اليمن بالحبر الغربي -
إن الاتفاق المفاجئ، الجمعة الماضي، على عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، سيتردد صداه في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، وسيتطرق لملفات أخرى لا تقل أهمية: من حرب اليمن إلى دور الصين في الإقليم، بحسب مجموعة من المحللين والمراقبين، تحدثوا لموقع “المونيتور”.
هذا الاتفاق يُنهي “التمزق” الذي أصاب العلاقات الثنائية منذ عام 2016، بعد أن هاجم متظاهرون في إيران مقار البعثات الدبلوماسية للسعودية، في أعقاب إعدام الرياض رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر. ولكن القوتين الإقليميتين، ذاتَي الثقل، كانتا أيضاً على طرفي نقيض في عدد من النزاعات الدموية، حتى قبل تلك الحادثة بفترة طويلة. ويبدو أن المحادثات الثنائية الأخيرة، التي جرت في بكين، لم يُسفر عنها تقدم كبير في هذا الخصوص. ومن هنا يمكن القول بأن الإعلان الذي صدر يوم الجمعة كان “مفاجئاً جداً، بل ولم يكن مُتوَقعاً أبداً”، بحسب دينا أسفندياري، من “مجموعة الأزمات الدولية”.
وأضافت أسفندياري أن “الشعور العام هو أن السعوديين كانوا محبطين جداً، وأنهم شعروا بأن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران ورقة رابحة. لقد بدا الأمر وكأنهم مقتنعون بالاتفاق ولا يريدون التراجع عنه. وهذا بالطبع أمرٌ مرَحّب به جداً”. ويتفق حسين إيبيش، من معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW)، مع أسفندياري، وبدوره يصف الاتفاق على أنه “تطور كبير في دبلوماسية الشرق الأوسط”. السحر السعودي يفعل فعله، ومن المنتظر أن تظهر الآثار الفورية للاتفاق في اليمن، حيث تدور حرب مستمرة منذ العام 2015 بين تحالف عسكري تقوده السعودية وجماعة الحوثيين، المدعومة من إيران. وكانت آخر هدنة تم إعلانها بين الطرفين قد انتهت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ لكن المحادثات التي جرت بينهما في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن “صفقة” قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئياً من القتال، كما صرح دبلوماسيون معنيون.
من هنا، يرى العديد من المحللين أن السعوديين ما كانوا ليوافقوا على عودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران لو لم تُقدّم الأخيرة “تنازلات” بشأن دورها في اليمن. وفي هذا الخصوص، يقول إيبيش: “لا نعرف، حتى الآن، ما هي التفاهمات التي توصل إليها السعوديون والإيرانيون وراء الكواليس. لكن من المحتمل جداً أن طهران اضطرت إلى الالتزام بالضغط على حلفائها في اليمن، والتعهد بالتعاون من أجل إنهاء الصراع هناك”. من خلال إصلاح العلاقات مع إيران، وربما الانسحاب من اليمن لاحقاً، يمكن للسعودية مواصلة حملة دبلوماسية أوسع نطاقاً، تشمل أيضاً التقارب الأخير مع قطر وتركيا. وهذا بحد ذاته تفكير منطقي جداً، خصوصاً في ظل عدم وجود أي تحرك جدّي بخصوص إحياء الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، كما يقول توربغورن سولتفيدت، من معهد “فيريسك مابليكروفت” البريطاني لتحليل المخاطر والاستراتيجيات العالمية.
ويضيف سولتفيدت: “الرياض تُدرك جيداً أنه في ظلّ استمرار التوتر بين واشنطن وطهران، من الأفضل لها أن تلعب دوراً استباقياً في إدارة علاقاتها المشتركة مع إيران”.

«المونيتـــــــــور»