ديفرات باندي - إنديا توداي
ترجمة خاصة: زينــب صلاح الدين / لا ميديا -
في 31 مارس أدانت وزارة الثروة السمكية اليمنية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء بشدة تحويل أرخبيل سقطرى إلى قاعدة عسكرية إماراتية.
في وقت سابق كشفت صور الأقمار الاصطناعية التي أصدرها مختبر إنتل في نوفمبر 2023 عن عملية تطوير مطار في جزيرة عبد الكوري (كيلميا) وهي جزء من أرخبيل سقطرى في اليمن. وادعى المختبر في تغريدة له أنه تم تحديد شريطين على شكل مدرج ومنطقة ساحة انتظار محتملة.
قال مسؤول حكومي يمني لقناة «المسيرة» المحلية إن «قوات إماراتية جديدة وصلت إلى مطار حديبو في جزيرة سقطرى الرئيسية من أجل التحضير لإعادة الانتشار في جزيرة عبد الكوري حيث تظهر صور الأقمار الاصطناعية أن منشآت عسكرية جديدة قيد الإنشاء». وأردف المسؤول قائلاً أيضاً إن التحالف يحتل بعض الجزر والسواحل اليمنية ويدمر البيئة ويشرد المواطنين «قبل أن يدعو الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى لتحمل مسؤولية الهجوم على الجزر اليمنية واحتلالها ونفي المواطنين من قبل بلدان العدوان المتحالفة».
في السنوات الأخيرة ذكر الهلال الأحمر أن جزيرة سقطرى أصبحت محط اهتمام إقليمي ودولي بسبب موقعها الاستراتيجي عند مصب خليج عدن الذي يعد أحد أكثر خطوط الملاحة ازدحاماً في العالم إذ يضم 21 ألف سفينة من بينها 9 بالمائة من إمدادات النفط السنوية للعالم تمر عبر سقطرى بشكل سنوي. وتقع الجزيرة بالقرب من القرن الأفريقي وهو منطقة تعاني من القرصنة وعدم الاستقرار السياسي. وموقعها هذا يجعل منها منطقة ذات قيمة للعمليات العسكرية حيث إنها تسمح بمراقبة ممرات الشحن الأمر الذي يمكن أن يساعد في أغراض مراقبة بالإضافة إلى السيطرة المحتملة على الممرات المائية الحيوية.

النفوذ الغربي
لقد استثمرت الإمارات شراكاتها القوية مع عدد من الدول الأجنبية لاسيما في المجال العسكري. وكمثال على ذلك قيام التحالف بقيادة السعودية والإمارات والولايات المتحدة وإسرائيل بتأسيس وجود عسكري في الجزيرة اليمنية.
السعودية: تفيد التقارير أن الإمارات استثمرت مراراً موارد كبيرة في تحسين البنية التحتية للجزيرة مثل بناء مطار وميناء جديدين لدعم عملياتها العسكرية. وشراكة الإمارات مع السعودية على وجه الخصوص جديرة بالذكر بما أن كلا الدولتين قد ضمت قواتهما في حملات عسكرية متنوعة في اليمن لاسيما ضد المتمردين الحوثيين أي المليشيا المدعومة من إيران. ويعتقد أن التواجد الإماراتي في الجزيرة هو من أجل دعم هذه الجهود ويوفر نقطة انطلاق للعمليات العسكرية في المنطقة. بعد مرور عامين على هذا الحدث سيطر المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على الجزيرة بالقوة وطرد القوات المدعومة من السعودية منها. وتم رفع العلم الإماراتي في كل المناطق وحلت شركات الاتصالات الإماراتية محل شركات اليمن.
إسرائيل: أقامت الإمارات أيضاً شراكة عسكرية مع إسرائيل بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية. ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية المحلية فتحت الإمارات جزيرة سقطرى أمام الوجود العسكري الإسرائيلي منذ الإعلان عن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين في منتصف 2020. وأنشأت إسرائيل قواعد استخباراتية على الجزيرة بالتعاون مع الإمارات. وقعت شركة الهلال الإماراتية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الإماراتي عقداً مع إسرائيل لإنشاء مركز تجسس استخباراتي لسلاح الجو الإسرائيلي في مطار حديبو، حسبما ذكرت وكالة فارس للأنباء ومقرها إيران.
الولايات المتحدة: زعمت بعض وسائل إعلام يمنية محلية أن الجيش الأمريكي له أيضاً وجود في سقطرى على الأرجح كجزء من التعاون. حيث كانت علاقة الإمارات مع الولايات المتحدة تتسم باهتمام مشترك بمكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط.

