حوار وترجمة:طارق الأسلمي / لا ميديا -
يُعد المعد البدني أو مدرب اللياقة عنصراً أساسياً في عالم الرياضة، خاصة على مستوى المنتخبات الوطنية والأندية، حيث يلعب دوراً محورياً في رفع المستوى البدني للاعبين، للوصول إلى أعلى درجات الجاهزية. فالأداء البدني المتميز يُعتبر حجر الأساس الذي يُعزز الأداء الفني والخططي داخل الملعب.
ومن بين أبرز الأسماء في هذا المجال، يبرز التشيكي جيري ريبا، الذي يُعد واحداً من أهم مدربي اللياقة البدنية في بلاده. "ريبا" ليس مجرد مدرب، بل هو رياضي سابق بارز، مثل منتخب بلاده لفترة طويلة في ألعاب القوى، وشارك في أبرز المحافل الرياضية، مثل دورة الألعاب الأولمبية وبطولات العالم.
يعمل جيري ريبا حالياً كمعد بدني للمنتخبات الوطنية، حيث يساهم بمهمة تجهيز اللاعبين بدنياً للمنافسات الدولية.
صحيفة "لا" تواصلت به ودار معه هذا الحوار.
  كيف بدأت مسيرتك كمدرب للياقة البدنية حتى وصلت إلى عالم الاحتراف في هذا المجال؟
- منذ أن كنت طفلاً، كنت أحلم بأن أصبح رياضياً محترفاً يوماً ما. لقد عملت بجد وأصبحت عضواً في المنتخب الوطني التشيكي لألعاب القوى سنوات عديدة وشاركت بنجاح في بطولة العالم والألعاب الأولمبية. خلال مسيرتي الرياضية أكملت بنجاح تعليمي الجامعي في جامعة تشارلز في براغ في مجال الرياضة والتربية البدنية، كما أكملت بنجاح تراخيص التدريب في العديد من المجالات الرياضية، وهي رخصة تدريب اللياقة البدنية، ورخصة تدريب (A) من الاتحاد الأوروبي (UEFA)، ورخصة ألعاب القوى (PRO)، ومع ذلك كان كل شيء يعتمد على العمل الجاد.
 برأيك، ما هي أهم المهارات والخبرات التي يجب أن يتمتع بها مدرب اللياقة؟
- يجب أن يتمتع مدرب اللياقة البدنية الجيد بفهم احترافي لجسم الإنسان وعلم التشريح وعلم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية والعديد من التخصصات الأخرى التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأداء الرياضي. يجب عليه أيضاً مواكبة الأبحاث في مجال الرياضة، حيث تتطور أساليب التدريب باستمرار. أخيراً وليس آخراً، يجب أن يكون طبيباً نفسياً جيداً، لأنه يدفع اللاعبين باستمرار إلى العمل الجاد، وهذا ليس دائماً ممتعاً أو سهلاً.
 كيف تم اختيارك للانضمام إلى الطاقم الفني للمنتخب اليمني؟
- لقد عملت مع المنتخب اليمني في الماضي بالتعاون مع المدرب سكوب، كما عملت مساعدا ومدرب لياقة معه أيضاً لمدة عشر سنوات. السيد حسام السنباني عرفني من فترة عملي السابقة مع المنتخب اليمني، وقد اتصل بي نيابة عن الاتحاد اليمني لكرة القدم في الخريف الماضي لمعرفة ما إذا كنت مهتماً بالعمل مع المنتخب اليمني مرة أخرى. لم أتردد للحظة، لقد أعجبت برغبة اللاعبين اليمنيين في العمل الجاد لضمان حياة رياضية أفضل لعائلاتهم. أؤمن بالعمل الجيد الذي يقوم به الاتحاد اليمني الذي يعمل باستمرار على تحسين ظروف تدريب الفريق الأول وفرق الشباب أيضاً.
 هل أنت مستمر مع المنتخب الوطني؟
- ساهمت مؤخراً في مساعدة المنتخب اليمني للشباب في بطولة كأس آسيا تحت 20 عاماً، وسوف تكون مشاركتي الإضافية مع المنتخب الأول محل مفاوضات أخرى.
 بمناسبة مساهمتك مع منتخب اليمن للشباب، ما هي الأسباب الرئيسية التي تعتقد أنها أدت إلى خروجه من دور المجموعات في كأس آسيا تحت 20 سنة الجارية في الصين؟
- أعتقد أن السبب الرئيسي هو الانهيار النفسي للفريق بعد الهدف الإيراني الثاني، عندما كان فريقنا يلعب بالفعل بعشرة لاعبين. في تلك اللحظة كنا في وضع صعب. للأسف لم نتعامل مع الموقف بشكل جيد. البطاقة الحمراء كانت نتيجة عدم الانضباط الشخصي؛ وهو ما لا يستطيع أي فريق أن يتحمله على هذا المستوى.
