البطاقة السلعية.. حاجة أم اختراع؟!
وكيل وزارة الصناعة لقطاع التجارة الداخلية:البطاقة ليست إلزامية  ويستطيع الموظف شراء أية سلعة بما لا يتجاوز %40 من صافي الراتب

في مواجهة أزمة الرواتب ابتكرت حكومة الإنقاذ حلاً لم يسبق له مثيل عبر نظام (البطاقة السلعية)، بعد أن اكتشفت أن لدى التجار مخزوناً هائلاً من السلع الغذائية والاستهلاكية، لكن مشروع البطاقة السلعية أثار الكثير من الجدل بين المتشككين والمؤيدين، حيث ينظر البعض للمشروع على أنه مجرد مغالطات ستفضي إلى تسمين القطاع التجاري، ويخفف في نفس الوقت من عبء مسؤولية الحكومة بدفع الرواتب. بينما يرى آخرين أن مشروع البطاقة السلعية يمثل ضرورة حتمية لإنقاذ شريحة موظفي الدولة من خطر المجاعة.
صحيفة (لا) حملت تساؤلات الشارع، ووضعتها أمام الأستاذ منذر الشرجبي، وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع التجارة الداخلية، الذي أشار إلى أن درء خطر المجاعة كان المحرك الأول للمشروع الذي سيتم على أساس المنفعة المتبادلة بين التاجر والمستهلك، ستلعب فيه الحكومة دور الضامن للسداد، على عكس البطاقات التموينية التي إما تقدمها بعض الحكومات مجاناً أو بسعر مدعوم، لافتاً إلى أن البطاقة السلعية غير ملزمة لمن لا يرغب من الموظفين، وأنها سترافق بحملة رقابة مشددة تحول دون استغلال حاجة الموظف.
وأوضح الشرجبي أن الحكومة غير قادرة على فعل أي شيء في ما يخص توفير المواد الغذائية، بعد أن تخلت عن دعم السلع الغذائية سنة 97م، في الوقت الذي ترفض فيه البنوك الخارجية حالياً فتح أي اعتمادات استيراد من البنك المركزي في صنعاء، في إطار الحصار الممنهج الذي تتعرض له اليمن.
مخزون بحاجة للتصريف
 كيف تم إعداد مشروع البطاقة السلعية؟
أول خطوة لعملية إنشاء البطاقة السلعية كانت في 7 يناير 2017م، حين تم تدشين الحملة الوطنية الأولى لحماية المستهلك، وكان لهذه الحملة عدة أهداف، من ضمنها حصر المخزون لدى التجار المستوردين وتجار الجملة في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، من خلال لجان مكونة من المواصفات والمقاييس وحماية المستهلك والمجالس المحلية ومن وزارة الصناعة والتجارة. وأثناء رفع التقارير من اللجان تبين لنا وجود مخزون مهول لدى التجار يكفي لـ7 أشهر، خاصة من المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية. وكان مجلس الوزراء والمجلس السياسي ناقشا قبل الحملة إمكانية حل مشكلة رواتب الموظفين، والوضع الصعب الذي يعايشه الموظفون. ومن أجل مساعدة الموظفين تم وضع المقترح من قبل رئاسة الوزراء وتكليف وزارة الصناعة والتجارة بالعمل على موضوع البطاقة السلعية للموظفين، وفي ضوء توجيه رئيس الوزراء قمنا بتشكيل لجنة من الإدارات المختصة بوزارة الصناعة والتجارة، وقد قامت هذه اللجنة بإعداد النظام للبطاقة السلعية، وليس البطاقة التموينية، لأن البطاقة التموينية تندرج تحت دعم الدولة، أما البطاقة السلعية فإنها تستقطع من راتب الموظف وتسدد بالآجل، وقد تم إعداد نظام البطاقة السلعية على أساس تحديد أهمية هذه البطاقة، والرؤية المستقبلية لها، والاستراتيجية الخاصة بالبطاقة السلعية، واعتمدها الأخ وزير الصناعة والتجارة، ووجه بإعداد قرار إنشاء وتطبيق البطاقة السلعية، ثم صدر القرار من رئاسة الوزراء رقم 18 لسنة 2017م بتطبيق نظام البطاقة السلعية.

الوزارة تعرف
 هل هناك جهات من خارج الوزارة اشتركت في إعداد مشروع البطاقة السلعية؟
كلا، لا توجد جهات أخرى اشتركت في إعداد البطاقة السلعية، لأننا نحن في وزارة الصناعة والتجارة أصحاب الاختصاص في جرد ومعرفة المخزون لدى التجار والكميات المستوردة أو الكميات القادمة في عرض البحر على متن السفن، ونحن المخولون بمعرفة هذه التفاصيل بدرجة رئيسية، وعلى هذا الأساس صدر القرار، وتم إعداد اللائحة الخاصة بالقرار، وصدرت اللائحة الخاصة بتنظيم منح البطاقة السلعية للموظف.

بدون أرباح
كيف تقيمون مستوى تعاون التجار مع البطاقة السلعية في ظل أزمة السيولة؟
عقدت الوزارة ورشة عمل حول موضوع البطاقة السلعية، وخلال الورشة أبدى عدد من التجار استعدادهم لتزويد الموظفين بالمواد عبر نظام البطاقة السلعية أو القسائم الموزعة إلى فئات من 5 آلاف إلى 20 ألف ريال، بحيث يتجه الموظف إلى المتجر أو السوبر ماركت بموجب القسيمة أو البطاقة السلعية، وبدون أي أرباح.
والحقيقة أن هناك تعاوناً من القطاع الخاص، ومنذ بدأت الوزارة بنشر الإعلان الخاص للتجار الراغبين في التعامل مع نظام البطاقة السلعية في الصحف، ابتداء من تاريخ 13 مارس الجاري، توافد عدد من التجار والمؤسسات التجارية، وأهم مسألة لدى التجار تتمثل بضمان تقييد المبالغ المستحقة لهم على حساباتهم الخاصة في البنوك، والاستعداد الذي أبداه التجار للتعاون مع نظام البطاقة السلعية يعطي إيحاء بأن التجار لديهم مخزون.

التفاؤل في مواجهة الأزمة
 هل أخذتم بعين الاعتبار أن التجار يمكن أن يوقفوا التعامل مع مشروع البطاقة السلعية في حال لم تورد لهم سيولة بعد مضي أشهر من التعامل بحكم أزمة السيولة الراهنة؟
نحن متفائلون بالخير (تفاءلوا بالخير تجدوه)، ونحاول حل أزمة راهنة وكارثة مجاعة قادمة، ونحن بعملنا هذا نحاول جاهدين تسهيل وإيجاد مواد غذائية لإنقاذ الموظفين من خطر كارثة المجاعة التي تهدد الجميع، ونحن نعمل بتوجيهات القيادة السياسية وقيادة وزارة الصناعة والتجارة لحل الأزمة الراهنة عند الموظفين.

الدفع للتجار سيسهل
البطاقة السلعية
رئيس الوزراء قال خلال تقديم تقرير المعالجات الاقتصادية أمام البرلمان ، في 11 مارس الجاري، إنه سيتم تسديد 50-60% من رواتب الموظفين لعدة أشهر دفعة واحدة، للتجار ضمن مشروع البطاقة السلعية، مما خلق تساؤلاً لدى العامة إذا كانت هذه المبالغ موجودة، لماذا لا تدفع للموظفين بدلاً من التجار؟
نتمنى أن يتحقق كلام رئيس الوزراء بخصوص المبالغ والدفع سواء بنسبة 50% أو 60% من المستحقات المتراكمة للموظفين، ونتمنى أن يتم تطبيق حديث الأخ رئيس الوزراء، ويتحول إلى أفعال، وإن تحقق هذا سيؤدي إلى تيسير البطاقة السلعية، وهذا السداد سيكون للموظف، لأن موضوع البطاقة السلعية اختياري، وليس إلزامياً على الموظف، وأهم مسألة عند الدولة حالياً هي الحد من الأزمات المتعلقة بتوفير احتياجات المواطن من السلع الغذائية والاستهلاكية، خصوصاً أن هناك طابوراً خامساً يعمل على خلق الإشاعات عند عدم توافر المواد الغذائية، بغرض خلق حالة من الهلع ودفع الناس للتزاحم وتكديس المواد الغذائية. ومنذ بدء العدوان اتجه كثير من المواطنين إلى تكديس المواد الغذائية التي تفوق احتياجهم، والتي تلفت بالأخير وهي مخزنة في البيوت. وقد دأبت الوزارة منذ بدء العدوان حتى الآن على تطمين المواطنين بأن المواد الغذائية متوفرة، وفد عملت وزارة الصناعة والتجارة من أول يوم للعدوان في 26 مارس 2015م، على الالتقاء بالتجار، ودفعهم لاستيراد المواد الغذائية، وخاصة مادة القمح. ونحن نطمئن الجميع مجدداً بأن المواد الغذائية متوفرة رغم الحصار، وحتى إن قام العدوان بضرب وإغلاق ميناء الحديدة، فلا يوجد ما يثير القلق، والمواد الغذائية متوفرة لمدة تكفي من 6 إلى 7 أشهر.

