«لا» 21 السياسي -
سلط المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) في لندن الضوء على التغير الحادث في السياسة الخارجية للسعودية، من التدخل العنيف إقليمياً إلى موجة من المبادرات الدبلوماسية، وعلى رأسها التطبيع مع إيران ومحادثات السلام مع أنصار الله في اليمن وإعادة دمج سورية في جامعة الدول العربية، مشيراً -في تقرير نشره على موقعه- إلى أن هكذا تغيرات تعكس تطوراً في كيفية تموضع السعودية على المستويين الإقليمي والدولي؛ ولكن دون الإشارة إلى تغيير في الاتجاه الاستراتيجي للبلاد.
وتتمثل المهمة الأساسية للسياسة الخارجية السعودية في دعم رؤية 2030 وتمكينها على الأقل من خلال تقليل التهديدات التي تواجه الرؤية بسبب عدم الاستقرار أو الصراع في جوار السعودية.
وكانت الإجراءات المختلفة خلال السنوات الأولى من عهد ابن سلمان، والتي أكسبت السعودية سمعة المغامرة والتهور في السياسة الخارجية مدفوعة بالهدف نفسه.
ففي اليمن رأت السعودية أن «الحوثيين» يشكلون تهديداً غير مقبول لأمنها القومي كانت تأمل إزالته بتدخل عسكري قصير وحاسم. لكن المملكة قللت تقدير «الحوثيين» وبالغت في تقدير قدراتها العسكرية، ليتحول الصراع في اليمن إلى مشروع «حرب أبدية»، وهو ما تتوق المملكة إلى التخلص منه.
وبحسب تحليل المعهد البريطاني فإن صانعي القرار في الرياض (بمن فيهم محمد بن سلمان) خلصوا إلى أن نهجهم لم يكن ناجحاً، وتعزز هذا الاستنتاج بخيبة الأمل المتزايدة من سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة.
وكان غزو إدارة جورج دبليو بوش للعراق، وسعي إدارة أوباما للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، لحظات رئيسية في هذا الاستنتاج السعودي.
لكن اللحظة الأهم جاءت في أيلول/ سبتمبر 2019، فقد أظهر هجوم بطائرة مسيرة وصواريخ على بعض أهم المنشآت النفطية بالمملكة في بقيق وخريص ضعف السعودية في أي مواجهة عسكرية محتملة مع إيران أو وكلائها الإقليميين. والأهم من ذلك أن عدم حدوث رد أمريكي حاسم على الهجوم «كان علامة على أنه لا يمكن الاعتماد على واشنطن للدفاع عن أمن المملكة أو حتى من أجل أمن صناعة النفط».
ولذا أعادت السعودية في السنوات اللاحقة معايرة سياستها الخارجية، وواصلت التركيز على الهدف العام نفسه، لدعم رؤية 2030؛ ولكن بالتطلع إلى الاستفادة من أدوات قوة المملكة بطريقة أكثر صبراً وواقعية.
ففي اليمن اقتنعت السعودية بأنه لا يمكن هزيمة «الحوثيين» عسكرياً في الوقت الحالي. ومن خلال العمل مع وسيط موثوق مثل سلطنة عُمان، وعلى أمل أن يؤدي النفوذ الصيني إلى كبح جماح إيران، فإنها تحاول الوصول إلى طريقة عمل جديدة مع جماعة أنصار الله، كما تريد تأمين وقف دائم للهجمات عبر الحدود، لاسيما الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، التي تهدد المدن السعودية وتشوه صورة المملكة كمكان جاذب للاستثمار وممارسة الأعمال التجارية واعتماد موقع جديد كوسيط رئيسي بين جميع الفصائل اليمنية، بمن فيها «الحوثيون».
ويخلص المعهد البريطاني إلى أن نتائج كل هذه المبادرات الدبلوماسية السعودية «لاتزال غير مؤكدة» إلى حد كبير؛ إذ يقع جزء كبير من مصيرها خارج سيطرة المملكة، ويرتبط برغبة الصين الفعلية وقدرتها على ممارسة نفوذها على طهران، واستعداد «الحوثيين» للتخلي عما وصفها المعهد سنوات من التعنت.

قال موقع «ديفينس أند سكيورتي مونيتورز» المعني بالشؤون العسكرية إن الصين نجحت في استغلال كافة الفرصة التي أتيحت أمامها لتظهر مؤخراً كمورد مهم للأسلحة لدول الشرق الأوسط.
وذكر الموقع أن الصين استغلت عزلة روسيا المفروضة عليها والقيود الأمريكية على واردات الأسلحة وزادت مبيعاتها من الأسلحة إلى دولة المنطقة.
وذكر الموقع أن الولايات المتحدة كانت تاريخياً مترددة في بيع مركباتها الجوية القتالية غير المأهولة (UCAVs) إلى دول أخرى غير حلفائها المقربين، والتي لم تشمل في البداية ممالك الخليج.
واستغلت الصين تلك الفرصة وسدت الفجوة الموجودة في قدرات الرياض في هذا الصدد، من خلال تقديم الطائرات بدون طيار وأنظمة الصواريخ الباليستية الخاصة بها، بما في ذلك (Wing Loong) و(CH-4)، لتبدأ السعودية على الفور في استخدامها في حملتها الجوية على اليمن.

 رفضت المحكمة العليا في لندن، الأربعاء 7 حزيران/ يونيو 2023، دعوى قانونية رفعتها منظمة «الحملة ضد تجارة الأسلحة»، لمعارضة قرار حكومي بريطاني قالت الحملة إنه سمح ببيع أسلحة للسعودية بشكل غير قانوني.
