الأسيرة المحررة الصحفية بشرى الطويل في حوار مع «لا»:غزة أضاءت طريق الحرية للأسرى
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

قوات الاحتلال اقتحمت منزلنا قبيل الإفراج عن والدي وقالوا لنا: ممنوع تفرحوا، يجب أن تبقوا في حزن
المخابرات الصهيونية استدعتني بعد الإفراج بأسبوعين وتوعدتني بإعادة اعتقالي إذا مارست أي نشاط
الضرب المبرح ونزع الحجاب من أسوأ ما تعرضت له في سجون الاحتلال
حوار - عادل عبده بشر / لا ميديا -
بحلول اليوم، الثلاثاء 25 شباط/ فبراير الجاري، تكون قد مرّت 4 أيام على موعد إفراج كيان الاحتلال الصهيوني عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، الذين كان من المفترض أن يغادروا السجون والمعتقلات «الإسرائيلية» مساء السبت الفائت، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.
ومع استمرار سلطات العدو في جريمتها برفض الإفراج عن أسرى هذه الدفعة، وعددهم 620 أسيراً، حذّر أسرى مُحررون ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، من إقدام كيان الاحتلال على تعذيب الأسرى المقرر الإفراج عنهم في الدفعة السابعة، كما حدث مع أسرى سابقين تعرضوا للضرب والتعذيب الجسدي والنفسي والإهانة وغير ذلك من أساليب التنكيل الصهيونية.
وقالت الأسيرة الفلسطينية المحررة بشرى الطويل إن «أوقاتاً صعبة يمر بها الآن الأسرى الذين يترقبون حريتهم»، مضيفة: «ولن نتفاجأ إن كان الاعتداء الجسدي أول ما يتعرضون له، يليه البرد القارص مع الملابس الخفيفة التي يرتدونها».
وكشفت الطويل، وهي صحفية وناشطة فلسطينية، في حوار مع صحيفة «لا» عن فداحة الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال «الإسرائيلي» بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وعن معاناتها داخل سجون الكيان، ولماذا تم استدعاؤها من قبل المخابرات الصهيونية بعد أسبوعين من الإفراج عنها، وعن والدها القيادي في حماس جمال الطويل، الذي نال حريته في الدفعة الخامسة ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
حرب على الجميع
تنتمي الأسيرة المحررة بشرى الطويل لمدينة البيرة، شمالي الضفة الغربية. وتعتبر إحدى أبرز الأسيرات الفلسطينيات. تعرضت للاعتقال 7 مرات. وتحدثت في حوارها مع «لا» عن اعتقالها الأخير قائلة: «اعتقلت في 7 أذار/ مارس 2024، دون أي تهمة أو مبرر لذلك، وتم تحويلي فوراً إلى الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، وبعد أن أنهيت المدة تم تجديد الاعتقال لستة أشهر أخرى».
وحول ظروف الاعتقال وأسبابه، قالت: «الجيش الإسرائيلي اعتقلني دون سبب أو تهمة، فقط للانتقام منا ارتباطاً بحرب الإبادة التي ينفذها الاحتلال في قطاع غزة، إضافة إلى كوني أسيرة سابقة وابنة عائلة لها بصماتها الوطنية، لذلك ندفع ضريبة الوطنية داخل سجون الاحتلال».
وأضافت: «هي حرب يشنها الاحتلال على الجميع، فمن كان لديه ملف سابق يجب أن يعتقل، وإن لم يكن لديه ملف سابق أيضاً يجب أن يُعتقل»، لافتة إلى أن أسوأ شيء واجهته في الاعتقال الأخير ويعتبر الأصعب في كل اعتقالاتها، هو الضرب المبرح الذي تعرضت له وأدى إلى نزيف دمها وظهور كدمات مؤلمة في كافة أنحاء جسدها، الأمر الذي عانت منه لأكثر من شهر ونصف.
