«لا» 21 السياسي -
قالت وكالة «بلومبرغ» الأمريكية إن صندوق الثروة السيادية في السعودية أعلن عن خسارة شاملة بلغت 15.6 مليار دولار في عام 2022، بعد أن تراجعت قيمة استثماراته في صندوق «سوفت بنك فيجن» وتضررت المشاريع التقنية الأخرى بسبب تراجع السوق العالمية في الفترة القليلة الماضية.
في الوقت نفسه حقق صندوق الاستثمارات العامة، دخلاً قدره 25.4 مليار دولار في العام السابق، وفقاً لتقرير مالي سنوي.
وزاد صندوق الاستثمارات العامة، الذي يرأسه ابن سلمان، بشكل كبير نسبة أصوله المخصصة للأسهم السعودية العام الماضي، من 24% إلى 32%. كما خفضت من 20% إلى 10% الجزء المخصص للأصول الاستراتيجية الدولية، وهي محفظة تشمل نادي كرة القدم الإنجليزي (Newcastle United FC) وصندوق (Blackstone Group LP) للاستثمار في البنية التحتية الأمريكية.
كان النمو في استثمارات الأسهم المحلية مدفوعاً إلى حد كبير بتحويل 4% من عملاق الطاقة أرامكو السعودية إلى صندوق الاستثمارات العامة في شباط/ فبراير 2022. وتبلغ قيمة هذه الحصة حوالى 80 مليار دولار.
كذلك فإن صندوق الاستثمارات العامة هو جزء رئيسي من جهود الحكومة للتنويع في مجالات أخرى غير النفط، حيث يستخدمه ابن سلمان لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات في كل شيء، من السياحة إلى السيارات الكهربائية والمشاريع الرياضية في المملكة.
في سياق متصل، لم يكشف صندوق الاستثمارات العامة عن رقم لعوائد المساهمين عام 2022، في حين شهد صندوق الرؤية الأول لمجموعة (SoftBank Group Corp)، المدعوم من السعودية وأبوظبي، خسارة سنوية قياسية بلغت 32 مليار دولار في عام 2022.
حتى مع الخسارة، نمت أصول صندوق الاستثمارات العامة الخاضعة للإدارة إلى 595.5 مليار دولار من 527.8 مليار دولار في عام 2021.
كان الصندوق سيستفيد من الأسهم العالمية، بما في ذلك تلك الموجودة في الولايات المتحدة والسعودية نفسها، حيث ارتفعت بشكل كبير منذ نهاية عام 2022. وتشير التقديرات الحالية إلى أن أصول صندوق الاستثمارات العامة تبلغ حوالى 777 مليار دولار، وفقاً لمعهد صندوق الثروة السيادية.
وكانت وكالة «بلومبرغ» قد كشفت سابقاً أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي سجل خسائر في الأنشطة الاستثمارية بلغت نحو 11 مليار دولار خلال عام 2022 مقارنة بأرباح قدرها 19 مليار دولار في 2021.
وقال صندوق الثروة السيادي السعودي إنه حقق عائداً بنسبة 25% خلال عام 2021 مع انتعاش الأسواق العالمية، بما يتماشى تقريباً مع عائد المستثمرين في مؤشر «ستاندرد آند بورز» في ذلك العام.
ولم يكشف صندوق الاستثمارات العامة الذي يترأسه ولي العهد السعودي عن رقم مماثل في حساباته لعام 2022، وهو العام الذي انخفض فيه المؤشر ذاته بنسبة 20% تقريباً.
ويمر صندوق الاستثمارات العامة في خضم موجة استثمارية عالمية بعد أن تم تحويله من شركة قابضة تركز على المستوى المحلي إلى صندوق سيادي عام 2016.
وفي الأشهر الأخيرة، استحوذ الصندوق على اهتمام عالمي بعد إعلان صفقة لدمج بطولة «إل آي في» للغولف الجديدة مع جولة «بي جي إيه» الأمريكية، وذلك كجزء من جهود المملكة لتعزيز قوتها الناعمة وتحسين صورتها دولياً من خلال الاستثمار في الرياضة العالمية، بحسب «بلومبرغ».
ويستثمر الصندوق في عشرات الشركات داخل وخارج المملكة بهدف تحقيق رؤية السعودية 2030 لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.
في الداخل، يدعم صندوق الاستثمارات العامة المشروعات الكبيرة التي يشرف عليها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مثل مشروع السياحة الرائد في منطقة البحر الأحمر ومنطقة «نيوم» الاقتصادية المزمعة بتكلفة 500 مليار دولار ومدينة «القدية» الترفيهية.
وفي الخارج، يملك الصندوق حصصاً في شركات كبرى تعمل بمجالات مختلفة، بما في ذلك حصة قدرها 8.9 مليار دولار في شركة صناعة السيارات الكهربائية «لوسيد» وحصة أخرى بقيمة 3.2 مليار دولار بشركة ألعاب الفيديو «أكتيفجن بليزارد».
كل الأرقام أعلاه وغيرها وكل مشاريع ابن سلمان الاقتصادية صارت في مهب الريح بعد توعُّد قائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، السعودية بردٍّ «حازم وصارم» على خلفية تهرّبها من تنفيذ استحقاقات السلام في اليمن، ملمّحاً -في خطاب ألقاه لذكرى استشهاد الإمام زيد، إلى اعتزام صنعاء إضافة مشروع مدينة «نيوم» -الحجر الأساس في رؤية ابن سلمان الاقتصادية- إلى بنك أهداف القوات المسلحة اليمنية إلى جانب منشآت شركة «أرامكو» النفطية.
وأكد في الوقت ذاته أن صنعاء أفسحت ما يكفي من المجال أمام الوساطة العُمانية، وأنها «لن تسكت إزاء ما يريده السعودي والإماراتي من تنفيذ أجندات أميركية وبريطانية ضدّ بلدنا»، متّهماً واشنطن بأنها «حريصة على استمرار حالة الحرب والاحتلال ونهب الثروات اليمنية».
وكانت رسائل خطاب السيد الأخيرة واضحة وجلية ومباشرة يمكن تلخيصها في أنه لا يمكن للسعودي أن يبني بلده ويبقى اليمن يعاني تداعيات الحرب والحصار، وأن محاولات تهرب السعودية من دفع التعويضات اللازمة جراء الأضرار المباشرة وغير المباشرة لن تنجح، ففاتورة العدوان والحصار مطلب أساسي، ولا سلام دائم دون تعويضات وإعادة إعمار كل ما تم تدميره من بنى تحتية ومؤسسات ومصالح عامة وخاصة. ويشمل بند التعويضات كافة الأضرار غير المباشرة الناتجة عن الحصار والعدوان، وألا يمكن أن تنعم المملكة بالأمن والاستقرار والتنمية وتواصل تنفيذ خططها الاستثمارية والتنموية دون أن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار والسلام، وأن مشروع نيوم الذي يعد العمود الفقري لرؤية 2030 لابن سلمان لن يكون بعيداً عن أهداف صنعاء، وأخيراً وليس آخراً أن كل ما تم ويتم الاشتغال عليه في السعودية من تنمية وتطوير وترفيه يقع تحت رحمة مُسيّرة يمنية.