مكانة المرتزقة في الجيش الإماراتي
بحسب تقرير «رويترز» كانت الإمارات تعتمد على كبار العسكريين الأجانب منهم مايك هندمارش كبير جنرالات القوات الخاصة الأسترالية السابق للمساعدة في عملياتها العسكرية الدولية. هؤلاء الأفراد يقدمون خبرات وقوى بشرية قيمة لدعم الأهداف العسكرية الخارجية للإمارات. هندمارش المعروف أيضاً في الإعلام الأمريكي بـ«أسبرطة الصغيرة»(*) هو القائد المشرف على قيادة الحرس الرئاسي التي مهمتها إدارة الحملات العسكرية الإماراتية في اليمن. قيادة الحرس الرئاسي هي قوات نخبة تم تشكيلها لأداء المهمات الخاصة والسرية في الخارج حيث الوجود العسكري الإماراتي كما تعمل على ضمان أمن محمد بن زايد حاكم أبوظبي.

اهتمام الإمارات بالتوسع العسكري في سقطرى
تنفذ دولة الإمارات مشروعاً كبيراً لتطوير جزيرة سقطرى لتصبح قاعدتها الرئيسية لقوات العمليات الخاصة والقوات البحرية والجوية إلى جانب مركز القيادة المركزي لست قواعد بحرية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. وذكرت «رويترز» أن الإمارات نقلت مئات الجند مع المدفعيات والعربات المدرعة إلى جزيرة سقطرى التي تبعد 350 كيلومترا عن البر الرئيسي اليمني.
تحدثت صحيفة «إنديا توداي» مع خبير الدفاع اللواء الدكتور ياش مور (متقاعد) حول أهمية جزيرة سقطرى وكيف يمكن أن تكون مصدر قوة للأهداف الإماراتية العسكرية الإقليمية في الخارج. قال مور «إن إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد قد سلط الضوء مجدداً على خطوط الاتصال البحرية الحاسمة التي تبدأ من خليج عدن حول القرن الأفريقي. لأن ذلك -مع كامل منطقة الخليج الفارسي- ينفتح ويطل على أعالي البحار في المحيط الهندي».
وأضاف أن «الجزيرة في نطاق سيطرة الإمارات التامة حالياً لكن قوى أخرى عالمية وإقليمية تدخل في المنافسة».
وفقاً لـ«مركز بروكينغز الدوحة»، وهو مؤسسة سياسة عامة مقرها قطر فإن الحكومة اليمنية التي يترأسها الآن رشاد العليمي والمتمردين الحوثيين هما لاعبان مهمان كانا يتقاتلان منذ العام 2014 بعد الصراع اليمني. وتحظى الحكومة اليمنية بدعم من السعودية والإمارات في حين أن الحوثيين مدعومون من إيران. وعلى الرغم من دعم هذه القوى الإقليمية لم تتمكن الحكومة اليمنية من القضاء على المتمردين الحوثيين.
بعد أن دخلت اليمن في حرب أهلية عام 2015 تولت الإمارات ثاني أهم دور عسكري مع شريكتها في التحالف السعودية. وبالإضافة إلى الحصار البحري المثير للجدل الذي تفرضه قوات التحالف على البلد فإن إحدى الطرق التي تملي بها الإمارات شروطها في جنوب اليمن هي من خلال سيطرتها على الخط الساحلي بما في ذلك عدد من المدن الساحلية مثل عدن والمخا والمكلا وميون وسقطرى.
إن الاستيلاء على المناطق من قبل الإمارات متعلق بحرب النفوذ، محاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية وقوات الحوثيين ومنع النفوذ الإيراني على بعد 1200 ميل من الخط الساحلي. ومع ذلك لاتزال خطط أبوظبي على المدى الطويل غامضة ويرى النقاد أن توسعها يعادل الاحتلال. من غير المحتمل أن تترك الإمارات السيطرة على هذه المناطق الثمينة بمجرد انتهاء الحرب في اليمن دون أن تؤثر على الأقل على المصالح السياسية والاقتصادية على الساحل الجنوبي.