 كيف تقيّم أداء اللاعبين بشكل فردي؟ وهل هناك لاعبون محددون تفوقوا في الأداء رغم الخروج؟
- بشكل عام، أعتقد أننا قدمنا أداءً رياضياً جيداً في المباريات ضد أوزبكستان وإندونيسيا. رغم أننا لم نفز بالمباريات؛ لكن هذا يمكن أن يحدث في الرياضة، ويحدث لفرق على مستوى أعلى، مثل مانشستر سيتي. وإذا كان عليّ أن أسلط الضوء على شيء، فأود أن أسلط الضوء على الروح المعنوية العالية للتدريب التي رافقت معظم اللاعبين طوال فترة التحضير للبطولة.
 ما هي نصيحتك للاتحاد اليمني لكرة القدم للحفاظ على هذا الفريق وضمان استمرار تطوره؟
- لا بد لي من الإشادة بالاتحاد اليمني لكرة القدم في جهوده لتوفير أفضل الظروف الممكنة لإعداد الفريق. وإذا كان لي أن أقترح اقتراحاً للتحسين، فمن المؤكد أنه سيكون توفير المزيد من المباريات الودية الدولية الصعبة. إن تجربة هذه المباريات لا يمكن تعويضها.
 كيف تقيّم أداء المنتخب الأول خلال فترة عملك ضمن الطاقم الفني؟
- أعتقد أن أداء الفريق كان أفضل مما توقعه أغلب الخبراء. وأعلم أن جماهيرنا كانت تتمنى المزيد من الانتصارات؛ ولكن من وجهة نظري قدمنا أداءً جيداً للغاية، خصوصاً في بطولة الخليج. وكانت التفاصيل الصغيرة هي التي حسمت نتائج كل مباراة. وللأسف لم يحالفنا الحظ في بعض اللحظات لمساعدتنا على التأهل من دور المجموعات. ولكن بشكل عام يتعين عليّ أن أقدر أداء فريقنا بشكل إيجابي للغاية، وأنا فخور بأداء الفريق.
 ما هي التحضيرات البدنية والنفسية التي اعتمدتم عليها لإعداد الفريق للمباريات؟
- حاولنا إعداد الفريق بطريقة تمكننا من الاعتماد على اللياقة البدنية الكافية حتى في نهاية المباراة. كانت جلسات التدريب متطلبة، كما أن إعداد الفريق نفسياً هو عملية طويلة الأمد وتنتمي في المقام الأول إلى المدرب الرئيسي. أتيحت لنا الفرصة لتحليل مباريات المنافسين بتفصيل كبير وإظهار جميع مبادئ اللعبة للاعبينا. سمح لنا هذا أن نكون مستعدين جيداً وواثقين في قدراتنا دون خوف من استراتيجية لعب المنافس. الثقة بالنفس هي أحد الجوانب الرئيسية للتحضير النفسي الجيد. كما ساعدنا مشجعونا أيضاً على اكتساب الثقة، وأريد أن أشكرهم على ذلك.
 ما هي استراتيجيات اللياقة البدنية التي وظّفتها خلال البطولة لضمان جاهزية اللاعبين؟
- تعتمد استراتيجيات التدريب على العمل الجاد ومستوى عالٍ من تطوير جميع جوانب اللياقة البدنية الضرورية التي تحدد أداء اللعبة، مثل السرعة والقوة والقدرة على التحمل وخفة الحركة. كما أن التعافي عالي الجودة يشكل جزءاً لا يتجزأ من التدريب.
 إلى أي مدى تشعر بالرضا عن المستوى البدني الذي وصل إليه لاعبو المنتخب اليمني؟
- أنا راضٍ جداً عن المستوى البدني الذي وصل إليه لاعبو المنتخب اليمني. بالطبع لا تزال هناك مجالات يمكن تحسينها لتحقيق أداء أفضل، لكن بشكل عام أثبت اللاعبون قدرتهم على مجاراة خصومهم بشكل جيد، وهذا يعكس تطوراً إيجابياً ويعد بمستقبل واعد.
 من برأيك أبرز لاعبي المنتخب تميزاً في اللياقة البدنية؟
- كل مركز لعب يتطلب لياقة مختلفة قليلاً. على سبيل المثال: يحتاج المدافعون المركزيون إلى أن يكونوا أقوياء في التحديات وأن يتمتعوا بقفزة جيدة، والتي يستخدمونها في المواجهات الهوائية. في المقابل يجب أن يتمتع لاعبو الأجنحة أو المهاجمون بمستوى عالٍ من السرعة والقدرة على تحمل السرعة. أعتقد أن جميع اللاعبين الذين نزلوا إلى الملعب عملوا بجد. وإذا كان عليّ أن أذكر اسماً واحداً في النهاية، فسأقول عبدالمجيد صبارة.
