«لا» 21 السياسي -
قبل خمسة عشر عاماً بالضبط تعرضتُ شخصياً لهجوم واسعٍ وقاسٍ من قبل جمهور عريض من الصحفيين والكتاب والإعلاميين والسياسيين والشخصيات الاجتماعية، بل وعوقبت بأن تم رفض نشر كتاباتي في أغلب الصحف؛ رداً على نشري لإدانة كتبتها عن تفجير النظام السابق منزل المواطن ناصر المفلحي في رداع الرياشية، بعد عجز داخلية النظام ذاته عن اعتقال نجل ذلك المواطن، المتهم بارتكاب جريمة قتل بشعة بحق الطبيب درهم القدسي. ومن سخريات القدر أن الكثير من ذلك الجمهور المذكور أعلاه، وأغلبهم اليوم يقف ضد الحكم في صنعاء، قد قلبوا مجن الحكاية بين أمس أيدوا فيه ولأسباب غير أخلاقية ولدواعٍ مناطقية ومصلحية ضيقة ذلك التفجير ونددوا باعتراضي وآخرين عليه، وبين اليوم حيث ينددون بهذا التفجير (تفجير الحفرة)، ولأسباب غير أخلاقية أيضاً ولدواعٍ سياسية وانتفاعية ضيقة كذلك، بل وأكثر من هذا، فهل من سخرية أكبر مما كتبه خالد الرويشان بأن «تفجير المنازل في رداع هو من أعمال المليشيات» ولم يره «إلا في هذه الأيام»، فيما كان الرويشان حينها عضواً ووزيراً للثقافة في تلك الحكومة نفسها التي قامت بتفجير منزل المفلحي.
ما أود قوله هنا لمثل هؤلاء هو أن حتى ولو تبدلت مواقفك فإن المبادئ لا تتغير، وعلى كل من أيّد أو سكت عن جريمة تفجير بيت المفلحي في أيار/ مايو 2009 أن يخرس ويبلع لسانه عن جريمة تفجير منزل الزيلعي في آذار/ مارس 2024، فلسنا في لعبة كراسٍ موسيقية، وذاكرة الذباب أضعف ملايين المرات من ذكريات الضحايا.
وعلى جميع من تورطوا في إدخال تنظيم القاعدة إلى رداع بداية العام 2012 وتواطؤوا أو سكتوا عن جرائمه بحق أبناء رداع من قتل وتفجير وتهجير أن يخسؤوا وليضعوا مزايداتهم البخسة بدماء الناس على طاولات حراج الرياض، علّ من يشتريها بـ»حق العيد» أو يرميها في سلة زبالة أحد طويلي العمر.
وكما أدنت جريمة تفجير منزل المفلحي قبل عقد ونصف، أدين اليوم أكثر بل وأضعافاً مضاعفة جريمة تفجير بيت الزيلعي والبيوت المجاورة له وسقوط الأبرياء شهداء وجرحى. وما الإدانة والشجب والاستنكار، وما تعزيتي لأهلي وأحبائي وعزائي لناسي ونفسي، إلا أضعف الإيمان. وسبب مضاعفة شجبي لجريمة التفجير بحارة حفرة رداع على استنكاري لجريمة التفجير في رياشية رداع هو أن الأولى حدثت في زمن ثورة ومسيرة يتعشم الكثيرون منها وفيها، فيما الأخرى وقعت في عهد نظام وقع وسقط للأبد.
بالمناسبة، كدت أن أنسى أن القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية حينها هو من أمر مباشرة بتفجير بيت المفلحي بالرياشية، وذلك بحسب شهود عيان حاولوا مراجعة قائد الحملة على العودة عن ارتكاب جريمة التفجير، وعندما سألوه: لماذا تعملون هكذا؟! ومن الذي أمركم بهذا الفعل؟! قال: لدينا أوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة!... وطبعا القائد كان هو الرئيس السابق علي عبد الله صالح.