سيث ج. فرانتزمان - ديفنس نيوز  / 16 فبراير 2022
ترجمة خاصة لـ «لا»:زينب صلاح الدين / لا ميديا -
 
تخطط إسرائيل حالياً لإنشاء «جدار الليزر» ما سيجعلنا نشهد تحول البلد من استثمار مبالغ كبيرة في الصواريخ الاعتراضية إلى استخدام تقنية الليزر الذي يعمل بالكهرباء الأقل كلفة.
قال رئيس الوزراء نفتالي بينيت معلناً هذه الخطة في بداية هذا الشهر: «سيتم تفعيل النظام في العام المقبل. سيسمح لنا هذا النظام -على المدى المتوسط والمدى البعيد- بإحاطة إسرائيل بجدار من الليزر سيحمينا من الصواريخ الباليستية والصواريخ التقليدية والمسيرات ومن التهديدات الأخرى». وأضاف: «من شأن ذلك أن يزيل جوهرياً أقوى الأوراق التي يستخدمها أعداؤنا ضدنا».
ظلت إسرائيل تعمل على تطوير تقنية الدفاع الجوي الليزري طيلة عقود مثل نظام الليزر التكتيكي عالي الطاقة (المعروف أيضاً بنوتيلوس) الذي تطور في التسعينيات وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، إلا أنه كان قد تم إلغاء هذا المشروع. ولكن في يناير 2020 أعلنت وزارة الدفاع عن سير المشروع مجدداً.
قال بريغ العميد يانيف روتيم الذي كان في حينها رئيساً لقسم البحث والتطوير في وزارة الدفاع الإسرائيلية: «نحن داخلون في عصر جديد من حرب الطاقة في الجو والبر والبحر». لقد وضعت استثمارات البحث والتطوير دولة إسرائيل في السنوات الأخيرة بين البلدان الرائدة في مجال أنظمة الليزر فائقة الطاقة».
وبحسب ما ورد فقد لجأت إسرائيل مرات عديدة إلى الولايات المتحدة من أجل التعاون في مجال الدفاع الليزري. في أبريل 2021 قال رئيس منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية إنه سيتم إدراج ليزر ذي قاعدة أرضية في نظام القبة الحديدية. وكذلك أكدت أنظمة الدفاع رفاييل المتطورة التي تصنع أنظمة الدفاع الجوي استخدام الليزر ضد مسيرات صغيرة كجزء من نظام القبة الحديدية. يخضع نظاما الليزر في إسرائيل للتطوير من قبل اثنتين من أكبر شركات الدفاع التابعة لها: رفاييل التي تعمل على النظام الأرضي، وشركة إلبيت التي تعمل على النظام المجوقل (المحمول جواً).
ولكن لايزال التساؤل حول فاعليتها وانتشارها النهائي: أين ستضع إسرائيل الأسلحة؟ هل ستكون قادرة على حماية البلد من الصواريخ التي يتم إطلاقها من قطاع غزة من قبل حماس والتهديدات القادمة من الشمال من حزب الله مثلاً أو إيران؟ وهناك اعتبارات أخرى متعلقة بالميزانية عندما يتم تصنيع مثل هذا النظام. علاوة على ذلك أنه في الوقت الذي سيكون فيه النظام الأرضي مبدئياً مركباً على بطارية القبة الحديدية، سننتظر رؤية منصة للنظام المجوقل.

