الإعلام العبري يعترف: خطاب السيد الحوثي يؤكد أن اليمنيين لم ولن يُهزموا
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
في المشهد «الإسرائيلي» المأزوم بعد عامين من «طوفان الأقصى»، لم تعد تل أبيب تتحدث عن جبهتها الجنوبية أو عن إيران بقدر ما تتحدث عن اليمن. فثلاثة من أبرز المنابر العبرية -كالكاليست الاقتصادية، وإيبوك السياسية، وغلوبس البحثية- رسمت ملامح قلق استراتيجي عميق داخل المؤسسة «الإسرائيلية» من تمدد القوة اليمنية، ومن التحول الذي جعل صنعاء لاعبا مركزيا في معادلات الأمن والردع الإقليمي، وكيف انتقل اليمن من موقع الإسناد لغزة إلى موقع الفعل الاستراتيجي ضد عدو الأمة.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، أمس الجمعة، حيّز التنفيذ، عند الساعة الثانية عشرة ظهرا، وذلك بعد أن صادقت حكومة الاحتلال على الاتفاق الذي من المقرر أن يؤدي إلى وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار في قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال ودخول المساعدات وفتح معبر رفح في الاتجاهين، وتبادل الأسرى.
شلل الاقتصاد
تحت عنوان (رغم انتهاء الحرب.. تهديد الحوثيين لا يزال يشل ميناء إيلات) نشرت صحيفة كالكاليست العبرية تقريراً، أفادت فيه أنه ورغم ما وصفته بـ»احتفالات» نهاية الحرب وعودة الحديث عن التعافي الاقتصادي «الإسرائيلي»، إلا أن ميناء أم الرشراش «إيلات» يُبدي تفاؤلاً أقل، مؤكدة أن صنعاء فرضت واقعاً استراتيجياً جديداً في البحر الأحمر لا تستطيع «تل أبيب» تجاوزه.
وأقرت الصحيفة بأن صنعاء «تمكنت من إصابة الاقتصاد الإسرائيلي في مقتل». فميناء «إيلات»، الذي كان يوما بوابة الاحتلال نحو آسيا وإفريقيا، بات «مشلولاً بنسبة تفوق 90%»، منذ إعلان اليمن حظر الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2023م، إسنادا للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية في قطاع غزة على مدار عامين متواصلين.
ويؤكد التقرير أن الخسائر المباشرة للميناء تتجاوز المليار دولار شهرياً، وأن شركات التأمين الدولية ترفض تغطية السفن المتجهة إلى الموانئ المحتلة. هذا التحول الاقتصادي، وفق الصحيفة العبرية، «أجبر إسرائيل على إعادة رسم خطوط تجارتها البحرية لأول مرة منذ عقود»، واضعا صنعاء في موقع القوة الجيوسياسية التي لم تكن تتخيلها حتى القوى الإقليمية الكبرى.
ويعترف التقرير بأن اليمن في إغلاقه باب المندب أمام الملاحة «الإسرائيلية» حقق «إنجازاً غير مسبوق»، بينما عجز الاحتلال خلال عامين عن فك الحصار أو ردع الجبهة اليمنية وإضعافها.
وذهبت الصحيفة إلى أبعد من الاعتراف بالفشل بالقول إن «الاحتمال الوحيد أمام إسرائيل هو أن تتفرغ لاحقا، بعد استقرار الوضع في غزة، لمواجهة الحوثيين بشكل مباشر»، في إشارة إلى احتمال لجوء «تل أبيب» إلى مواجهة مفتوحة مع صنعاء في محاولة لإضعاف القدرات العسكرية اليمنية، رغم إقرار الاحتلال بصعوبة التعامل مع ما يصفه بـ«التهديد اليمني».
الاستعداد للجولة القادمة
في المقابل، نشر موقع «إيبوك» العبري تقريراً بعنوان (وقف إطلاق النار في قطاع غزة.. ماذا سيفعل الحوثيون؟) سلط فيه الضوء على خطاب سيد الجهاد والمقاومة السيد عبدالملك الحوثي الذي أعقب إعلان وقف إطلاق النار في غزة، عصر أمس الأول الخميس، بوصفه مؤشرا على مرحلة جديدة من المواجهة.
