حاوره:أحمد الشلالي / لا ميديا -
واحد من لاعبي الزمن الجميل لكرتنا اليمنية. مدافع صلب تتكسر أمامه هجمات الخصوم. كان من اللاعبين المخلصين للفانيلة الشعباوية، نظراً لحبه الكبير للشعار الذي يحمله.
الوفي عبدالله، كما كان يحلو لعشاقه تسميته، بدأ مشواره الكروي في أزقة وأحياء مدينة عدن. ومع تألقه اللافت تم ضمه إلى صفوف نادي الشرطة، ويستمر هناك عدة مواسم، لينتقل بعدها إلى صفوف نادي شعب إب، التي يعتبرها الفترة الكروية الأجمل في مسيرته، إذ لعب مع العنيد 18 موسماً حقق خلالها بطولتي دوري ومثلهما كأس, وكان وما يزال معشوق الجماهير الشعباوية، نظير ما قدمه مع النادي.
ملحق "لا الرياضي" استضاف المدافع السابق لمنتخبنا الوطني ونادي شعب إب، وفي عبدالله، واستعرض معه مشواره الكروي مع الأندية والمنتخبات إضافة إلى أمور أخرى تخص كرة القدم اليمنية.

 ما سبب اختفاء الكابتن وفي عبد الله عن الملاعب، سواء كمدرب أو إداري؟
- على العكس أنا متواجد، لكن لم أتحصل على أي دورات تدريبية في مجال كرة القدم. حاولت عبر كثير من الأصدقاء الذين أرتبط معهم بعلاقات أخوية ولم أوفق. كان لي طموح كبير أن أكون مدرباً، وسبق ترشيحي من قبل إدارة نادي الشعب، وما زلت راغباً أن أكون مساعداً للمدرب بشار العراقي، وبالوقت نفسه لاعباً؛ كوني ما زلت قادراً على العطاء؛ إلا أنني رفضت الفكرة. في الأخير ندمت على إضاعة هذه الفرصة، إذ سبق أن نجح وليد النزيلي في العمل مساعداً للمدرب وبالوقت نفسه لاعباً. وبعد تركي النادي واستمراري في عدن عرض علي الكثير من الجماهير والأصدقاء أيضاً، وعلى رأسهم الكباتن أنور البعداني وفضل الصباحي وإيهاب النزيلي والأستاذ عبد الفتاح لطف صاحب هذه الفكرة, البقاء في النادي وتدريب الفئات العمرية، كوني لاعب قدوة قدم للنادي الكثير. لكن كان همي كيف أبقى في خدمة والدي ووالدتي. والحمد لله كان من أهم  مكاسبي في الدنيا أن والديّ رحلا راضيين عني.
 بدأت رحلتك الكروية من نادي الشرطة بعدن. حدثنا عن تلك المرحلة، وما أبرز ملامحها؟
- كانت بداية مشواري من منطقة كالتكس في عدن، حيث لعبت وعمري 12 عاماً. كنت أحب كرة القدم كثيراً، ولم أكن من أسرة رياضية؛ لكن الجيل الأكبر مني كان له نظرة أنني سأكون في المستقبل لاعباً موهوباً؛ لهذا شجعوني أن أنضم إلى أي نادٍ، وهم، عبدالرزاق الهزاعي، وأمين بحاح، وعبدالله الصريمي، ولهم الفضل بعد الله في استمراري. وفعلا التحقت بنادي الشرطة عام 1989 في فريق الفئة العمرية 17 سنة, وكان في استقبالي المدرب القدير رحمه الله جمال محسن وإداري الفريق الأخ رشاد، حتى وصولي إلى فريق سن 20 بقيادة الكابتن أبو بكر السبيع والمرحوم محمود فرج, ثم وصلت إلى الفريق الأول في فترة وجود المدرب القدير الكابتن غازي عوض صاحب التاريخ والشخصية القوية الذي منحنا القوة وحب اللعبة والثقافة الرياضية. كما لا أنسى وقوف الكابتنين علي نشطان ونور الدين، وكذا طبيب القرنية الدهوم أبو شوقي رحمه الله, وكذلك الكثير من اللاعبين إلى جانبي وتوجيهي, وأيضاً الدور الكبير في استمراري لفترة طويلة في الملاعب الكباتن محمود رمادة ومنير زين وعارف هيكل ومحسن المحضار ومحمد عمر الدماني ومحمد علي الصغير... والكثير ممن لهم الفضل بعد الله عز وجل، ولهم مني كل الاحترام والتقدير في مشواري الرياضي.