 مع توقف لاعبي المنتخب عن خوض المباريات حالياً وانتظارهم للمباراة المقبلة في أذار/ مارس، ألا تخشى أن تتراجع الجاهزية البدنية للاعبين؟
- بالتأكيد. هناك احتمال أن تتأثر الجاهزية البدنية للاعبين خلال فترة التوقف، خصوصاً اللاعبين الذين ليس لديهم عقود احترافية، إذا لم يتم توفير برامج تدريبية مكثفة ومنتظمة. كما هو الحال في بقية البلدان، من الضروري أن تلتزم الأندية في اليمن بتقديم تدريبات عالية الجودة وظروف مناسبة للاعبين. وجود مدربين أكفاء ودوريات تنافسية ومستوى عالٍ من الاحترافية يُعد أمراً أساسياً للحفاظ على جاهزية اللاعبين وضمان أدائهم المميز على المدى الطويل.
 ما النصائح التي يمكن أن تقدمها للاعبين للحفاظ على لياقتهم البدنية خلال فترة التوقف؟
- أنصح اللاعبين بالتزام العمل الجاد، والاستمرار في السعي لتحقيق أحلامهم بكل قوة وإصرار. عليهم استغلال فترات التوقف كفرصة لتعزيز لياقتهم البدنية وصقل مهاراتهم. الرغبة الصادقة في بذل جهد إضافي والتفوق على الآخرين في الالتزام بالتدريب هي المفتاح للوصول إلى أهدافهم الكبيرة وتحقيق النجاح المستدام.
 كيف يمكن معالجة نقاط ضعف البنية البدنية لبعض اللاعبين؟ وما هي الحلول التي تقترحها؟
- معالجة نقاط الضعف في البنية البدنية للاعبين تتطلب تعاوناً متكاملاً بين النادي والمدربين، حيث تقع على عاتقهم مسؤولية تصميم برامج تدريبية مخصصة لكل لاعب، وفقاً لاحتياجاته الفردية. بالإضافة إلى ذلك يجب على اللاعبين السعي للانضمام إلى أندية احترافية توفر لهم بيئة تدريبية متكاملة وظروفاً مناسبة لتطوير قدراتهم البدنية والفنية. هذه العملية تحتاج إلى البدء مبكراً، حيث إن بناء لاعب قوي بدنياً هو مشروع طويل الأمد يتطلب الالتزام والتخطيط بدءاً من المراحل العمرية الصغيرة.
 كيف ترى مستقبل المنتخب اليمني لكرة القدم؟ وما هي العوامل التي يمكن أن تسهم في تطويره؟
- رؤيتي لمستقبل المنتخب اليمني ترتكز على أهمية توفير بيئة احترافية للاعبين، حيث أتمنى أن يتمكن عدد أكبر من اللاعبين اليمنيين من الانضمام إلى أندية محترفة تقدم لهم ظروفاً ملائمة للاحتراف. هذا سيسهم بشكل كبير في رفع مستوى الأداء الرياضي وتحسين القدرة التنافسية للمنتخب على المدى الطويل.
بناء منتخب قوي يجب أن يعتمد على رؤية طويلة الأمد تنطلق من التركيز على فئة الشباب. وهنا أود أن أشيد مرة أخرى بالجهود التي يبذلها الاتحاد اليمني لكرة القدم في دعم المنتخبات الوطنية للشباب وتحسين ظروف إعداد المنتخب الأول والتي أصبحت أفضل في الفترة الحالية.
لكن لتحقيق تطور حقيقي ومستدام، من الضروري أن تبدأ عملية إعداد اللاعبين بشكل صحيح منذ سن مبكرة على مستوى الأندية. فالمنتخب الوطني هو انعكاس مباشر لمستوى المسابقات المحلية التي يشارك فيها اللاعبون، ولذلك يجب أن تكون هناك برامج تطويرية تهدف إلى رفع مستوى المنافسات المحلية وصقل المواهب منذ البداية.
 ما هي رسالتك إلى جماهير المنتخب اليمني؟
- رسالتي إليهم هي أن تظلوا دائماً فخورين بفريقكم، فهؤلاء اللاعبون يبذلون جهوداً كبيرة ويثبتون قدرتهم على المنافسة رغم التحديات وظروف التحضير التي لا تقارن بتلك التي تتوفر للمنتخبات الأخرى ذات الإمكانيات الأكبر.
أنا شخصياً أشارككم الحلم في رؤية المزيد من الانتصارات العظيمة التي ستجلب الفخر والسعادة لليمن. أثق أن المستقبل يحمل الكثير من اللحظات المشرقة للمنتخب. وبفضل دعمكم المستمر، سيواصل اللاعبون تقديم أفضل ما لديهم لتحقيق تلك الأحلام.