اليمن بالحبر العبري -
من المرجح أن تتبنى الولايات المتحدة وحلفاؤها «استراتيجية منضبطة» لإنهاء هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، مع تجنب تدخل عسكري طويل الأمد.
هكذا يتوقع تحليل لمركز «ستراتفور»، محذرا من أن النهج العنيف من شأنه أن يخاطر بالتصعيد الذي قد يؤدي إلى انهيار محادثات وقف إطلاق النار 
بين السعودية والحوثيين في اليمن، ويدفع إيران إلى توسيع هجماتها البحرية في المنطقة.
ومنذ بدء هجمات اليمنيين، تقدر تقارير أنه تم تحويل ما قيمته 200 مليار دولار من التجارة إلى الطريق الأطول بكثير حول أفريقيا.
ووفق التحليل، ستقاوم الولايات المتحدة الجهود الرامية إلى قيادة حملة أكثر شمولية لفرض ضغوط عسكرية ودبلوماسية كبيرة على الحوثيين لإنهاء هجماتهم في البحر الأحمر.
وتضغط الإمارات وبعض الصقور المقيمين في الولايات المتحدة من أجل رد أكثر شمولاً على المضايقات.
وواصل الإماراتيون دعوة الولايات المتحدة إلى إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة «إرهابية» أجنبية، في حين يريد البعض في وسائل الإعلام الأمريكية رؤية المزيد من الضربات الموسعة على الحوثيين.
وهذه الاستراتيجية الأكثر توسعية لا تعني ضرب البنية التحتية المتعلقة بالهجمات فحسب، بل مواقع سياسية وعسكرية أخرى للحوثيين، مثل العاصمة صنعاء.
ومن المرجح أيضاً أن تزيد واشنطن دعمها الاستخباراتي والعسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لتمكينهم من ممارسة الضغط العسكري على الخطوط الأمامية المهمة بالقرب من مأرب.
ولكن في حين أن مثل هذه الحملة الموسعة من شأنها أن تمارس الضغط العسكري الأكثر أهمية على الحوثيين، فإن الحكومات الغربية ليست حريصة على الدخول في الحرب (الأهلية) اليمنية المستمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمن، خاصة دون استراتيجية خروج نظيفة.
وسيعني ذلك أيضاً، وفق التحليل، نهاية محادثات السلام السعودية الحوثية واستئناف هجمات الحوثيين في جميع أنحاء السعودية و/ أو الإمارات، بما في ذلك البنية التحتية للطاقة والأهداف التي يمكن أن تضع ضغوطاً تصاعدية على أسعار الطاقة العالمية.
ورغم القوة الجوية الساحقة للتحالف، فإن الضربات المتزايدة على أهداف الحوثيين في اليمن لن تضمن حدوث تغيير جوهري في التوازن العسكري للحرب «الأهلية»، حيث يعاني التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن أيضاً من الانقسام الداخلي، وقلة الخبرة والفساد وسوء الإدارة الذي أعاق قدرتها على تحقيق مكاسب ضد الجماعة المسلحة.
وعلى خلفية هذه القيود، من المرجح أن تتبنى الولايات المتحدة وحلفاؤها استراتيجية منضبطة لمنع هجمات الحوثيين واعتراضها.
وللحد من نطاق الانتقام والتصعيد المحتمل، يقول تحليل «ستراتفور» لدى الولايات المتحدة وحلفائها عدة خيارات لضرب الحوثيين؛ الأول هو: الحفاظ على تكتيكاتهم الحالية المتمثلة في ضرب سفن الحوثيين وصواريخهم وطائراتهم بدون طيار وغيرها من الطائرات عند دخولها البحر الأحمر، وهي طريقة قد تعترض العديد من الهجمات ولكنها لم تطمئن حتى الآن شركات الشحن إلى أن المنطقة آمنة، مع وجود الولايات المتحدة.
أما الخيار الثاني فهو: أن تصبح أكثر استباقية في البحار من خلال محاولة اعتراض الهجمات في وقت مبكر.
وقد تصعد واشنطن وحلفاؤها أيضاً هجمات محدودة على اليمن نفسه، والتي يمكن أن تكون إما رد فعل (حيث يرد التحالف على الهجمات بضرب أهداف مرتبطة بتلك الهجمات) أو استباقية (حيث يختار التحالف مهاجمة أهداف مرتبطة بهجمات وشيكة).
وجميع هذه الاستراتيجيات مقيدة نسبياً، وتتطلب معلومات استخباراتية دقيقة ولن تكون قادرة على اعتراض جميع الهجمات، نظراً للطبيعة المتنقلة للبنية التحتية العسكرية للحوثيين على الأرض وفي البحر.
ويقول التحليل إن اتباع أساليب أكثر محدودية لاحتواء هجمات الحوثيين يمكن أن يمكّن أعضاء التحالف -مثل فرنسا والمملكة المتحدة- من تولي زمام المبادرة في مثل هذه المهام.
وهذا من شأنه أن يقلل حافز الحوثيين للانتقام من الولايات المتحدة و/ أو توسيع نطاق انتقامهم في جميع أنحاء المنطقة.
ويتابع: «مهاجمة مجموعة محدودة من الأهداف سيكون أيضاً ضمن قدرات هؤلاء الشركاء الصغار في التحالف».
وحتى هذه الاستراتيجية المقيدة، وفق التحليل، يمكن أن تؤدي إلى هجمات متبادلة بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والحوثيين، مما قد يؤدي إلى خطر التصعيد وتوسيع نطاق الصراع.
وإذا شن التحالف ضربة في اليمن نفسه، فذلك سيحفز الحوثيين على الرد عسكرياً ضد قوات التحالف، مما يثير سلسلة من الأحداث التي تحفز التحالف على إجراء مجموعة أوسع من الضربات على الحوثيين.
وإذا أدى أحد هذه الحوادث إلى خسائر كبيرة في صفوف التحالف في هجوم ناجح على سفينة حربية، فسوف يفكر التحالف بعد ذلك في شن ضربات على عدد محدود من أهداف الحوثيين على الأرض، مثل الموانئ ومهابط طائرات الهليوكوبتر ومنصات إطلاق الطائرات بدون طيار والمطارات ومراكز القيادة والسيطرة، ومواقع إطلاق الصواريخ، وتخزين الصواريخ والطرق، ومستودعات الذخيرة التي قد لا تكون بالضرورة مرتبطة بعمليات الحوثيين في البحر الأحمر.
وتابع: «إذا بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في مهاجمة أهداف الحوثيين بشكل مباشر في اليمن، فمن المرجح أن تظل المدن الكبرى مثل صنعاء محظورة، بسبب احتمال التسبب في خسائر في صفوف المدنيين وإعطاء الحوثيين حافزاً أقوى لزيادة هجماتهم على التحالف أو حتى استئنافها».

المصدر: «ستراتفور»