وأبرز الملامح أنني استفدت الكثير من الخبرة والثقافة الكروية واحترام الكبار. وهذا كان أهم شيء إلى جانب الموهبة وتحقيقي مع الشرطة المركز الرابع في أول دوري تنشيطي وتحديداً في الموسم 1991/ 1992, رغم عدم وجود إمكانيات للشرطة أمام الفرق العريقة مثل التلال، الميناء، أهلي صنعاء... وحققنا هذا المركز بالعزيمة والتحدي.
 بعد ذلك انتقلت إلى نادي شعب إب. لماذا اخترت العنيد دون غيره؟ وما أبرز إنجازاتك معه؟
- كانت وجهتي إلى نادي الشعلة مع زميلي محمد علي الصغير, إذ سعت إدارة نادي الشعلة لإخراج بطاقة الاستغناء عبر اتحاد الشرطة في صنعاء، وقوبل هذا الطلب بالرفض. وبعد فترة تدريب مع الشعلة قرابة 6 أشهر ذهبت إلى نادي شعب إب عبر الكابتن وليد النزيلي، الذي كان معي في  منتخب الناشئين عام 92م في قطر, واقترح علي الفكرة، ووافقت. وبعدها نزل الإداري عبدالفتاح لطف إلى عدن للحديث معي، وأبديت الموافقة، وطلعت إلى إب في عام 96م. وبعد الاستقبال الرائع من قبل إدارة النادي، ممثلة بالمرحوم علي محمد الصباحي والنائب عبدالكريم منير والمدير العام خالد الأكوع والشيخ رشاد العواضي وكيل النادي وجميع أعضاء الهيئة الإدارية في النادي، وكما لا أنسى دور الأخ رئيس النادي الحالي عبدالواحد صلاح والشخصية الرياضية الأستاذ علي جلب رئيس النادي الأسبق, والكابتنين أحمد رامي وأنور عاشور اللذين كان لهما دور كبير في حبي للعنيد، والكل أبدوا استعدادهم وترحيبهم بانضمامي للقلعة الخضراء.
وأما أبرز إنجاز بالنسبة لي فكان عودة الفريق إلى دوري الأضواء، والمعمد بدم، وهذا بشهادة محافظ إب في ذلك الحين، الشهيد العميد عبدالقادر هلال، الذي كان يقول: "الكابتن وفي عبدالله رفع رأس مدينة إب، ولعب والدماء تنزف من رأسه". كما حققنا لقبي الدوري والكأس في الموسمين 2002/2003 – 2003/2004.
 خلال ذينك الموسمين كانت تلك فترة التألق بالنسبة لشعب إب، إذ حقق بطولتي الدوري وكأس الجمهورية مرتين متتاليتين. ما سر ذلك التألق؟
- لم يأتِ هذا التألق من فراغ؛ كوننا عانينا فترة طويلة من بقاء النادي في الدرجة الثانية. وكل ما حققناه بفضل الله ثم بفضل القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي كانت حافزاً للفريق من خلال حضورها وترحالها معنا في مختلف ملاعب الجمهورية، ووجود لاعبين على مستوى عالٍ من الثقافة والحماس والجدية والمستوى المتميز، أمثال وليد النزيلي، عبدالسلام الغرباني، فكري الحبيشي، إيهاب النزيلي، نشوان الهجام، محمد السلاط، ياسر البعداني، رضوان عبدالجبار، أحمد رامي، فيصل الحاج، أكرم الورافي، رضوان العنسي، وعادل الورافي. كما لا أنسى دور الأجهزة الفنية التي تعاقبت على الفريق بداية من مرحلة الصعود بقيادة المدرب عبدالله باعامر الذي حقق بطولة الصعود إلى دوري الأضواء، وكذا المدرب والمدير خليل عبد الولي، الذي حققنا معه لقبي الدوري والكأس عامي 2002/ 2003, والمدرب والخبير المبدع فيصل عزيز الذي تعلمت منه كل صغيرة وكبيرة في كرة القدم، وحققنا معه لقبي الدوري والكأس موسم 2003/ 2004.