وأشار التقرير إلى ما أكده السيد عبدالملك من أن «صنعاء ستراقب مدى التزام العدو الإسرائيلي بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة»، وأن صنعاء التي تواصل عملياتها العسكرية ضد «إسرائيل» إسنادا لغزة، «ستبقى في حال انتباه وجاهزية تامة ورصد كامل بدقّة وعناية تجاه تنفيذ الاتفاق لإنهاء العدوان على قطاع غزة وإدخال المساعدات».
واعتبر التقرير أن ما ذكره سيد الجهاد والمقاومة يُعدّ إشارة إلى أن «وقف إطلاق النار بالنسبة للحوثيين ليس نهاية المطاف، بل هو مرحلة في الاستعداد المتجدد».
واعترف التقرير بأن من وصفهم بـ«الحوثيين» أثبتوا خلال الأعوام الماضية قدرتهم على استغلال أي هدنة لإعادة تسليح أنفسهم وتحسين قدراتهم الهجومية، الأمر الذي يشكل قلقاً كبيراً لكيان الاحتلال.
«إسرائيل» تعترف: الحوثيون لم يُهزموا قط
أما صحيفة غلوبس فقد تناولت الجبهة اليمنية من زاوية مختلفة، إذ اعتبرت أن الحديث عن «وداع الحوثيين» مجرد وهم إعلامي، ووصفت الباحثة «الإسرائيلية» إنبال نسيم لوفتون من جامعة «تل أبيب» الحوثيين بأنهم «خصم لا يُقهر بالمعايير التقليدية»، مؤكدة أن «كل ضربة تلقوها، خرجوا منها أقوى وأكثر خبرة».
وفي التحليل الذي نشرته غلوبس بعنوان (وداعاً أيها الحوثيون؟ هل انتهى عصر الفظائع الليلية؟)، أفادت «لوفتون» أن صنعاء تعتبر اتفاق وقف الحرب في غزة بأنه «إنجاز للفلسطينيين وصمودهم ومثابرتهم»، مشيرة إلى أن «إسرائيل أخطأت في تقدير المدى الأيديولوجي والسياسي للحوثيين».
وأضافت «الحوثيون عدو لدود للولايات المتحدة، ولذلك فإن طريقة تموضعهم تزيد من مجد النصر الفلسطيني والإسلامي. كذلك لا يقتصر الأمر على إسرائيل فحسب، بل صمدوا في وجه قوى غربية أخرى أكبر حجمًا».
من جهته قال العميد (احتياط) يوفال أيالون، القائد السابق لأسطول البحرية «الإسرائيلية»، إن ما وصفه بـ»التهديد الحوثي» لم ينته ولن ينتهي بانتهاء المعركة في غزة، مشددا على أن «إسرائيل» مضطرة لمواصلة جمع المعلومات وتوسيع بنك أهدافها في البحر الأحمر. لكنه في السياق نفسه يعترف بأن «إسرائيل لن تستطيع وحدها القضاء على الحوثيين» حدّ تعبيره.
صنعاء ترسم معادلة جديدة
القراءة «الإسرائيلية» المتزامنة في (كالكاليست وإيبوك وغلوبس) تؤكد أن اليمن لم يعد مجرد جبهة دعم لغزة، بل أصبح رقماً مركزياً في معادلة الشرق الأوسط الجديد.
فما تعتبره تل أبيب «تهديداً» هو في الحقيقة تحول تاريخي في توازنات القوى؛ حيث انتقل محور المقاومة من الدفاع إلى المبادرة، ومن الرد إلى الفعل، ومن الجغرافيا المحلية إلى التأثير العابر للقارات.
ويُظهر القلق «الإسرائيلي» من تنامي قدرات اليمن العسكرية أن صنعاء اليوم ليست على الهامش، كما اعتبرها الكيان لعقود مضت، بل إنها باتت في صدارة المشهد، تكتب بلغتها الخاصة فصلا جديدا من معادلة الردع، وتُجبر خصومها -في تل أبيب وواشنطن- على الاعتراف بأن «عصر اليمن المقاوم الحر قد بدأ».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا