لا ميديا -
قائد وطني فذ وعلم من أعلام القدس والحركة الوطنية الفلسطينية، قاوم الاحتلال ببسالة، فاعتقل، وكان نداً للسجان، وصار رمزاً من رموز الحركة الوطنية الأسيرة، وأحد بُناتها الأساسيين، وبعد مماته تحول إلى شهيد خالد في الأعماق.
 التحق بحركة القوميين العرب مطلع شبابه، ثم التحق بمعسكرات الثورة الفلسطينية في الأردن، وحصل على العديد من الدورات العسكرية، ثم التحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ انطلاقتها عام 1967، ثم ساهم في تأسيس الجبهة الديمقراطية، في فبراير 1969، عند انفصالها عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فكان له الدور المؤسس في تصليب عودها، وتطوير بنيتها، وتعزيز وجودها، واتساع شعبيتها، وتثقيف رفاقها في السجون.
ولد عمر محمود القاسم بمدينة القدس، في نوفمبر عام 1941. أنهي دراسته الثانوية عام 1958، وعمل مدرسا في مدارس القدس ليلتحق بعدها بكلية الآداب بجامعة دمشق، وحاز فيها شهادة الليسانس في الأدب الانجليزي.
عمل مدرسا لسنوات، لكنه اختار الثورة، وانحاز إليها، وناضل في صفوفها. انضم إلى معسكرات الثورة الفلسطينية، ولكنه أراد العودة إلى وطنه، وفي يونيو 1968 قام -بعد أن تدرب في دورات عسكرية وثورية خارج فلسطين- بقيادة مجموعة عسكرية للتمركز بمدينة رام الله. وأثناء اجتيازه نهر الأردن وقعت المجموعة في كمين لدورية صهيونية اشتبكت معها حتى انتهت ذخيرتهم واعتقلت الخلية، وأصدرت المحكمة العسكرية حكمها عليهم بمدد طويلة كان المؤبد مرتين من نصيب قائدها عمر القاسم.
وفي السجن كان عمر قاسماً مشتركاً بين كافة الأسرى، على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية، وكرس جهده لتحويل السجون إلى أكاديميات وطنية، فأقام دورات عديدة للكادر، واهتم بالمواهب الناشئة، ودرّس الأسرى اللغة الإنجليزية، وقدم للحركة الأسيرة دراسات قيمة لأوضاع المعتقلين، وتجارب حركات التحرر العالمية.
ساهم في التعبئة والحشد المعنوي لإعداد الأسرى، لمواجهة إدارات القمع، بهدف تحسين ظروف الاعتقال. وشارك في العديد من الإضرابات عن الطعام، بل كان من أبرز قيادات الإضرابات والمحرضين عليها، باعتبارها شكلاً من أشكال المقاومة، فغدا قائداً للحركة الوطنية الأسيرة، ونموذجاً لكل أطيافها.
عقب صفقة التبادل عام 1985 التي تحرر بموجبها المئات من قيادات وكوادر الحركة الأسيرة، تعرضت الحركة الأسيرة في حينها إلى هجمة شرسة تهدف لإذلالها. فتصدى عمر ورفاقه لكل ذلك، بحزم وبسالة، حفاظاً على إنجازات السابقين ومن أجل انتزاع المزيد.
كان دوماً يتطلع إلى الحرية، لكن وجع المرض، الذي زاده الإهمال الطبي المتعمد، كان أقوى من قهر السجان، فقضى -رحمه الله- في يونيو 1989، داخل أسوار سجن عسقلان، بعد واحد وعشرين عاماً من الاعتقال.