«لا» 21 السياسي -
تعد رواية «رجال في الشمس» من أشهر روايات الشهيد والمناضل والكاتب والروائي الفلسطيني غسان كنفاني على الإطلاق.
طبعت في عام 1963، ونظرا لما لقيته من استحسان القراء، قامت الهيئة العامة للسينما في دمشق بتقديمها كفيلم سينمائي، وكان ذلك عام 1972 تحت عنوان «المخدوعون».
تتميز لغة الرواية بسلاستها وبساطتها. وتروى منذ بدايتها إلى نهايتها من قبل راوٍ واحد هو السارد. وهذا الأخير غير مشارك في الأحداث، فهو يرى من الخارج، لكنه يعلم ما يدور بداخل الشخصيات، ويستعمل ضمير الغائب «هو»، ولا يوجد اقتران بين الشخصيات والمؤلف والسارد.
تتحدث الرواية عن ثلاثة فلسطينيين من فئات عمرية مختلفة كل منهم يعاني من مشكلة معيشية، والتي تواجه كل الفلسطينيين الذين شردوا ونزعوا من أراضيهم بالقوة. كما تتحدث الرواية عن محاولتهم لحل مشاكلهم عبر الهروب إلى الكويت بلد النفط والثروة.
فـ»أبو قيس»، الرجل العجوز، يحلم ببناء غرفة في مكان ما خارج المخيم. و»أسعد»، الشاب الطموح، يحلم بالثروة وحياة جديدة. و»مروان»، الصبي الصغير، يحاول أن يتغلب على مأساته المعيشية، فشقيقه في الكويت تركهم دون معيل، لأنه تزوج، ووالده تركهم ليتزوج امرأة معاقة تملك بيتاً، فقرر الذهاب إلى الكويت ليعيل العائلة. وكان لهم هدف واحد هو كيفية الوصول إلى الكويت.
قرر ثلاثتهم الهروب في خزان شاحنة يقودها «أبو الخيزران»، وهو رجل فقد «رجولته» في الحرب، وأصبح بعدها سائقاً يعمل على طريق الكويت، ويهرب الممنوعات أحياناً والناس أحيانا أخرى.
وفي الطريق يموت الفلسطينيون الثلاثة في الخزان، بسبب شدة الحر داخل الخزان. ولأن السائق تأخر في نقطة التفتيش، يموتون دون أن يدقوا جدران الخزان أو يرفعوا أصواتهم. لقد كانت نهاية مأساوية، وانتهت الرواية بطرح سؤال بديهي: لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟!
بعد ستين عاما من تساؤل كنفاني المأساوي، وبالتحديد في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لم يدق الفلسطينيون جدران الخزان فحسب، بل «دقّوا» (هدموا) تلك الجدران بطوفانهم العظيم.
فكانت البداية كما وصفها غسان بنفسه في «ورقة من غزة» بالقول: «كانت غزة جديدة كل الجِدة، أبداً لم نرها هكذا. كانت تلوح لي أنها بداية فقط. لا أدري لماذا كنت أشعر بأنها بداية فقط! كنت أتخيّل أن الشارع الرئيسي، وأنا أسير فيه عائداً إلى داري، لم يكن إلا بداية صغيرة لشارع طويل طويل يصل إلى صفد».