وقالت الحملة إن الحكومة البريطانية قررت بشكل خاطئ استئناف إصدار تراخيص جديدة لتصدير معدات عسكرية إلى السعودية في عام 2020، ربما تستخدمها في الحرب على اليمن.
غير أن المحكمة رفضت دعوى الحملة على القرار في حكم مكتوب صدر الثلاثاء 6 حزيران/ يونيو.
وقال القاضيان آندرو بوبلويل، وآندرو هينشو، في حيثيات حكمهما، إن تحليل الحكومة البريطانية لانتهاكات السعودية المحتملة للقانون الإنساني الدولي كان منطقياً.
المتحدثة باسم الحملة، إميلي أبل، وصفت القرار، في بيان، بأنه مخيب للآمال؛ لكنها أضافت أن «الحكم كشف حقيقة أن نظام منح تراخيص تصدير الأسلحة الحكومي متساهل بشكل لا يصدق».
وفي جلسة استماع للمحكمة، في كانون الثاني/ يناير الماضي، قالت الحكومة البريطانية إن عدد اتهامات ارتكاب انتهاكات للقانون الدول الإنساني شهد «انخفاضاً مستمراً» خلال الحرب.
وتتهم الحملة (مقرها في المملكة المتحدة) الحكومةَ بالإسهام في انتهاكات القانون الدولي، وفي أسوأ أزمة إنسانية في العالم يعيشها اليمن، حيث أودى النزاع بعشرات آلاف الأشخاص في السنوات القليلة الماضية، وفق «فرانس برس».
غير أن القاضيين أيّدا موقف الحكومة البريطانية، وخلصا إلى وجود «عقلانية مستمرة» في تقييم المخاطر الذي أجراه المسؤولون قبل استئناف بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في عام 2020.
وأجازت الحكومة، اعتباراً من 2015، بيع الرياض أسلحة من بينها طائرات مقاتلة وصواريخ وقنابل موجهة بقيمة 7,9 مليار جنيه (9,8 مليار دولار).
وقالت إميلي أبل، المتحدثة باسم المنظمة، إن «من الواضح أن المنظمة تشعر بخيبة أمل إزاء القرار» القضائي.
وأضافت أن «قرار المحكمة، الذي يستند في كثير منه إلى أدلة مغلقة لم يُسمح لنا بالاستماع لها، يفضح الحد الأدنى الذي يتعين على الحكومة بلوغه من أجل بيع أسلحة لأنظمة تنتهك حقوق الإنسان».
 أشار تقرير نشره موقع «المونيتور» إلى تنامي ازدهار صادرات الأسلحة الكندية إلى السعودية والكيان الصهيوني وقطر، باعتبار تلك الدول من بين أكبر عملاء كندا للأسلحة العسكرية والإمدادات الأخرى المتعلقة بعد الولايات المتحدة في عام 2022.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مشترٍ للأسلحة والمعدات العسكرية من كندا. لكن البيانات تظهر أن السعودية تلقت حوالى 1.15 مليار دولار من الصادرات العسكرية الكندية العام الماضي، مما يجعلها أكبر عميل غير أمريكي للعتاد الكندي، وفق التقرير.
ووفق البيانات، تستحوذ السعودية على حوالى 54% من إجمالي قيمة الصادرات العسكرية الكندية غير تلك الموجهة لأمريكا، وشكلت المركبات المدرعة جزءاً كبيراً منها.
ومن بين مشتريات السعودية العسكرية من كندا، كان 92% عبارة عن مركبات قتالية مصفحة، حيث جاءت معظم الشحنات من عقد بقيمة 15 مليار دولار تم التوصل إليه في عام 2014؛ ولكن تمت الموافقة على تصديره فقط من قبل الحكومة الكندية الحالية.
وأظهرت البيانات أن هذا هو العام الحادي عشر الذي تبقى فيه السعودية ثاني أكبر مشترٍ للمعدات العسكرية من كندا بعد الولايات المتحدة، مما يدل على أن الخلافات الدبلوماسية المتعددة على مدى العقد الماضي بين أوتاوا والرياض لم يكن لها تأثير كبير على مبيعات الأسلحة.
وكانت كندا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، قد فرضت حظراً على تصدير الأسلحة للسعودية، كجزء من محاولة لإنهاء الحرب على اليمن؛ لكنها كانت قرارات مؤقتة.
  رجح خبراء في الشأن الدفاعي استئناف تصدير إيطاليا أسلحة ومعدات عسكرية إلى السعودية قريباً، بعد أن رفعت روما رسمياً الحظر المفروض على عمليات تصدير الأسلحة إلى المملكة الخليجية، خاصة الأنظمة البحرية والدفاعات الجوية.
جاء ذلك في تقرير نشره موقع «بريكنج ديفينس»، المتخصص في الشأن الدفاعي.
وكانت إيطاليا من بين أول من أوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات عام 2019 بسبب الحملة العنيفة لدول الخليج في اليمن ضد «الحوثيين»، وحذت حذوها دول أخرى.
لكن القيود الإيطالية خففت منذ ذلك الحين. وفي 31 أيار/ مايو الماضي أعلنت الحكومة الإيطالية أنه منذ أن تغير الوضع على الأرض في اليمن، بما في ذلك إقرار هدنة لمدة عام، انتهت الحاجة إلى حظر الأسلحة السعودية والإمارات.
ومن المحتمل أن تكون الحرب على اليمن قد سلطت الضوء على قيمة أنظمة الدفاع والصواريخ العابرة للحدود، حيث تمكن «الحوثيون» من ضرب أهداف في السعودية والإمارات من حين لآخر.