وإضافة إلى الضرب قالت الطويل إن جيش الاحتلال عند اعتقالها من منزل صديقتها، قام بتقييد يديها بالكلبشات إلى الخلف لمدة 12 ساعة، كما قام بنزع حجابها وتركها 14 ساعة دون حجاب.
وأوضحت أنها الأسيرة الوحيدة التي تعامل معها الاحتلال بهذه الطريقة، مشيرة إلى أن 15 جنديا وضابط مخابرات ومجندة اقتحموا المنزل الذي كانت تتواجد فيه ودمروا محتوياته، واعتدوا عليها بالضرب ورفعوا السلاح في وجهها كما وضعوا فوهة البندقية في فخذها الأيمن مهددين بإطلاق النار.
ووصفت الطويل هذا الإجرام قائلة: «كان هكذا التعامل بطريقة شرسة، مجرمة، مؤلمة، كان وضعاً سيئاً جداً بكل ما تعنيه الكلمة».
تجربة مختلفة
وقالت الأسيرة المحررة بشرى الطويل إن «تجربة الأسر هذه مختلفة تماماً عن المرات السابقة. هي الأكثر شراسة وهمجية وانتقاماً مني. هم يعتبرون أن بشرى هي المحرضة ولها تأثير كبير على الشباب الفلسطيني، وأن بشرى هي القيادية وهي... وهي... يعني الكثير من التهم، فكنت أقول لهم إن الصحافة هي التي توجعكم وترعبكم، وأنا كإعلامية دائماً كنتم تحاربونني، ودائماً تريدون تكميم الأفواه».
وأوضحت أن الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، سحب كل الإنجازات التي حققتها الحركة الأسيرة في السنوات السابقة، فيما يخص القوانين والحقوق التي انتزعتها الحركة انتزاعاً من إدارة السجن.
وأردفت: «ظروف الأسر فيما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كانت أكثر شراسة واستباحة من قبل إدارة السجن وجنود الاحتلال؛ استباحة لكل شيء؛ لا خطوط حمراء في تعامل الاحتلال مع الأسرى».
تهديد
كانت الأسيرة بشرى الطويل قد تنفست هواء الحرية في الدفعة الأولى ضمن المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير الفائت. وفي 3 شباط/ فبراير الجاري، تم استدعاؤها من قبل مخابرات الاحتلال.
وحول هذا قالت الطويل: «هذا الاستدعاء كان بغرض التهديد والوعيد بإعادتي إلى المعتقل، مؤكدين أننا تحت المتابعة والرقابة من قبلهم على كل شيء في حياتنا، فقلت لهم إن هذا الأمر ليس بجديد، وأن ربنا سيكف أذاهم عنَّا».
ممنوع الاحتفال
وفيما يتعلق بوالدها جمال الطويل، الذي أفرج عنه في الدفعة الخامسة بتاريخ 8 شباط/ فبراير الجاري، ونُقل مباشرة إلى المستشفى، قالت الأسيرة المُحررة بشرى: «حقيقة، لم يفاجئني شخصياً، وكذلك جميع عائلتي، الوضع الصحي لوالدي لحظة الإفراج عنه، لأني جربت تعامل قوات الاحتلال مع الأسرى والأسيرات، إضافة إلى سوء التغذية ورداءة الأكل في سجون الاحتلال؛ ولكن لم نتوقع أن نشاهده بهذه الحالة من آثار التعذيب على جسده، كدمات في أنحاء جسده، ضربات على الرأس، هناك أكثر من خمس عشرة علامة نتيجة الضرب على رأسه، بخلاف الاعتداء بضربه على صدره ما أدى إلى كسر في الضلع؛ ولكن رغم كل ذلك، الحمد لله كانت معنوياته عالية».
وأشارت الطويل إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت منزلهم فجر اليوم الذي أفرج فيه عن والدها المناضل جمال الطويل، موضحة: «هددونا: ممنوع الاحتفال، ممنوع الأغاني، ممنوع الأعلام، ممنوع المفرقعات، ممنوع تفرحوا، يجب أن تبقوا في حزن».
