تقريـر / لا ميديا -
في إعلان متأخر لكنه الأول من نوعه منذ بدء عدوان الإبادة الصهيوني على غزة، أكدت الأمم المتحدة، الجمعة، أن قطاع غزة يعيش رسمياً حالة مجاعة، محملة العدو الصهيوني المسؤولية المباشرة عبر "عرقلة ممنهجة" لإدخال المساعدات.
ووصف وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، ما يجري بأنه "لحظة عار جماعي"، مشدداً على أن الكارثة كانت قابلة للتفادي لولا الحصار "الإسرائيلي" الخانق.
بدوره طالب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بوقف فوري لإطلاق النار، والدخول في هدنة، وضمان وصول المساعدات دون عوائق، محذراً: "لا يمكن أن يستمر هذا الوضع من دون عقاب".
الإعلان الأممي المتأخر جاء بعد شهور من التستر على العدو الصهيوني بينما كانت المجاعة تسحق غزة، ما يؤكد مراقبون أنه حوّل المنظمة من رمز يفترض أن يحمي المظلومين إلى شاهد زور على جرائم الاحتلال.
هذا ويستند إعلان الأمم المتحدة إلى تقرير "منظمة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي" (IPC) التي تعمل من قبل الأمم المتحدة من أجل تعزيز تحليل الأمن الغذائي والتغذية لاتخاذ قرارات مستنيرة، الذي صدر أمس الجمعة، عن "أسوأ سيناريو محتمل للمجاعة في قطاع غزة".
وأفادت المنظمة بأن "قطاع غزة يشهد حالياً أسوأ سيناريو للمجاعة؛ فقد اشتد الصراع والنزوح، وانخفضت إمكانية الحصول على الغذاء والسلع والخدمات الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة".
وأضافت: "تشير الأدلة المتزايدة إلى أن انتشار الجوع وسوء التغذية والأمراض يُسهم في ارتفاع الوفيات المرتبطة بالجوع. وتشير أحدث البيانات إلى أن استهلاك الغذاء في معظم أنحاء قطاع غزة قد بلغ حد المجاعة، بينما وصل سوء التغذية الحاد في مدينة غزة إلى حده الأقصى".
وشددت المنظمة على أنه "ارتفع معدل سوء التغذية بشكل سريع في النصف الأول من تموز/ يوليو. وقد أُدخل أكثر من 20 ألف طفل إلى المستشفيات لتلقي العلاج بسبب سوء التغذية الحاد، بين نيسان/ أبريل ومنتصف تموز/ يوليو، بينهم أكثر من 3000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد. وأفادت المستشفيات بزيادة سريعة في وفيات الأطفال دون سن الخامسة المرتبطة بالجوع، حيث سُجِّلت 16 حالة وفاة على الأقل منذ 17 تموز/ يوليو".
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بدوره أكد أن الإعلان الأممي وإن جاء متأخراً يثبت أن العدو الصهيوني تعمد صنع المجاعة في غزة.
وقال في بيان: "معطياتنا الميدانية تظهر أن الواقع في غزة أسوأ بكثير مما في التقرير الأممي".
وبيّن أن أكثر من 1.5 مليون إنسان في قطاع غزة يعانون من مستويات حادة من الجوع.

شهادة دولية على الجريمة والمقاومة ترحب
رحبت حركة حماس بالإعلان الأممي، واعتبرته "وصمة عار على الاحتلال وداعميه"، مؤكدة أن التقارير الجديدة تمثل شهادة دامغة على استخدام العدو الصهيوني للتجويع كسلاح حرب وإبادة جماعية. الحركة أكدت أن الإعلان، رغم تأخره، يفضح الاحتلال أمام العالم ويدعو إلى تحرك عاجل لوقف العدوان ورفع الحصار.

"إسرائيل" تُكّذب العالم
كالعادة، رفضت حكومة العدو الصهيوني التقرير واعتبرته "كذباً مطلقاً"، زاعمة أنها سمحت بدخول مليوني طن من المساعدات، بينما تؤكد الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أن معظم الشاحنات لم تتمكن من الدخول منذ آذار/ مارس الماضي.
مسؤول الاحتلال غسان عليان زعم أن التقرير "منحاز ويستند إلى مصادر حماس"؛ لكن الحقائق الميدانية وشهادات أكثر من 100 منظمة دولية تنسف روايته.
وأعلن أكثر من 100 منظمة دولية، الأسبوع الماضي، أن معظمها لم تتمكن من إدخال أي شاحنة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة منذ آذار/ مارس الماضي.

الموت اليومي في غزة
وزارة الصحة في غزة أعلنت أن حصيلة العدوان ارتفعت إلى 62,263 شهيداً و157,365 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ومنذ 18 آذار/ مارس فقط، ارتقى 10,717 شهيداً و45,324 إصابة. وفي الساعات الـ24 الأخيرة فقط، استقبلت المستشفيات 71 شهيداً و251 إصابة، بينهم 24 شهيداً قضوا وهم ينتظرون المساعدات. وارتفع عدد شهداء "لقمة العيش" إلى 2,060 شهيداً وأكثر من 15,197 إصابة. كما سُجل 273 شهيداً بسبب التجويع وسوء التغذية، بينهم 112 طفلاً.

المقاومة ترد
رغم المجاعة والدمار، تواصل المقاومة توجيه ضربات مؤلمة للعدو الصهيوني.
أعلنت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس، أمس، قنص قائد دبابة "ميركافا 4" وإصابته إصابة قاتلة في حي الزيتون، إضافة إلى عملية نوعية جنوب خان يونس تم خلالها اقتحام موقع عسكري وتدمير دبابات ومنازل يتحصن فيها الجنود، وصولاً إلى تفجير استشهادي أوقع قتلى وجرحى.
من جانبها قصفت سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي محضن آليات الاحتلال شمالي خان يونس بقذائف هاون عيار 60 ملم.
وتأتي هذه العمليات بعد يوم من إعلان كتائب القسام عن واحدة من أكبر عملياتها ضد قوات العدو الصهيوني. وقالت القسام، أمس الأول، في بيان عبر تليجرام، إن قوة قسامية قوامها فصيل مشاة تمكن من الإغارة على موقع مستحدث للاحتلال جنوب شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع.
وأوضحت أن مجاهديها اقتحموا الموقع واستهدفوا عدداً من دبابات الحراسة بعدد من العبوات والقذائف.
وأضافت: "استهدف مجاهدو القسام عدداً من المنازل التي يتحصن بداخلها جنود الاحتلال بـ6 قذائف مضادة للتحصينات والأفراد ونيران الأسلحة الرشاشة، واقتحم عدد من المجاهدين المنازل وأجهزوا بداخلها على عدد من جنود الاحتلال من المسافة صفر".
كما تمكن مجاهدو القسام من قنص قائد دبابة وإصابته إصابة قاتلة، ودك المواقع المحيطة بمكان العملية بقذائف الهاون لقطع النجدات، وفق البيان.
وكشف البيان أنه "فور وصول قوة الإنقاذ قام أحد الاستشهاديين بتفجير نفسه في الجنود وأوقعهم بين قتيل وجريح، واستمر الهجوم عدة ساعات، ورصد مجاهدونا هبوط الطيران المروحي للإخلاء".