الذبح بالاستسلام
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي
«لا» 21 السياسي -
قُتل الآلاف من أنصار المختار الثقفي بعد استسلامهم لمصعب بن الزبير سنة 67هـ في حادثة نُسب فيها إلى عبد الله بن عمر قوله المشهور: «لو كانوا غنماً لكان هذا إسرافاً».
ترد هذه الحادثة في عدد من المصادر التاريخية الأساسية. يذكرها الطبري في «تاريخ الرسل والملوك» عند حديثه عن دخول مصعب بن الزبير الكوفة بعد مقتل المختار، ويورد أخباراً متضافرة عن قتل أعداد كبيرة من أتباعه، خاصة من الموالي، بعد أن أُعطوا الأمان أو بعد استسلامهم. كما يذكر البلاذري في «أنساب الأشراف» أخباراً قريبة المضمون، تشير إلى أن «مصعب» أقام محاكمات صورية انتهت بقتل جماعي واسع. ويورد ابن الأثير في «الكامل» في التاريخ أن القتل تجاوز الضرورة العسكرية وتحوّل إلى سياسة انتقامية.
في المفهوم العسكري التقليدي، يُفترض أن الاستسلام نهاية القتال وبداية الحماية: إلقاء السلاح مقابل حفظ الحياة. لكن ما تكشفه هذه الحادثة هو أن الاستسلام قد يتحوّل، في سياق صراعات عميقة، إلى نقطة انكشاف وجودي، لا إلى ملاذ. حين تُجرَّد الجماعة من قدرتها على المقاومة، وتُسلِّم مصيرها كاملاً لخصم لا يعترف بشرعيتها الإنسانية، يصبح الاستسلام انتقالاً من خطر الموت إلى يقين الإبادة.
أنصار المختار، مهما اختلف التقييم السياسي أو العقدي لحركتهم، لم يُقتلوا لأنهم كانوا يقاتلون، بل لأنهم توقّفوا عن القتال؛ «ليس بسبب السلاح بل لأنهم ألقوه».
كريم حداد










المصدر «لا» 21 السياسي