هل يمكن للوجود الإماراتي في سقطرى أن يفيد الهند؟
تربط الهند علاقات تاريخية مع جزيرة سقطرى حيث كانت طريقا تجارياً قديماً بين الهند وشبه الجزيرة العربية. وللهند أيضاً مصالح استراتيجية في المنطقة حيث يعد خليج عدن طريق نقل مهما للشحن البحري. غير أنها اليوم تواجه تحدياً استراتيجياً في خليج عدن والبحر الأحمر حيث تحتاج إلى إنشاء موقع قوي لحماية سفنها التجارية وناقلات النفط. وقد ازداد حجم هذا التحدي مع وجود قاعدة عسكرية استراتيجية للصين في جيبوتي ينظر إليها على أنها تهديد محتمل لطرق الملاحة الهندية والأمن العام.
تحدث فريق «إنديا توداي» مع خبراء استراتيجيين كسانجيف سريفاستافا حول الدبلوماسية الهندية واللواء الدكتور ياش مور حول الدفاع والأمن الملاحي. وركز الاثنان على تطوير العلاقات الثنائية والمتعددة بين الهند والإمارات.
ذكر سريفاستافا أنه «في يوليو 2022 أطلقت الدولتان آيتويوتو وهي مبادرة مشتركة تهدف إلى تعزيز الاستثمار والتعاون في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن». ومجموعة «آيتويوتو» هي عبارة عن مجموعة مقترحة من قبل مفكري السياسة الخارجية الذين قدموا الحجة الاستراتيجية لـ»تحالف هندي إبراهيمي» واسع يشمل الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة. وأوضح سريفاستافا أن «جزيرة سقطرى مهمة على الصعيد الاستراتيجي بالنسبة للهند والإمارات حيث ستمكن خفر السواحل الهندي من حماية سفنها من القراصنة والمليشيات بينما تراقب الطريق التجاري الأكثر ازدحاماً». وأكد على الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لجزيرة سقطرى لكلا البلدين.
يعتقد الدكتور ياش مور أن الهند لديها أيضاً مصالح تجارية واستراتيجية في المنطقة وأن الشراكة الدبلوماسية الدفاعية مع دولة الإمارات كانت إيجابية في السنوات الأخيرة. في هذا السياق قال «للحفاظ على تجارة الطاقة السلسة ينبغي على الهند اتخاذ تدابير استباقية للتعاون مع الإمارات والحفاظ على الموقع الاستراتيجي خالياً من الخصوم. وذلك يشمل المناورات البحرية المشتركة والتعاون لإبقاء الممرات المائية مفتوحة».
كما يضيف سريفاستافا: «تريد الصين الهيمنة على منطقة المحيطين الهندي والهادئ وهي تراقب عن كثب المحيط الهندي والبحر العربي وخليج عدن بنوايا استعمارية وتسلطية وإمبريالية وانتهازية». واقترح أنه لتعزيز نفوذها في المنطقة يجب أن تتعاون الهند مع الإمارات في جزيرة سقطرى مدعياً أن «هذه الخطوة سوف تعطي الهند وصولاً أفضل إلى منطقة بحر العرب». وشدد على أن جزيرة سقطرى ذات الموقع الاستراتيجي ستكون حاسمة في الأحداث البحرية مستقبلاً لمواجهة الوجود البحري الصيني في جيبوتي.
يقول الباحثون والمحللون إن الهند تحتاج إلى تعميق شراكتها أكثر مع الحلفاء الغرب والإمارات وإسرائيل لمواجهة موطئ القدم الصيني المتزايد في المنطقة. والوجود المتنامي للحلفاء في جزيرة سقطرى يمثل فرصة للهند لتقوية موقعها في المنطقة. في عام 2002 بمساعدة روسيا والمفاوضات مع طاجيكستان أطلقت الهند مشروع «آيني» ودشنت الهند أول تواجد عسكري لها خارج الحدود لمحاربة الصين وباكستان وللحفاظ على قبضة استراتيجية محكمة في المنطقة.
في فبراير 2023 شاركت الهند في اجتماع ثلاثي مع فرنسا والإمارات لتعزيز موقعها الاستراتيجي في منطقة الخليج وغرب المحيط الهندي حيث قال جايشانكر إن القصد كان بناء «منطقة المحيطين الهادئ والهندي تكون مستقرة وهادئة ومزدهرة». كما يؤكد البيان الثلاثي المشترك الصادر خلال عطلة نهاية الأسبوع أيضاً على الجهود لـ«مواصلة تعزيز التوافق والتنمية المشتركة والإنتاج المشترك مع البحث عن سبل لتعزيز التعاون والتدريب بين قوات الدفاع التابعة للدول الثلاث».

هو مصطلح أطلقه الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس في الأساس على الإمارات للحديث عن مدينة صغيرة تلعب دوراً أكبر من حجمها. لكنه أيضاً يستخدم للإشارة إلى قوات قيادة حرس الرئاسة الإماراتي التي يتولاها الجنرال المتقاعد مايك هندمارش.
7 أبريل 2023