اليمن بالحبر العبري -
يُشير قليلون، مثلا، إلى أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر يجب أن تؤخذ على محمل الجد، كرد فعل على تصرفات محددة قام بها كيان الاحتلال في غزة، وليس بتوجيه من إيران أو تقديرها، وعدد أقل لا يزال يحلل تصرفاتهم في تاريخ التضامن الطويل بين اليمنيين والفلسطينيين الذي يعود إلى أيام التقسيم.
في الآونة الأخيرة فقط، وخلال جلسة استماع للجنة الفرعية بمجلس الشيوخ الأمريكي، ومع إدراك أن الضربات ضد أهداف الحوثيين في اليمن لم تردع أنشطتهم في البحر الأحمر، تم اعتبار أن أفعالهم ربما تكون مرتبطة بالفعل بالحرب في غزة.
الحوثيون، مثل العديد من الجهات الفاعلة المحلية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لديهم القوة والرغبة في صياغة مصيرهم، سواء في وطنهم أم في جميع أنحاء المنطقة. وسواء كانت أهدافهم الاستراتيجية تتماشى مع إيران أم لا، وتحت أي ظروف، كما هو الحال مع الولايات المتحدة ووكلائها، فهي مسألة قيد النظر.
لكن اختزال تصرفات الحوثيين في المقام الأول في علاقتهم مع إيران يُغفل الطريقة التي يرون بها ويعملون بها في العالم، كما لو أنهم يتحركون كروبوتات مبرمجة مسبقاً، وليس كمجموعة قد يكون لها فأسها الخاص للتعامل مع الهيكل الأمني الإقليمي الذي تفرضه الولايات المتحدة، مما لا يؤثر فقط على الوضع في اليمن وسعي هذه الجماعة إلى السلطة هناك، وإنما في أماكن أخرى أيضاً.
إن النظر إلى سلوك الحوثيين على أنه من صنع إيران في الأساس ينضح بالكسل الفكري، الذي لا يتجاهل تقييم الديناميكيات المحلية والإقليمية المعقدة فحسب، بل يحمل أيضا آثارا عميقة فيما يتعلق بالحلول السياسية.
إن تقييم الحوثيين كمجموعة لها وكالة وتاريخ خاص بها يتطلب البحث عن حلول أكثر تعقيدا وسياقا، وهو ما قد لا يكون قابلا للتنفيذ بالكامل من خلال القوة العسكرية؛ ولكن قد يشمل التفاوض والتسوية، وعلى أقل تقدير الاعتراف بأن الأعمال العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها تثير ردود أفعال من الجهات الفاعلة المحلية بشروطها الخاصة.

موقع «ريسبونسيبل ستيت كرافت» الأمريكي