حاوره: أحمد عطاء / لا ميديا -
في الآونة الأخيرة أصبح اسمه وأغانيه تتصدر المشهد اليمني داخلياً وخارجياً، ولا يكاد يخلو أي فرح يقام في تهامة أو غيرها من أغانيه، لما لها من ألحان شجية تراثية تدمنها من أول استماع.
الفنان الذي يعتز بأصله وتراثه حتى لو كان خارج البلد هو الفنان الذي يحترم نفسه ويحبه الناس. لهذا كان ضيفنا سباقاً في البحث والتنقيب عن التراث التهامي الذي يكاد أن ينقرض. وبالفعل خرج لنا حتى الآن بأربعة أعمال تراقص الروح، فبدأ بكارثة سيول تهامة التي كانت في العام الماضي، ثم «قطر امزعفران» الأغنية التي لقيت صدى كبير في الوسط التهامي، ليفاجئنا بعدها بأغنية «ووجون» التي كسرت حدود الدهشة، ليصل عدد مشاهداتها على اليوتيوب إلى ثلاثة ملايين مشاهدة، وهذا يدل على تأثير الأغنية وحلاوتها، ليأتي لنا في ليلة عيد الأضحى بعيدية «واباه وامناصف»، التي راقصت مناصف الجاح وزبيد، وجعلت من التمر لحناً يفوق طعمه، لهذا حق علينا أن نحتفي به يمنيا تهامياً عاشقا للحب التهامي وللأرض التي أنجبته، وجعلت منه إمام الفن التهامي. إنه الفنان عبدالله آل سهل.

العزف على أكثر من آلة
 أولا لو تعرف قراءنا الكرام من يكون عبدالله آل سهل، وبداية تجربته الفنية، متى وكيف كانت؟
- فنان ملحن وموزع ومؤلف موسيقي، ولد في اليمن عام 1996، في مدينة الحديدة مديرية الحوك، لأُسرة محُبة للثقافة والفنون بأشكالها. تلقى التعليم الموسيقي في عمر مبكر وبشكل خاص على أيدي أساتذة موسيقيين أكاديميين. بدأ بالعزف على آلة العود في سن الثامنة وأصبح عازفاً متمكناً، وعزف على أكثر من آلة موسيقية، منها: البيانو، الكمان، القانون، التشيللو، الكنتر باس، وكذلك الإيقاعات بمختلف أنواعها وأشكالها. تميَّز في التوزيع والتأليف الموسيقي والتلحين في سن الرابعة عشرة.
بعد أن أكمل دراساته الخاصة في مجال التأليف الموسيقي، اعتمد عليه الكثيرون في صناعة الموسيقى والألحان التي تخص الاحتفالات والمناسبات الوطنية الرسمية في اليمن. هاجر في سن السادسة عشرة إلى العاصمة السعودية الرياض. عمل لدى مؤسسات إنتاج عديدة لسنوات، وتعاون كملحن وموزع مع فنانين ونجوم عرب وخليجيين، وسطر نجاحات فنية عديدة على مستوى الوطن العربي. يحمل رسالة فنية مهمة، وهي إيصال التراث والموسيقى اليمنية للعالم.

خصوصية التراث التهامي
  ما الذي حفز فيك مشروع الفن التهامي وإحياء التراث من الأغاني والألحان التي أوشكت على الاندثار؟
- تهامة مجتمع يشغل رقعة جغرافية واسعة، ويضم العديد من القبائل والفئات والشرائح السكانية. وهي أيضاً منطقة لها تاريخ موغل وتعاقبت عليها الكثير من الحقب والثقافات، وهذا بدوره أفرز ثقافة غنية ومتنوعة. ويأتي جانب الغناء الشعبي والإيقاعات الشعبية المتنوعة والمميزة جدا بخصوصيتها في مقدمة هذه الثقافة الموروثة.
من هذه النقطة، وكوني ابن البيئة التهامية ومحباً للفن من صغري، فإن هذا شكل لدي حافزا للتوجه نحو العمل على هذا المشروع، لتقديم الهوية والثقافة التهامية على أصولها الشعبية، وهو إسهام متواضع مني، أتمنى من الله التوفيق فيه.

دافع قوي
  كيف استقبلت الإقبال المليوني على أعمالك وأغانيك؟
- استقبلته بالسرور والسعادة، وشعرت بأنه دافع قوي جعلني على المحك لمواصلة هذه التجربة حتى أكون عند حسن ظن الجمهور بي.

صنع لون منافس
  نلاحظ الدقة في اختيار الإيقاعات وبما يتوافق مع المنطقة المحددة للأغنية، على ماذا تعتمد في ذلك؟
- طبعا، هذا الأمر هو ضمن مشروع كبير في ذهني الهدف منه هو إبراز الأغنية التهامية كلون غنائي وكموروث له خصوصية التعامل معه، إذ يحتاج إلى وعي وإلمام بالثقافة الشعبية التهامية والتراث والموروث عموما.
فلكي نصنع لونا غنائيا تهاميا ينافس الألوان الغنائية اليمنية الأصيلة في الساحة لا بد من التركيز على روح البيئة وموروثها المتمثل في الإيقاعات والأغاني والمطالع والشعر واستنباط أعمال فنية تفوح منها نكهة البيئة التهامية وعَرف طينها، والعمل على تطويرها.

في طور التأسيس
 وهل هناك من يساعدك في هذا المشروع؟
- لا شك أنني أستعين ببعض الإخوة من إيقاعيين ومهتمين ممن لهم إلمام بالخصوصية التهامية وبالموروث.
والآن مازلنا في طور التأسيس ووضع اللبنات الأساسية للون التهامي كلون ينطلق من رحم وعمق البيئة. وإن شاء الله لاحقا نتوسع ونستعين بالكثير من شعراء وفنانين ومهتمين وغيرهم.
طبعاً، لا يزال عملي حتى الآن يتم بجهود شخصية وبتشجيع ومؤازرة بعض الأهل والأصدقاء والمقربين، وعلى رأسهم الأستاذ يحيى بكاري، مدير مشروع «تهاميات»، الذي له دور كبير في التوجه نحو تفعيل هذا المشروع الهادف والذي يسعى إلى إحياء الموروث والعمل على حفظه وتوثيقه. فله وللجميع مني كل الشكر والتحية، وأسأل الله التوفيق.

غياب وندرة
  برأيك ما هو سبب غياب الفن التهامي وندرته؟
- هناك أسباب كثيرة، منها عدم الاهتمام من الجهات المعنية بإبراز التراث والموروث الثقافي والفني وتشجيع المبدعين لإبرازه، والاهتمام بأوضاعهم المعيشية ليتفرغوا للإبداع وإبراز أعمالهم.
أيضاً، ظروف المبدعين والفنانين تقف عائقا أمام تنفيذ الكثير من الأفكار والمشاريع التي تتطلب إمكانية. وكذلك قلة المتشبعين بالموروث الشعبي والفني والشعري والقدرة على الاستفادة من ثقافة البيئة وتطويرها من خلال كتابات وألحان وأداء مميز.
ويأتي غياب الوعي بالقيمة الفنية والثقافية التي تمتلكها تهامة كمنطقة خصبة وزاخرة بالجمال في مقدمة هذه العوائق، فالوعي واستشعار المسؤولية وحب العمل -إن وجد- سيسهم في تقديم البعض لعدد من الأعمال كتجارب على طريق اللون والفن.

جهد شخصي 
  ما هو تعريفك للأغنية التهامية من منظورك الفني؟
- الأغنية تكون أغنية إن لامست وجدان الناس. والأغنية التهامية كلون فني لها من الخصوصية ما يميزها عن غيرها من الألوان الغنائية اليمنية كجزء من التراث والموروث اليمني العريق.
  من خلال ما تقدمه من أعمال، وهي بالتأكيد مكلفة مادياً، هل هناك من يتبنى العمل أو يقوم بدعمه مادياً؟
- حتى الآن ما زلت أنفذ أعمالي بجهد شخصي ووفق الإمكانيات المتاحة، فأنا ملحن وموزع موسيقي ولدي بعض الأعمال مع بعض الفنانين، وبالتالي فإني أصرف جزءاً من مردودها على تنفيذ بعض أعمالي.

تقديم لائق
   ما الذي تتمناه في مشوارك الفني؟
- أتمنى أن أسهم في تقديم جزء ولو يسير من موروث بلدي العريق اليمن عموما ومنطقتي تهامة خصوصا، وإبراز هذه الأعمال بحلة تليق بأصالة وعراقة الموروث التهامي وتاريخه كجزء من الهوية.

الأمل موجود رغم المعوقات
  ما هي المعوقات التي تواجهها في مسارك الإبداعي؟
- المعوقات كثيرة، يأتي على رأسها عدم توفر الإمكانيات اللازمة لتنفيذ بعض الأفكار والأعمال والمشاريع الفنية بالصورة المرسومة في ذهني لتقديمها بشكل أفضل وأجمل. ولكن الأمل موجود بأن نستطيع تخطي هذه الصعوبات في المستقبل للإسهام في تقديم صورة أكثر بهاءً وإشراقاً عن الأغنية اليمنية التهامية.

تحريك المياه الراكدة
  ما هي الرسالة التي تود إيصالها من خلال ما تقدمه من أعمال؟
- أتمنى أن يكون ما نقدمه من أعمال متواضعة بمثابة إلقاء حجر في المياه الراكدة لتحريكها وجذب أنظار الآخرين من داخل المنطقة والوطن وخارجه إلى موروثنا وهويتنا العريقة لتتكاتف الجهود في العمل على إبراز هذا الفن اليمني الأصيل.
 ما الذي أضافته إليك الأغنية التهامية من خلال اهتمامك بها؟
- زادتني عشقا لما تحويه من أصالة وجمال، وثقة لمواصلة المشوار الفني.

من روح البيئة
 ما هي أغنيتك القادمة؟
- هناك أفكار كثيرة تجول في ذهني، وبالتأكيد ستكون أغنية نابعة من روح البيئة وجمال وديانها وعَرف خبوتها وزاهيبها وأنفاس موروثها.

 رسالة أخيرة تود قولها...؟
- أشكرك أخي العزيز على هذه الاستضافة في صحيفتكم الغراء، وأتمنى من كل أبناء الوطن عموما وتهامة خصوصا الاهتمام بموروثهم وتراثهم وفنهم وتاريخهم العريق والعمل على إبرازه والاعتزاز به والتفاعل معه وتعريف الآخرين به.