الدولة تخلت منذ عام 97
ألا يعتبر مشروع البطاقة السلعية تسليماً من قبل الحكومة لصالح التجار، وبما يعزز من سطوة رؤوس الأموال على الدولة، ويجعلها رهينة للقطاع الخاص؟
أصلاً الحكومة قد سلمت للقطاع الخاص منذ سنة 97، الوزارة رفعت الدعم عن المواد الغذائية منذ ذلك الحين، حيث كانت المواد الغذائية المتمثلة بالقمح والدقيق والأرز مدعومة من قبل الدولة، وقد تخلت الدولة عن دعمها لتلك المواد، وقامت الدولة ببيع صوامع الغلال والمخازن والمطاحن من سنة 97، وأنا أقولها بكل شفافية لقد تخلت الدولة عن كل ما يتعلق بمسألة دعم المواد الغذائية الأساسية، وباعت كل شيء للقطاع الخاص، وأصبحت الدولة لا تمتلك شيئاً، ولم يتبق لدى الحكومة سوى المؤسسة الاقتصادية التي لعب حضورها دوراً مهماً في كسر الاحتكار من قبل التجار، فقد عملت المؤسسة سنة 97 أو 98 على كسر الاحتكار الذي مارسه التجار في ذلك الوقت، لرفع الأسعار، وقد عملت الوزارة في ذلك الوقت على مخاطبة البنك المركزي لفتح اعتماد للمؤسسة الاقتصادية من أجل استيراد المواد الغذائية الأساسية، ومن ثم بيعها للمستهلك مباشرة، مما أدى إلى كسر احتكار التجار، والآن همشت المؤسسة الاقتصادية.

رفض التعامل مع البنك
قيَّد الحكومة
 لماذا لا تعيدون تفعيل المؤسسة الاقتصادية، خصوصاً أن الظرف يستدعي حضور الدولة لضمان توفير المواد الغذائية الأساسية للمواطن؟
القضية الآن هي توفر السيولة النقدية بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي، ولم تعد البنوك الخارجية تقبل فتح اعتمادات استيراد للبنك المركزي اليمني بصنعاء، وهذه مسألة تأتي ضمن حصار ممنهج لدرجة أن الخارج لم يعد يقبل تحويلات من البنوك.
الحرب علينا من كل الجهات، وأكثرها شراسة هي الحرب الاقتصادية، فقد بدأ القطاع الاقتصادي يتأثر بشكل كبير، أولاً تم قصف الأسواق، وقد تأثر النشاط الاقتصادي بمحافظة صعدة بنسبة 90%، وفي محافظة حجة بنسبة 70ـ 80%، محافظة المحويت وتعز وكل المحافظات اليمنية تأثرت بشكل كبير، وقد قصف العدوان مصانع الحليب والألبان، وتم استهداف منشآت حيوية تجارية، كان آخرها قصف سوق الخوخة.. إنهم يدمرون البشر والأسواق.
لا يوجد لهذا العدوان أية أخلاقيات، ونحن كنا وجهنا مناشدات لمكتب الأمم المتحدة بصنعاء من أجل تحييد القطاع الاقتصادي، وهم في البداية كانوا حيدوا البنك المركزي، لكن القطاع التجاري لم يحيد منذ أول لحظة للحرب، فقد تفاجأنا بضرب الغرفة التجارية. ونرجو أن تقوم الأمم المتحدة بواجبها لتحييد القطاع الاقتصادي، لأن الضرر وصل لقوت المواطن.

سلع مفتوحة
ما هي السلع التي ستشملها البطاقة السلعية؟
في البداية تم وضع كرت خاص بالبطاقة السلعية، وهذا الكرت بموجب دراسة اللجنة الخاصة، كان مقتصراً على منح الموظف 5 سلع رئيسية، والتي تتمثل بالقمح والأرز والسكر والزيوت والحليب المجفف، بموجب كرت صادر من وزارة الصناعة والتجارة، يحمل اسم الموظف والسقف المصرح للموظف من راتبه، على أساس 40% من صافي الراتب، ويستفيد منه الموظف بالمواد الـ5 الرئيسية المحددة، لكن بناء على اللقاءات مع القطاع الخاص والمشاورات مع التجار، وجدنا أن لدى القطاع الخاص استعداداً لمنح الموظف قسائم يستطيع بموجبها شراء أي شيء سواء ملابس أو غذاء أو أية مواد استهلاكية أخرى.

