اليمن بالحبر الغربي -
بسبب السياسات الاستعمارية الجديدة للقوى الغربية، استمرت حالات الصراع أكثر من 10 سنوات في دولتين عربيتين: اليمن وسورية. لكن في الآونة الأخيرة، وبفضل جهود وزارة الخارجية الروسية، ظهرت اتجاهات مشجعة للغاية في عقدتي التوتر هاتين.
اليمن بلد يقع في جنوب شبه الجزيرة العربية. ولمعظم القرن العشرين، كان بلداً قريباً من روسيا، وتعاون بنشاط مع موسكو. ويكفي أن نقول إن أول معاهدة وقعها الاتحاد السوفييتي مع دولة عربية، أبرمت مع المملكة اليمنية عام 1928. ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات في مسار تصاعدي تقريباً حتى الإطاحة بنظام الرئيس علي عبدالله صالح.
خلال السنوات القليلة الماضية، يعيش البلد، الذي يمر بأزمة عميقة، بحالة فوضى مع استمرار الاشتباكات بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله التي تسيطر على العاصمة صنعاء. ولعدة سنوات، حظيت قوات الحكومة اليمنية بدعم نشط من السعودية.
بموازاة ذلك، لم يتم تجديد الهدنة التي تم التوصل إليها في الربيع الماضي بين الجانبين؛ لكن المفاوضات التي جرت تحت رعاية الأمم المتحدة بين أنصار الله والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مستمرة، والآن قد يكون لديهم انفراجة، على وجه الخصوص، وتحديداً في 10 آذار/ مارس 2023، جرت اتصالات في جنيف بشأن تبادل أسرى الحرب.
وبحسب الصحافة المصرية فإن فرص العودة إلى العملية السياسية تبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى؛ إذ أدركت الأطراف المتحاربة أن النصر العسكري مستحيل، وقبلت ضمنياً ما يعترف به معظم المراقبين، وهو أنه سيتعين على كلا الجانبين قبول الحقائق على الأرض.
تدرك الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية أن من المستحيل هزيمة أنصار الله أو استبعادهم من السياسة الداخلية للبلد. في الوقت نفسه، لا يملك أنصار الله الفرصة لتوسيع مناطق سيطرتهم العسكرية. في الواقع، وصل الطرفان إلى طريق مسدود بعد 8 سنوات من الحرب الأهلية.
وبحسب صحيفة «الأهرام» فإن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها روسيا يمكن أن تحسن آفاق السلام. ففي نهاية شباط/ فبراير، زار نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، العاصمة العمانية مسقط لبحث التعاون الثنائي مع نظيره العماني، فضلاً عن الملف الأوكراني. فقد التقى بوغدانوف خلال إقامته في العاصمة العمانية برئيس الوفد التفاوضي لأنصار الله، محمد عبدالسلام، لمناقشة جهود الوساطة في الصراع اليمني (تتوسط سلطنة عمان تقليدياً في تسوية العديد من حالات الصراع في المنطقة).
ومن الجدير بالذكر أن موسكو تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من الحكومة اليمنية وأنصار الله، وكذلك مع الرياض وطهران التي تدعم بدورها حركة أنصار الله.
وبعد فترة وجيزة من زيارة بوغدانوف إلى مسقط، توجه وفد سعودي رفيع المستوى، برئاسة سفير المملكة في اليمن، محمد آل جابر، إلى موسكو للقاء بوغدانوف وعدد من المسؤولين الروس. وناقشت الزيارة الرؤية السعودية لحل سلمي للأزمة اليمنية وجهود التنمية التي بذلتها الرياض في اليمن.
يعتقد المراقبون العرب أن هذه المحادثات يمكن أن تقرب حل النزاع. قبل أيام قليلة، أعرب لافروف، خلال استقباله نظيره السعودي فيصل بن فرحان في موسكو، عن تقديره الكبير لدور المملكة في تسوية الصراع في اليمن.


بنيامين بوبوف، السفير الروسي المفوض وفوق العادة، ومحلل في معهد الدراسات الدولية ومركز دراسات الشرق الأوسط - موقع 
«المجلس الروسي للشؤون الدولية»