هل «جدار الليزر» قابل للتنفيذ على أرض الواقع؟
قال عوزي روبين المؤسس والمدير الأول لمنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية: «أكد مؤيدو حلول الليزر أن ذلك ممكن، ويمكن أن يتم الدفاع بالكامل عن إسرائيل عن طريق الليزرات؛ بحيث لا يكون هناك حاجة للصواريخ الاعتراضية إلا في يوم ممطر، وسوف يكلف ذلك أقل بكثير من الدفاع باستخدام الصواريخ الاعتراضية».
ذكر روبين، وهو الآن باحث كبير في معهد جيروزاليم للاستراتيجية والأمن، لـ»ديفنس نيوز»، أنه بينما تكون كلفة القضاء على تهديد قادم عبر الليزر منخفضة يمكن أن تكون تكلفة الحصول على التقنية نفسها وصيانتها كبيرة.
كما أن الليزرات تتأثر بحالات الطقس؛ لذا فإن أي نظام ليزري محمول جواً سيستفيد من بقائه فوق الغيوم. قال روبين: «هذا ممكن، لكنك ستحتاج إلى استخدام طائرات بدون طيار التي فقط تستطيع أن تقل نظام ليزر خفيف الوزن. والخيار الآخر هو أخذ مقاتلة مأهولة ووضع ليزر فيها، لكن بعد ذلك ستحتاج إلى الحفاظ على عدد كبير من المقاتلات في الجو طوال الوقت. نعم إنه ممكن لكن كلفته ستكون عالية».
وهناك تحدٍ آخر هو معدل التدمير المنخفض بالنسبة لهذه التكنولوجيا، حيث يقوم الليزر بتسخين الهدف من أجل تدميره.
قال روبين مشيراً إلى نوع من الصواريخ التي غالباً ما تستخدم من قبل الميليشيات في غزة ولبنان: «(باستخدام) ليزر نوتيلوس، استغرق ذلك 2-3 ثوان لتدمير صاروخ من نوع غراد (نظام إطلاق صاروخي متعدد الفوهات). لذا لتفترض أنهم (العدو) أطلقوا عدداً من اثنين إلى أربعة صواريخ بالثانية؛ عندها ستصيب واحداً فقط، وسيكون العديد منهم قد نجح بالفعل في تجاوز دفاع الليزر».
لقد بينت حرب مايو 2021 بين إسرائيل وحماس في غزة، هذه المشكلة. فقد رفعت حماس معدل إطلاق صواريخها على ما كانت عليه في الحروب السابقة بحيث تستطيع إطلاق أكثر من 125 صاروخاً خلال دقائق. أوضح روبين: «باستخدام القبة الحديدية، فأنت تطلق صواريخك وتطلق اثنين في الثانية، وكل قبة حديدية يتم تطويقها بالفعل على الهدف، تقوم بالعمل بالتوازي. بالتالي هم يطلقون 20 صاروخاً و(نحن نستطيع) استهداف 20، في حين أنه على الليزر أن يستهدف كل صاروخ على حدة».
وقال روبين إن هذه التحديات تقودنا إلى السؤال عن قابلية تطبيق جدار الليزر على أرض الواقع. وأكد: «النقطة الأخيرة في ذلك هي النطاق. أشعة الليزر لها نطاق محدود. فبعد فترة تتشتت وتكون غير مركزة. وهذه الأيام تتشتت أشعة الليزر بعد مسافة 8-10 كيلومترات (5-6 أميال)، لهذا السبب تعتبر دفاعاً محلياً. هذا يعني أنك بحاجة إلى الكثير منهم. يجب عليك الدفاع عن جزء كبير من المساحة وعليك تثبيت أكثر من واحدة؛ وإلا فلن تتمكن من تدمير وابل الصواريخ أو القذائف».
وأشار بيني يونغمان في شركة رفاييل، مدير وحدة الدفاع الجوي للشركة، إلى أن تقنية الليزر لن تكون نظاماً قائماً بذاته.
وذكر يونغمان لـ»ديفنس نيوز»: «نحن نقوم بتطوير الليزر كي يعمل كقاذفة ضمن نظام القبة الحديدية. بمعنى أن واحدة أو اثنتين من القاذفات في كل واحدة من البطاريات ستكون قاذفة مزودة بأشعة الليزر».
فقد أقر بالتحديات التي يواجهها الليزر عند اصطدامه بالضباب وحالات الطقس السيئة أو أي نوع من الاعتراض بين الإطلاق والهدف.
وأوضح: «لا يمكنك الاعتماد عليه بحد ذاته؛ فأنت تحتاج إلى مزيج من التدمير الحركي والطاقة (الليزر)، مجموعة من وسائل الاعتراض، وبالتالي لن تكون قادراً على اعتراض التهديدات».

في ما يتعلق بالسعر
كما أوضح المسؤول التنفيذي: «على الرغم من ذلك أكد تطبيق نظام الليزر أن تكلفة استخدام الليزر قد تصل إلى 10% من تكلفة استخدام صاروخ الاعتراض. وهذا يعني أنه من خلال تشغيلهما معاً في الطقس الجيد باستخدام الليزر والصواريخ الاعتراضية في القبة الحديدية ستتمكن من تقليص الكلفة الإجمالية».
علاوة على ذلك يستطيع الليزر أن يعمل بشكل أسرع من الصواريخ، أي أن نشر الأنظمة بالقرب من حدود العدو من شأنه أن ينتج عن وقت اعتراض قصير لأنه لم يعد هناك حاجة إلى انتظار الإطلاق ومراقبة الصاروخ يحلق نحو هدفه.
لم يتم تفعيل هذه المجموعة مع القبة الحديدية بعد، غير أن يونغمان قال إن جهود التطوير والدمج جارية في رفاييل، وفي الشهور القليلة القادمة «سنقوم بإجراء اختبار دمج نهائي».
حالياً، دخلت رفاييل في شراكة مع الشركة الأمريكية رايثيون للتكنولوجيا لإنتاج النسخة غير الليزرية من القبة الحديدية. زودت إسرائيل الجيش الأمريكي ببطاريتي النظام من قبل وتم نشر واحدة في غوام.
ولكن على عكس الصواريخ الاعتراضية التي تصنعها رايثيون حيث يتم إنتاج كمية كبيرة لتلبية الحاجة، فإن نظام الليزر يتطلب صنع أجهزة قليلة وتقوم إسرائيل بتطوير النظام محلياً.
وقال إن الطاقة لا تشكل عائقاً أمام دمج الليزرات فسيكون لبطارية الصاروخ خيارات لاستخدام مولدها الخاص أو الاتصال بشبكة كهربائية». وأضاف: «أؤمن بأنه خلال 10 سنوات أو 15 سنة سيكون لدينا ليزر عالي الطاقة يمكن حمله بواسطة المسيرات أو المقاتلات»، وهو يشير إلى اعتراض تهديدات أكبر مثل خطر الصواريخ الباليستية وربما أسلحة فوق الصوتية.
الخطة الحالية هي تطوير وتشغيل الليزر باستخدام القبة الحديدية، ولكن قال يونغمان إن الشركة قد تدمج أيضاً التقنية مع أنظمة الدفاع الجوي الأخرى التي تصنعها.
وبالمثل، أضاف: «ربما تسعى الولايات المتحدة إلى تطوير الليزر إلى قبتها الحديدية. وذلك يعتمد فقط على طلب الجيش الأمريكي. إذا طلبوا ذلك فلن يقول أي شخص في إسرائيل لا، لاسيما أنا».