تحية إجلال لغزة
ووجهت الإعلامية والأسيرة المُحررة بشرى الطويل، تحية إجلال وإكبار إلى أهل قطاع غزة الصامدين، الذين ثبتوا في وجه الاحتلال، وإلى المقاومة الباسلة التي نجحت في تحريرهم من السجون. وأوضحت أن فرحتهم لم تكن لتكتمل إلا بوقف الحرب، وهو ما تحقق بالفعل.
وقالت: «الحمد لله الذي أعزنا بهذه الحرية، وأعزنا بأهلنا في غزة، فنصرنا من نصرهم وثباتنا من ثباتهم، والحمد لله رب العالمين، بفضل الله أولاً ثم بفضل ثباتهم وعزيمتهم، كان لنا تحرير الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال».
اعتذار
وفيما يخص دور جبهات الإسناد لغزة في محور المقاومة، في اليمن ولبنان والعراق وكذلك الجمهورية الإسلامية في إيران، اعتذرت الأسيرة المحررة الطويل عن الخوض في الحديث حولها، حتى لا يعتبره الاحتلال تحريضاً ضد «إسرائيل»، وفضلت التركيز على الجانب الإنساني ومعاناة الأسرى في سجون الاحتلال.
بشــــرى الطويـــل
وُلدت بشرى جمال محمد الطويل في 25 نيسان/ أبريل 1993، بمدينة البيرة وسط الضفة الغربية، وتلقت تعليمها المدرسي فيها. حصلت على الدبلوم في الصحافة والإعلام في الكلية العصرية الجامعية بمدينة رام الله عام 2013. عملت مع شبكة «أنين القيد» الفلسطينية المُختصة بشؤون الأسرى والمعتقلين وحقوقهم، وكانت ناطقة إعلامية باسمها.
يُعد والدها جمال الطويل عضواً بارزاً في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في محافظة رام الله والبيرة، حيث كان رئيساً لبلدية مدينة البيرة بين عامي 2006 و2012.
أمضى والدها ما مجموعه 18 عاماً في الأسر على فترات عديدة. كما تعرضت والدتها للأسر.
اعتقلت بشرى للمرة الأولى عندما كان عمرها 18 عاماً في 6 تموز/ يوليو 2011، وحُكم عليها بالسجن 16 شهراً، أمضت منها 5 شهور، وخرجت بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى «وفاء الأحرار - شاليط» نهاية عام 2011. وفي 2 تموز/ يوليو 2014، أعاد الاحتلال «الإسرائيلي» اعتقالها لتستكمل ما تبقى من حكمها حتى خرجت في 17 أيار/ مايو 2015. لاحقاً في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أُعيد اعتقالها وأصدر بحقها أمرٌ بالاعتقال الإداري استمر 8 أشهر.
اعتقلت في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2019، وصدر بحقها أمر اعتقال إداري لمدة 4 أشهر، جُدّد مرة أخرى في أذار/ مارس 2020 لمدة 4 شهور، ثم أمرت محكمة «إسرائيلية» بالإفراج عنها في 28 تموز/ يوليو 2020.
حوالى الساعة 11 من مساء 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، اعتقلها الاحتلال على حاجز طيار قُرب مستوطنة «يتسهار» جنوب محافظة نابلس. وصدر بحقها أمر اعتقال إداري لمدة 4 شهور، ومُدد مرة أخرى حتى أُفرج عنها في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
في 21 أذار/ مارس 2022 اعتُقلت جنوب نابلس. ولاحقاً أُفرج عنها في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2022.
اعتقلت في 7 أذار/ مارس 2024، ونتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني الذي بدأ في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، أُفرج عنها ضمن المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى في ساعات فجر يوم 20 كانون الثاني/ يناير 2025.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا