«لا» 21 السياسي -
أوردت إحدى الصحف الصهيونية خبراً مفاده أن الطيران الحربي الإماراتي سيلغي مشاركته باحتفالية «استقلال دولة إسرائيل» (نكبة فلسطين)؛ احتجاجاً على ما يحصل بالقدس اليوم.
فمتى ومَن وأين كان الكيان «الإسرائيلي» تحت الاحتلال حتى يحتفل بـ»استقلاله»؟! أي طفل عربي يعرف أن الكيان الصهيوني كيان مصطنع اغتصب بلاداً لا صلة له بها وشرد وأخرج شعباً آمناً مِن دياره. لكن هذه الحقيقة البسيطة يجهلها حتماً حاكم مشيخة العين، بل هي حالة النفاق التي شب عيال زايد وسيشيبون عليها، وهم الذين بالتزامن مع جرائم الصهاينة الحالية بحق القدس وأهلها سيبنون حياً لأبناء عمومتهم يحمل اسم جالية لا يوجد منها إلا نحو ألفي شخص سوف تقام لهم منازل وفنادق ومراكز تسوق (كوشير) ومدارس وكنيس ومركز للجالية وحتى حمامات ميكفاه، بحسب ما أعلن رئيس المجلس الأعلى لليهود في الإمارات، الحاخام الأكبر إيلي عبادي.
لا «أشطر» ولا أحقر من حكام الإمارات في اختيار التوقيت والتقاط الفرص، وهم الذين أدركوا أخيراً أن أمريكا نفسها ليست ضمانة ولا ضامنة لهم، وما عادوا يرون غير النجاة بالارتماء في حضن «إسرائيل» التي يعتقدونها مركز النفوذ في العالم، وأنها المُخَلِّص لهم، وهو الاعتقاد الذي دفع بالمستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش إلى تقريع أميركا، رغم اعتذار وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، لمحمد بن زايد، على التأخر في الردّ على الهجمات اليمنية بالصواريخ والمسيرات، فيقول في مجلس رمضاني لابن زايد بكل جرأة إن الهيمنة الغربية على النظام الدولي تعيش أيامها الأخيرة، وأن الإمارات تعيد النظر في تحالفاتها.
إنه العُرف الصهيوني ذاته الذي دفع ببرنامج تلفزيوني سعودي للسخرية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو أيضاً الذي جعل أمين عام ما تسمى «رابطة العالم الإسلامي»، وزير العدل السعودي السابق محمد عبدالكريم العيسى، يزور «أوشفيتز» في بولندا، حيث موقع معسكر سابق للنازيين، وندد خلالها بـ»الجرائم الفظيعة التي ارتُكبت ضد السكان اليهود خلال الحرب العالمية الثانية». ويقول خلال مؤتمر نظمته مؤخرا منظمة اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC): «إننا ملزمون حالياً بإعادة جسور الحوار والبناء مع المجتمع اليهودي».
ينقل تقرير نشرته مجلة «إيكونوميست» عن دبلوماسي «إسرائيلي» قوله: «لا ندخل غرفة مع الإماراتيين والبحرينيين دون موافقة السعوديين».
من يخبر سفراء ملوك التطبيع (الخيانة) أن جلوسهم على مائدة الإفطار عند رئيس الكيان في الوقت الذي يستبيح فيه المستوطنون وجيش الاحتلال حرمة المسجد الأقصى أمر لم تسبقهم إليه حتى عاهرات فيينا؟!
يقول الخبير العسكري «الإسرائيلي» ألون بن دافيد، في مقال نشرته صحيفة «معاريف»، إن اللهجة الغاضبة والانتقادات العلنية من جانب الدول العربية مع «إسرائيل» بسبب الاقتحامات التي تجري في الأقصى كانت لأغراض امتصاص الغضب الجماهيري، وليس لاتخاذ خطوات تضر بالحلف مع «تل أبيب».
ولفت بن دافيد إلى أن هذه الأحاديث سمعت في مكالمات هاتفية لأبوظبي والمنامة وعمّان، وقالوا: «نحن لا يمكننا أن نصمت؛ فجمهورنا غاضب».
في الأدب الألماني ثمة قصة شهيرة تحكي أن هناك ملكاً في أحد البلاد البعيدة جاءه محتالان وأخبراه بأنهما يستطيعان أن ينسجا له ثوباً ملكياً مسحوراً لا يراه الأغبياء، بل الأذكياء فقط.
الفكرة أعجبت الملك كثيراً فأخبرهما بأنه يريد مثل هذا الثوب حتى يميز به الوزراء والأتباع الأذكياء من الأغبياء. أقنعه النصابان بأن يعطيهما كميات هائلة من الذهب لنسج الثوب المزعوم، وأقنعاه بأنه يرى الثوب، وجاراهما في ذلك حتى لا يعتقد الناس أنه غبي، وكذلك أثنى عليه كل أفراد الحاشية، حتى لا يظن أحد أنهم أغبياء، وقرر الملك أن يلبس الثوب الوهمي ويطوف في الشوارع ليميز الغبي والذكي من رعاياه. طاف الملك في الشوارع وكل الناس خافوا أن يظن بعضهم البعض أنهم أغبياء فأثنوا على الثوب وجماله، حتى صرخ ولد من بين الجموع: الملك عارٍ! الملك عارٍ!... فأدرك الجميع أنهم حمقى.
رأينا تهافت حكام الأعراب على الخياط اليهودي بأمل أنه سيخيط لهم الدروع الحريرية ويرقع لهم القباب الحديدية، حتى صرخ ذاك الشاب (رعد حازم) في قلب تل الربيع: «إن الملوك عُراة»!