التقدم التكنولوجي
في يونيو قال رئيس مديرية التطوير والبحث الدفاعية إن وزارة الدفاع وأنظمة إلبيت والقوة الجوية اعترضت بنجاح عدة مسيرات باستخدام نظام سلاح ليزري جوي عالي الطاقة. كان النظام محملاً على متن مقاتلة سيسنا، وقد أظهرته صورة فوتوغرافية وهو يشعل ثقبا أو حفرة في مسيرة متوسطة الحجم فوق البحر.
كان الاختبار يعتبر الخطوة الأولى لبرنامج يستغرق عدة أعوام لتطوير ليزر محمول جواً. قالت إسرائيل في ذلك الوقت إن «القدرة على اعتراض وتدمير التهديدات المحمولة جواً يتم حاليــــــاً العمل عليها، وهي تقدم تغييراً استراتيجياً في قدرات الدفاع الجوي لإسرائيل». كما قالت الحكومة إن النظام المجوقل سيكمل الدفاع الصاروخي متعدد المستويات للبلد الذي يشمل القبة الحديدية وأنظمة اعتراض صواريخ آرو ودافيدز سلينغ.
تصنع شركة إلبيت بالفعل نظام جيه-ميوزيك للإجراءات المضادة المباشرة للأشعة تحت الحمراء التي تستخدم ليزر يحمل على الطائرة لتشتيت تهديدات الصواريخ. ونظام الليزر الجوي الذي هو حالياً قيد التطوير سيتم استخدامه على مقاتلة فوق الغيوم، الأمر الذي ينبغي أن يحل بعض التحديات المتعلقة بالطقس. ونشره في الجو أيضاً يعطي فرصة للمعترض كي يتابع مهاجمة قاذفة الصواريخ.
لن تقدم وزارة الدفاع الإسرائيلية تعليقاً على هذه القصة، وبناءً على نقاشات مع عدة أشخاص في القطاع الخاص يبدو هذا الموضوع حساساً على وجه الخصوص.
يتفق تال عنبار الباحث البارز في اتحاد محاماة الدفاع الصاروخي مع فكرة أن أنظمة الدفاع الجوي لا تستطيع الاعتماد بمفردها على الليزر بسبب عامل الطقس، فضلاً عن سماكة الصواريخ. حيث إنه كلما كانت سماكة المعدن أكبر استغرق الليزر وقتاً أكبر لتدمير الخطر.
قال عنبار لـ»ديفنس نيوز»: «والإجابة على ذلك بغض النظر عن المسائل الأخرى، هي امتلاك أنظمة ليزر أكثر، بالتالي تسقط حتى الحجة الاقتصادية لذلك النظام. لكن إذا كان ذلك نظاماً دفاعياً تكميلياً عندها سيكون هناك مزايا إذا كان الطقس يسمح باعتراض قذائف قصيرة المدى كالمدافع. لهذا السبب الليزر جيد، بيد أنه سيكون عليه أن يكون جزءاً آخر من نظام دفاع صاروخي كامل».
وافق روبين مؤسس منظمة الدفاع الصاروخي على هذا الرأي.
«نعم سيعمل الليزر. ليست المشكلة في كونه سيعمل أم لا، سيكون قادراً على تدمير الصواريخ. ولكن شكوكي حول الفعالية المكلفة».

عن سيث جي فرانتزمان:
سيث جي فرانتزمان هو مراسل إسرائيلي لـ»ديفنس نيوز». غطى الصراع في الشرق الأوسط منذ 2010. ولديه خبرة في تغطية التحالف الدولي ضد جماعة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وهو المؤسس والمدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل.