن النظام الدولي يمنحه تلك الشرعية ويغطي على الأعمال العدوانية، التي تقع في مقدمة هذا المشروع. وقد بات الوجود العربي، بمسلميه ومسيحييه وسائر مكوناته، هدفاً لهذا المخطط الهمجي.
بهاليل السياسة العربية يعتقدون أنهم أشطر من غيرهم حين يعاكسون الحكمة الخالدة للحرب: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض". بل الأغرب أن تصفيقاتهم الحارة وفرحتهم البليدة بإسقاط دمشق، كانت مقدمة لما حصل اليوم، إذ إن مكوناً مهماً في النسيج الاجتماعي السوري بات يطالب بتدخل الكيان، كما حصل بالسويداء. هذا ليس جديداً، بل كان متوقعاً حتى الثمالة.
نسائل اليوم أولئك البلداء الذين تحمسوا لإسقاط سورية: أين مواويلكم وقراءاتكم التافهة؟! ألم ننبهكم يا رؤوس البغال بأن إسقاط سورية سيضعنا أمام نظرية الأواني المستطرقة؟! متى كان الظلاميون، الذين تحالفوا مع العدو لإسقاط دولة عربية، مع الديمقراطية، وقد رأيناهم يناصرون التطرف القاعدي في سورية؟! ألم يدركوا بعد أن الأسد كان آخر قائد حمى سورية من العدوان والنسيج الاجتماعي من التمزق؟! ستلاحقهم لعنة الأسد حتى آخر رمق؛ لأنه كان أنقى منهم وأوفى، وهذا حديث للتاريخ لا لبنات آوى؛ لأن ما يحدث كفيل بأن يضع تحت الأقدام كل هذا الشريط من التشنيع ضد بطل لم يوقع. إن الحقد غالباً ما يؤدي إلى الدمار، وها قد دمروا آخر قلاع الصمود وسلموا دمشق لحرافيش الإيغور.
لقد ساهم الطابور الخامس وسلالة الظلامية في تقويض مقدرات العرب. وهاهم يراهنون على سلاح المقاومة، ليمهدوا الطريق للنتن كي يواصل تغيير معالم "الشرق الأوسط"، الذي لن يكون فيه للعرب مكانة إن هم غطوا في سباتهم. من ساهم ظاهراً أو باطناً في إسقاط سورية، ليس له الحق في أن يتباكى اليوم على المهزلة العربية. لقد ساهموا فيما سيكونون فيه عبيداً طائعين.
إن الجهل والنفاق متى اجتمعا في أمة، حل بها الخراب.
المصدر إدريس هاني
زيارة جميع مقالات: إدريس هاني