بطاقة مضبوطة
في سوق متلاعب
هناك تساؤلات لدى العامة.. كيف يمكن ضبط الأسعار المتغيرة بارتفاع مستمر في السوق مع قيمة المواد المقيدة في البطاقة السلعية؟
سيقوم الموظف بشراء السلع بموجب البطاقة السلعية بناء على أسعارها السائدة في السوق بنفس اليوم، بدون أية زيادة، ولا يستطيع التاجر إضافة أي مبلغ بمجرد أنه يبيع بالآجل.

لجان رقابة
ألن يستطيع التجار إخفاء السلع على المستفيدين من البطاقة السلعية، لأن التاجر يريد أن يستفيد من بيع مادة ما نقداً بدلاً من بيعها بالآجل، وخصوصاً إذا كان سعر المادة قد ارتفع؟
هذه تعتبر مخالفة ستتم إحالة التاجر للنيابة مباشرة، حتى وإن كان من المتعاقدين ضمن مشروع البطاقة السلعية، لأن أي ارتفاع بالسعر يعتبر مزايدات لإثارة البلبلة، والتاجر ممنوع من رفع أي أسعار للمواد الموجودة في المخازن، قد يرفع أسعار المواد إذا ما قام باستيرادها بسعر أعلى، أما المواد الموجودة في المخازن فلا يستطيع رفعها، لأن ذلك يعتبر رفعاً غير مبرر يخالف القانون.
وسيكون لدينا لجان ومأمورو ضبط قضائي، ولديهم توجيهات في حال رفع الأسعار أو إخفاء السلع تتم إحالتها مباشرة إلى النيابة، ونحن لدينا نيابة متخصصة لضبط المخالفات، وهذه النيابة أصبحت أكثر فاعلية، ولدينا غرفة عمليات والرقم المجاني 174، ولن نترك أية فرصة للمتلاعبين.

المرحلة الأولى
في المدن المستقرة
هل ستتم تغطية المديريات بالمحافظات بنظام البطاقة السلعية؟
نحن كمرحلة أولى سنعمل على تغطية المدن الرئيسية، وخاصة المحافظات المستقرة، بالبطاقة السلعية والقسائم، ثم سننتقل للمديريات والمناطق النائية، لأنه لا يوجد تاجر لديه فروع في كل مكان، كما أن الموظف المقيم في أمانة العاصمة على سبيل المثال وأسرته في محافظة أخرى، يستطيع أن يرسل بطاقته إلى أسرته في مكان إقامتهم، في حال كان للتاجر الذي تعاقدت معه الجهة الحكومية، فرع في تلك المحافظة.

المرحلة القادمة
هل يعني ذلك ترك الموظفين في المناطق البعيدة؟
كلا، لن نتركهم، وهذا الموضوع ضمن البرنامج، حيث نسعى إلى تغطية جميع المناطق، والبحث عن التجار الذين لديهم الاستعداد للتعاقد مع نظام البطاقة السلعية، وذلك عن طريق مكاتب الوزارة في مختلف المحافظات والمديريات.

التاجر ليس جمعية خيرية
لقد قمتم بمشروع البطاقة السلعية بمعالجة حاجة الموظفين، لكن هناك شرائح في المجتمع من أصحاب الحرف والمزارعين والصيادين، هل لديكم أية فكرة لمعالجة احتياجاتهم من المواد الغذائية؟
هذا الموضوع يشكل بالنسبة لنا قضية مؤرقة من أجل إيصال الغذاء للطبقات المعدمة، وقد أخذنا هذا في الحسبان على مراحل لاحقة، مع أنه يفترض أن يكون في المرحلة الأولى، لكن بحكم أن الدولة ليس لديها أي دعم، ولا تمتلك الحكومة أية مواد غذائية، وإنما يمتلكها القطاع الخاص، الذي من المستحيل أن يقوم القطاع الخاص بإعطاء المواد الغذائية دون أن يحصل على أي مردود أو ضمان. ونحن نرجو أن تقوم المنظمات الإغاثية بدورها تجاه هذه الشرائح.