 في البطولة العربية للأندية خسرتم أمام نادي الاتحاد السعودي بنتيجة ثقيلة قوامها 10 أهداف. كيف كان شعوركم كلاعبين بعد النتيجة الكبيرة؟
- أكيد الكل كان غير راض عن هذه النتيجة الثقيلة وسمعة النادي الذي كان يعتبر من أفضل الأندية اليمنية. والحقيقة أن طرد اثنين من لاعبينا أثر على الفريق فخسرنا بهذه النتيجة الثقيلة.
نحن قابلنا فريق الاتحاد المرصع بنجوم ولاعبين محترفين، وكانت هذه المباراة من أسوأ المباريات الخارجية لنا.
 حدثنا عن مباريات ديربي إب بين الشعب والاتحاد، وكيف كان اللاعبون يعيشون أجواءها؟
- مباريات الديربي كانت من أجمل اللقاءات، بين الفريقين والجارين الشعب والاتحاد. كنا، لاعبين وجماهير، نعيش الأجواء قبل المباراة لفترة طويلة، والجميع كان يعمل ألف حساب للديربي، وبعد المباراة ينتهي كل شيء، داخل الملعب الفائز يقول للخاسر هارد لك، والخاسر يرد: مبروك. كما كانت تجمعنا علاقة قوية فيما بيننا كلاعبين للفريقين.
 رغم تميزك في خط الدفاع، إلا أن ظهورك مع المنتخب الأول كان قليلاً. بماذا تفسر ذلك؟
- كنت دائماً حاضراً، سواء مع النادي أو المنتخبات، وهذه وجهة نظر المدربين، المهم أن أكون جاهزاً مع فريقي. فعلاً أنا ظُلمت من المشاركة مع جميع المنتخبات المشاركة خارجياً؛ لكن هذا لم يؤثر على مستواي مع الفريق، بل أعطاني مزيداً من التحدي والحماس والمحافظة على التألق. يوجد لي مشاركات محدودة لا ترتقي إلى طموحي والمستوى الذي كنت أقدمه في النادي.
 ظهورك في فترة كان يتواجد فيها مدافعون كبار، هل أثر كثيراً على تواجدك مع المنتخب؟
- لم  يؤثر على تواجدي في المنتخب؛ كوني كنت أجيد اللعب في كل مراكز الدفاع. في الأخير أنت كلاعب عليك أن تتدرب وتكون موجوداً مع فريقك، وهذه وجهة نظر مدربين. تحصلت على فرصة المشاركة مع المنتخب الأول عام 2003 في دبي بعد مشاركتي مع الناشئين عام 1992 في قطر، وتم اختياري مرة أخرى في تصفيات كأس آسيا مع المنتخب، وفي كأس الخليج في الكويت استبعدت بسبب الإصابة.
 هل تعتقد أن المنتخب الآن قادر على تحقيق التأهل إلى نهائيات آسيا 2027 وتجاوز منتخب لبنان المنافس الأول في المجموعة؟
- لا مستحيل في كرة القدم. منتخبنا قادر على التأهل، ولا بد من الانضباط والهدوء وتنفيذ كل توجيهات المدرب داخل الملعب، وعدم اللعب العشوائي.
 ما الذي يحتاجه منتخبنا الوطني الأول من أجل المنافسة وتقديم نتائج إيجابية برأيك؟
- لا بد من توفير جميع الإمكانيات للجهاز الفني، وعدم الاستعجال والحكم عليه إلا بعد إعطائه الوقت الكافي والصلاحيات الكاملة لاختيار اللاعبين.
كل المنتخبات تطورت كون لديهم دوريات وأنشطة مستمرة على مستوى جميع المراحل السنية، ومتى ما وجد دوري قوي على مستوى عالٍ في جميع أنحاء اليمن وتوفير الأجهزة الفنية والبرامج الفنية لفترات طويلة والملاعب والدعم والإمكانيات من جميع النواحي ستتطور رياضتنا ومنتخباتنا.
 مواهبنا تبرز مع منتخبات الناشئين والشباب؛ لكنها تضيع وتختفي بسرعة. كيف نحافظ عليها؟
- لدينا مواهب كروية، وأولاً يجب زرع الثقة، خاصة اللاعبين صغار السن، حتى يكبروا ولديهم ثقافة كروية من جميع الأشياء، خاصة التي تضر اللاعب، وهذا يتم تدريسه من قبل الأجهزة الفنية لتثبيتها في عقلية اللاعب، مثل عدم السهر والقات وكل شيء يضر باستمرارية اللاعب.
 إقامة البطولات المحلية هل أصبح ضرورة، خاصة ونحن البلد الوحيد الذي يشارك خارجياً بدون دوري محلي؟
- من الضروري أن يكون لدينا دوري قوي تشارك فيه جميع الأندية على مستوى الوطن، لكي تتمكن الأجهزة الفنية من اختيار لاعبين من خلال متابعتهم في الدوريات. لأن عدم إقامة البطولات والأنشطة لا يعطي أندية ومنتخبات قوية، نظراً لعدم استمرارية اللاعب.
 هل تحن للعودة إلى الملاعب لو عاد بك الزمن إلى الوراء؟
- في ظل الأوضاع الحالية لا أفكر حتى لو عاد الزمن إلى الوراء. يكفيني فخراً واعتزازاً أني لعبت في زمن من أجمل الأزمان، إذ كانت الفرق مرصعة بالنجوم، وكان لدينا دوري شامل، وكنا نلعب أمام أندية قوية كأهلي صنعاء ووحدة صنعاء والهلال والتلال والشعلة وحسان أبين، وباقي الأندية الأخرى التي لعبنا أمامها لفترة طويلة في الملاعب.
 هل هناك مهاجم يمني كنت تخشاه؟
- ليس مهاجم فقط بل كان يوجد مهاجمون كثر في تلك الفترة، أمثال شرف محفوظ وعلي النونو وجياب باشافعي وعلي العمقي... وغيرهم؛ لكني كنت أعمل حساباً لكل مهاجم، حتى وإن كان غير معروف. لا بد أن تحترم خصمك وتعرف طريقة لعبه وعدم إعطائه المساحة والفرص كي تحد من خطورته. لكن شخصيا كنت معجباً بالأنيق والهداف الماكر عادل السالمي، إذ كنت أعمل له ألف حساب؛ كونه هدافاً وصانع أهداف بشكل جميل.
 من أفضل لاعب يمني حالياً؟
- من وجهة نظري اللاعب عادل عباس. وأتمنى أن يحافظ على صحته من الإصابات حتى يتمكن من الاستمرار والمحافظة على مستواه الرائع.
 ختام الحوار هل تريد إضافة شيء؟
- أشكرك أخي على هذا الحوار الرائع، وأشكر صحيفة "لا" على هذه الاستضافة.
كما أشكر كل من وقف معي في مدينة إب، التي لعبت فيها لمدة 18 سنة ولم أشعر في أي وقت أنني بعيد عن أهلي، وفي مقدمتهم أسرة الفقيد الحاج صالح النزيلي، وأسرة الفقيد الشيخ محمد قاسم العنسي، وكذلك أخي رضوان العنسي لاعب النادي الذي كان مرجعاً لي في كل الأوقات ووقف بجانبي طوال مشواري مع نادي شعب إب، ومهما تكلمت عنه لن أستطيع أن أوفيه حقه من الجميل والمعروف.
ولا أنسى وقوف أخي وصديقي عادل الورافي، وله مني كل الحب والاحترام.