«لا» 21 السياسي -
العنوان أعلاه هو نقل حرفي من تغريدة على «تويتر» لعضو الوفد الوطني المفاوض، عبدالملك العجري، يرد خلالها -كما يبدو- على من يتهمون صنعاء بالمراوغة بشأن إتمام اتفاق سلام مع الرياض، كما ويشير في التغريدة ذاتها إلى حدوث الاتفاق بين العاصمتين.
كالكثيرين غيري كنت أتمنى من العجري التوضيح أكثر عن تفاصيل ما «تموا الناس» عليه، أو حتى بعضها، بدلاً من البحث عن ذلك في تسريبات «الأخبار» اللبنانية و»عكاظ» السعودية و»العرب» الإماراتية.
الصحف السعودية تتحدث عن توافق مبدئي على فتح ميناء الحديدة بشكل كلي والموانئ الواقعة في سواحل البحر الأحمر، وكذلك زيادة وجهات السفر من مطار صنعاء الدولي، وفتح الطرقات في المحافظات، بما فيها طرقات مدينة تعز، مع تأجيل فتح الطرقات الداخلة ضمن مناطق عسكرية إلى مرحلة ثانية، فيما لا يزال ملفا الرواتب والحدود محلّ خلاف، وفي حال حسمهما سيتم الاتفاق على تمديد الهدنة لمدة عام، مع ضمانات بإيقاف كل أشكال التصعيد العسكري على الأرض، وتشكيل لجان مراقبة من الأطراف كافة، ليعقب هذا بدء حوار حول التسوية السياسية.
وبحسب الكاتب السعودي سليمان العقيلي فقد «قرب التوصّل إلى اتفاق بشأن هدنة دائمة في اليمن تؤسّس لتسوية سياسية تقوم على مبادئ عامة تمّ التوافق عليها». وأشار العقيلي إلى أن هذه الهدنة ترتكز على «فتح الطرقات (بما فيها تعز) والموانئ وزيادة رحلات مطار صنعاء فيما يتمّ النقاش حالياً حول تفاصيل ملفّ المرتّبات».
وتنقل «الأخبار» اللبنانية عن مصادر معنية أنه بموجب الاتفاق المزمع إعلانه فإن مطار صنعاء الدولي سيتم إعادة افتتاحه أمام الرحلات الجوية إلى كلّ الوجهات العالمية، بما فيها إيران.
من جهته نشر مدير صحيفة «14 أكتوبر»، الصادرة في عدن، عبدالرحمن أنيس، بنود المبادرة، مشيرا إلى أنها تتضمن تجديد الهدنة لستة أشهر، إلى جانب صرف المرتبات، وتوحيد سعر العملة، ناهيك عن حوار يمني - يمني برعاية أممية يتضمن شكل الدولة والجيش.
كما يتضمن الاتفاق مرحلة انتقالية لمدة عامين، إضافة إلى رفع الحصار البحري والجوي. وهذه التفاصيل هي ذاتها التي نشرتها صحيفة «العرب» الإماراتية قبل ذلك.
وبالعودة إلى ملف الحدود ينقل موقع «الخنادق» عن رئيس الملتقى العسكري العام، العميد يحيى الحوثي، قوله إنه «تم الاتفاق على إقامة منطقة عازلة بين اليمن والسعودية بعمق 10 كم بعدما كانت الرياض تصرّ على 20 كم».
وفي آخر التسريبات نقلت قناة «الميادين» عمَّن سمَّتها «مصادر يمنية مطلعة»، الجمعة، قولها إن السعودية استدعت رئيس وأعضاء ما يسمى «مجلس القيادة الرئاسي اليمني»، ووضعتهم في صورة تفاهماتها غير المعلنة مع حكومة صنعاء، وأن وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، سلّمهم صيغة الحل في لقائهم يوم الخميس.
ولفتت المصادر إلى أن «الرؤية السعودية للحل تنص على تمديد الهدنة القائمة في اليمن عاماً آخر بالتفاهم مع صنعاء»، مضيفةً أن «الرؤية تنص على تمديد الهدنة في مقابل تسليم المرتبات وتوحيد العملة وفتح ميناء الحديدة كاملاً». وأوضحت أن «تمديد الهدنة بشروطها الجديدة سيعقبها إعلان سعودي رسمي بانتهاء الحرب ووقف تدخلها في اليمن».
كذلك، قالت المصادر: «بعد إعلان انتهاء الحرب رسمياً، ستبدأ جولة مشاورات يمنية - يمنية بإشراف أممي ورعاية سعودية»، مردفةً بأن المشاورات ستسعى للاتفاق على مرحلة انتقالية لمدة عامين.
وشددت المصادر على أن «الرؤية السعودية تقوم على البحث خلال المرحلة الانتقالية في مستقبل شكل الدولة والحكومة التي ستحكم السلاح».
وعقبت بقولها إن «الرؤية السعودية للحل وفقاً لتفاهماتها مع صنعاء مازالت قيد التداول والنقاش؛ لكنها شبه نهائية». وتابعت أن «الرياض أبلغت مجلس القيادة الرئاسي بقرارها إنهاء الحرب وإغلاق الملف اليمني نهائياً».
كما نقلت «رويترز» عن مصدرين أن وفداً سعودياً - عمانياً مشتركاً يعتزم السفر إلى العاصمة اليمنية صنعاء هذا الأسبوع للتوصل إلى اتفاق وقف نار دائم.
وبغض النظر عن كل ما ورد أعلاه، وبالاستناد إلى تجربة اليمنيين التاريخية مع السعوديين (تعهد الملك فيصل بالانسحاب من اليمن وعدم التدخل في شؤونها حال كف عبدالناصر عن دعم الجمهوريين)، وإلى إصرار الرياض ومن والاها على إقحام الملف اليمني في أدراج اتفاقها مع طهران، وإلى استمرار التذاكي السعودي في إدارة الصراع لا إنهائه عبر انتهاج سياسة التحوط بين واشنطن وبكين و»تل أبيب» وطهران، واستدرار تكتيكات الكولسة والإرهاب والتجويع من ماضي الوصاية على اليمن إلى حاضرها السيادي المستقل... فيمكننا القول -للأسف- إن الحديث عن إبرام اتفاق سلام وشيك هو حديث مبالغٌ فيه؛ فلا دخانٌ أبيض يرتجى أن نراه قريباً، وإن كنا نأمل أن يحدث ذلك بالطبع، ولا نتمنى في المقابل أن يتكرر إسماع اليمنيين حديث مصالحة العام 70 في العام 23 من القرن الـ21.