اليمن بالحبر العبري -
رغم القوة البحرية الأمريكية، لا يزال الحوثيون متماسكين، ومستمرين في مهاجمة حركة الملاحة التجارية والسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر. وفي آذار/ مارس الجاري، أطلق الحوثيون صاروخا مضادا للسفن على السفينة الأمريكية "يو إس إس لابون"، وهي مدمرة من فئة "آرلي بورك" قيل إنها تكلف ما يقرب من مليار دولار. وقد انتشرت حرب العصابات من الأرض إلى البحر.
إن ما يحدث في البحر الأحمر يُظهر كيف أن تطوير صواريخ متنقلة وأرضية مضادة للسفن، ومسيّرات رخيصة، يُحدث ثورة في الحرب البحرية، تماما كما أحدثت حاملات الطائرات ثورة في القرن الماضي. ولم يعد بإمكان سفن القتال السطحي، بما في ذلك حاملات الطائرات، التحكم بشكل كامل في البحار. ويجب على المنصات السطحية هذه أن تراقب أنظمة الأسلحة الشاطئية التي يمكن أن تصل إليها الدول وحتى المتمردون. إن نجاح أوكرانيا في صد البحرية الروسية بالمسيّرات والصواريخ في البحر الأسود، تمكن الحوثيون من نقله إلى البحر الأحمر، وهو شيء لم يكن من الممكن تصوره قبل أعوام قليلة.
إن الدرس الاستراتيجي الذي يمكن تعلمه من حملتي البحر الأسود والبحر الأحمر هو أن إحصاء عدد السفن الحربية ربما لم يعد أفضل دليل لتقييم قدرة دولة على غلق الممرات البحرية أو السيطرة عليها. إن الصواريخ الشاطئية والمسيّرات غير القابلة للغرق، القادرة على ضرب أهداف على بعد مئات وحتى آلاف الأميال في البحر، يمكن أن تشكل الآن نفس تهديد السفن الحربية السطحية، أو أكبر.
وهناك نتيجة أخرى لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وهي التسبب فيما يمكن أن يكون تغييرا دائما في أنماط التجارة الدولية والنقل.
وبشكل تقليدي، يمر 40% من التجارة العالمية بين آسيا وأوروبا عبر البحر الأحمر. واضطرت التجارة البحرية إلى تغيير مسارها بسبب هجمات الحوثيين المستمرة، لتسلك الرحلة الأطول والأكثر تكلفة حول قارة أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح.
أستبعد أن تتمكن البحرية الأمريكية، والتي انضم إليها حلفاء أوروبيون في إطار العملية "أسبيدس"، من التوصل إلى حل عسكري حاسم للقضاء على هجمات الصواريخ والمسيرات الحوثية. كما أن استمرار الجمود البحري مع الحوثيين لا يعد انتصارا. ومع إدراك أنه لا يمكن حل الأزمة عسكريا، بدأت واشنطن بالفعل في السعي إلى صيغة دبلوماسية، حتى أنها تواصلت مع طهران للمساعدة في إجراء مفاوضات عبر قنوات خلفية.
إن إنهاء هجمات الحوثيين قد ينتظر حتى تحقيق السلام في غزة. وحتى عندما يأتي هذا اليوم، لن تنتهي التداعيات طويلة المدى لما حدث في البحر الأحمر.


رامون ماركس - 
محامٍ دولي أمريكي متقاعد ونائب رئيس مجلس إدارة مديري الأعمال للأمن القومي (BENS) - مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية