حاوره: أحمد الشلالي / لا ميديا -

زكريا دماج، لاعب الزمن الجميل في صفوف اتحاد إب مهاجم وقناص مميز في هز شباك الخصوم.
كانت بداياته الأولى من الفئات السنية للنادي متدرجاً حتى الوصول إلى الفريق الأول الذي لعب له لعدة سنوات برفقه شقيقه الأكبر محمد دماج الذي يعتبره قدوته ومثله الأعلى.
لعب للمنتخبات الوطنية الشباب والأولمبي والأول، ومن أجل تحصيله العلمي اضطر إلى ترك كرة القدم رغم صغر سنه.
ملحق "لا الرياضي" استضاف زكريا دماج وناقش معه قضايا تخص الكرة اليمنية واتحاد الميني فوتبول، تجدونها في السطور التالية:

أصعب قرار في حياتي
 توقفت وأنت مازلت قادراً على العطاء؟
- أهلاً وسهلاً بكم أخي أحمد وبصحيفة "لا"، نعم صحيح توقفت في مرحلة مبكرة جداً؛ بسبب حصولي على منحة دراسية خارج الوطن، وقد كان قرار توقفي عن ممارسة كرة القدم بشكل رسمي من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي، إذ كان من الصعب جداً اتخاذ مثل هذه الخطوة في مثل هذا التوقيت، خصوصاً وأني كنت حينها أمثل المنتخب الوطني الأولمبي، والحمد لله كان قراراً موفقاً استطعت من خلاله الانطلاق في مسيرة التحصيل العلمي التي تكللت بالحصول على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي من جامعة الملايا بماليزيا، ومع ذلك لم أترك النشاط الرياضي وممارسة كرة القدم ومتابعتها حتى الآن.
 بعد الاعتزال يسلك أغلب اللاعبين مجال التدريب، أين أنت من ذلك؟!
- لا أخفيك أني فكرت كثيراً في ذلك، إلا أن انشغالي بالتحصيل العلمي وتوقف النشاط الرياضي بسبب العدوان والحرب على اليمن جعلني لا أخطو خطوات جادة في هذا المجال.

يكفيني حب الجمهور
 هل أنت راضٍ عن السنوات التي قضيتها مع كرة القدم ومع الاتحاد؟
- نعم، أنا راضٍ تماماً، كيف لا وقدف لعبت للفريق الأول لنادي الاتحاد وعمري صغير جداً، والتحقت بركب اللاعبين الكبار للنادي أمثال الكباتن أحمد البريد ومحمد دماج وأحمد الجعدي ووهيب الجراش ومحمود الكحصة وغيرهم من نجوم الزمن الجميل للنادي الذين لعبت معهم وزاملتهم في أرضية الملعب.
صحيح كنت أطمح لتقديم الكثير والمزيد للنادي الذي ترعرعت ونشأت في حبه كمشجع أولاً وكلاعب ثانياً، إلا أن السنوات التي قضيتها مع الفريق كانت جيدة جداً، ويكفيني أني تركت كرة القدم وجمهور الاتحاد يحمل لي في قلبه العديد من الذكريات الجميلة والاحترام والحب الكبير، وهذا الحب والاحترام والتقدير المتبادل بيني وبين الاتحاديين هو المكسب الحقيقي بالنسبة لي.

الاتحاد خارج المنافسة
 في حال أقيم الدوري، أين تضع فريق الاتحاد؟ وهل يستطيع المنافسة على اللقب؟!
- نتمنى أن يوفق أمر إقامة الدوري دون اختلاق مشاكل وذلك لإحياء الأندية الرياضية من جديد، وفي الحقيقة فريقنا حالياً في مرحلة بناء فريق جديد من العناصر الشابة القادرين على تقديم الأداء الرائع والجميل الذي عرف به النادي، وأتوقع للفريق تقديم مستويات جيدة في بطولة الدوري، لكني لا أرشحه للمنافسة على اللقب لأن المنافسة تحتاج إلى مقومات عديدة يفتقدها النادي في المرحلة الحالية، هذا بخلاف المعوقات والصعوبات التي تواجه إدارة النادي، والتي يأتي في مقدمتها شحة الموارد المالية، وغياب الملعب المناسب في المحافظة.

رهن الإشارة
 لماذا لم نرك ضمن إدارة الاتحاد خصوصاً وأنت أحد أبنائه؟
- الإدارة الحالية بقيادة رئيس النادي الأستاذ علي اليمني والأمين العام الكابتن أحمد البريد والمشرف الرياضي الكابتن أحمد الجعدي وجميع أعضاء الهيئة الإدارية للنادي فيهم الخير والبركة ويعملون بحسب الإمكانات المتاحة لهم، أما أنا فقد كنت خلال السنوات الماضية متواجداً خارج البلاد، ونحن رهن إشارة النادي في أي وقت يحتاج إلى خدماتنا سواءً من داخل أو خارج الإدارة، وهذا حق للنادي وجماهيره علينا.

فخر واعتزاز
 لعبت بجوار شقيقك محمد مع الاتحاد، كيف كان شعورك؟!
- شعرت بكمية كبيرة من الفخر والاعتزاز باللعب بجوار أحد أبرز وألمع من أنجبتهم كرة القدم اليمنية خلقاً وأداءً وأدباً وتواضعاً، وهو السوبر محمد دماج، الذي كان أحد الأسباب الرئيسية في حبي لكرة القدم ولنادي الاتحاد، وقد استفدت منه كثيراً في شتى مناحي الحياة وليس فقط داخل الملعب، إذ إنه يعتبر من أقرب الناس إلى قلبي.

محافظة بلا ملعب معشب
 محافظة إب هي منبع المواهب والنجوم الكروية، ماذا ينقص فرقها لتحقيق البطولات؟
- محافظة إب مظلومة جداً في المجال الرياضي، والدليل على ذلك أنه وحتى اللحظة لا يوجد لديها ملعب كرة قدم معشب، بل لا يوجد لديها ملعب صالح للعب مباريات كرة القدم، ومع هذا تجد قطبي المحافظة الشعب والاتحاد دائماً ما يشكلان علامة فارقة في الدوري اليمني، ويقدمان نجومهما للمنتخبات الوطنية المختلفة.

بطولة الديربي
 لعبت العديد من مباريات الديربي أمام شعب إب، ما هي ذكرياتك عنها؟
- كانت مباريات الديربي بين الشعب والاتحاد من أقوى وألهب مباريات الدوري اليمني، بسبب الزخم والسجال الجماهيري طوال الأسبوع الذي ستلعب في نهايته المباراة، وفي يوم المباراة تمتلئ المدرجات عن آخرها في وقت مبكر جداً يسبق المباراة، إذ يعتبر الفوز بالديربي بطولة بحد ذاتها للفائز فيه، وكم كنت أستمتع وأنا أستمع إلى أهازيج جماهير الاتحاد سواءً كنت داخل الملعب أو خارجه. كما ‏أتذكر الكثير من أهداف الديربي بين الفريقين، وكان من نصيبي أن أسجل هدفاً في مرمى الحارس الكبير الكابتن فيصل الحاج في ديربي 2007.

مقارنة مجحفة
 لاعب اليوم يلعب من أجل المادة وليس من أجل الفانيلة أو النادي، ما رأيك؟!
- في اعتقادي أن الوضع المعيشي والظروف الصعبة التي نعيشها في هذه المرحلة تحتم على لاعبي اليوم الاختيار بين اللعب مقابل مبلغ مالي يسد الاحتياجات الأساسية له ولأسرته أو ترك الرياضة والبحث عن مصدر آخر للرزق لمواجهة متطلبات الحياة، وبالتالي مقارنة لاعب اليوم بلاعب الأمس من هذه الناحية أتصور أنها مقارنة مجحفة وظالمة نظراً للفوارق الكبيرة بين متطلبات الحياة بين الأمس والحاضر، فبالأمس كان بعض اللاعبين يصرفون على أنديتهم ويستضيفون مقرات الأندية في منازلهم، بينما وفي ظل ما نعيشه اليوم من تدهور اقتصادي وتضخم هائل في الأسعار قد لا يستطيع بعض اللاعبين أن يوفروا لأنفسهم أجرة المواصلات على سبيل المثال للوصول إلى تدريبات الفريق.
 مشاركاتك مع المنتخب كانت قليلة، لماذا؟
- صحيح أخي العزيز وذلك بسبب أني تركت كرة القدم وتوجهت للدراسة في سن مبكرة، أنا مثلت المنتخب الوطني للشباب ثم المنتخب الوطني الأولمبي طوال الفترة من 2004 وحتى 2008، وحينها تركت كرة القدم وأنا ألعب للمنتخب الوطني الأولمبي، واتجهت نحو الطريق العلمي.

سوء فهم مع الاتحاد
 حالياً أنت رئيس اتحاد الميني فوتبول، ممكن تعطينا نبذة مختصرة عنها؟
- الميني فوتبول هي لعبة كرة قدم سداسية يتبناها الاتحاد الدولي للميني فوتبول (World Minifootball Federation) الذي تأسس عام 2013، ومقره حالياً في سويسرا، وهذه اللعبة تلعب في ملاعب صغيرة وفق قياسات محددة وقوانين خاصة بها، وتنتشر في أكثر من 144 دولة حول العالم، وقد أقيمت العديد من البطولات القارية والدولية لهذه اللعبة، ويأتي على رأسها إقامة ثلاث بطولات كأس عالم.
 ما سبب الخلاف بينكم وبين اتحاد القدم على هذه اللعبة؟
- الحاصل هو سوء فهم، وقريباً إن شاء الله تتضح الرؤية للجميع، فالميني فوتبول تستهدف اللاعبين الهواة والمعتزلين ونحوهم، ولا تستهدف أياً من اللاعبين المقيدين في سجلات الاتحاد اليمني لكرة القدم.

في الطريق للانضمام للاتحاد الأوروبي
 هل لعبة الميني فوتبول معترف بها دولياً؟ وهل تتبع اتحاد الفيفا؟
- مع أن الاتحاد الدولي للميني فوتبول حديث التأسيس، إلا أن اللعبة انتشرت بشكل واسع وكبير على المستوى الدولي، وانطلقت البطولات الخاصة بها بصورة جيدة ولاقت الاعتراف بها من قبل شريحة واسعة من الرياضيين لدرجة الاعتراف الرسمي بها في أكثر من 144 دولة على مستوى العالم.
حاليا يعمل الاتحاد الدولي للميني فوتبول على الانضمام إلى رابطة الاتحادات الرياضية الدولية (SPORT ACCORD)، إذ ينقصه أحد شروط ومتطلبات الحصول على عضوية الرابطة وهو إقامة البطولة الآسيوية للميني فوتبول، والتي ستقام بعد جائحة كورونا إن شاء الله، وبعد ذلك سيصبح الاتحاد الدولي للميني فوتبول أحد أعضاء الـ(SPORT ACCORD) بشكل رسمي، وسيتضح بعدها للجميع استقلالية اللعبة عن الفيفا.

صعوبات ستزول قريباً
 ما هي الصعوبات التي تواجهكم في اتحاد الميني فوتبول؟
- كأي بداية عمل تواجهنا العديد من الصعوبات يأتي في مقدمتها عدم الحصول على الاعتراف الرسمي المحلي بسبب الخلط الحاصل عند البعض في تبعية كرة القدم المصغرة للاتحاد الدولي لكرة القدم المصغرة (WMF) أو للاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، وكذلك غياب الدعم المادي. ومع ذلك فهذه الصعوبات ستزول عما قريب إن شاء الله، وبجهود جميع أعضاء المجلس التأسيسي للاتحاد أثق تماماً بأننا سنتغلب على كل العقبات والمعوقات التي ستواجهنا وستخرج هذه اللعبة إلى النور في الفترة المقبلة إن شاء الله.

نهاية جيل كامل
 كيف تقرأ واقع الرياضة اليمنية حالياً؟
- حقيقةً واقع الرياضة اليمنية في الوقت الحالي لا يرضي أحداً، فقد تسبب العدوان في تدمير الملاعب والمنشآت الرياضية وتوقف حركة النشاط الرياضي إلا من بعض المبادرات الذاتية كالتي يقوم بها على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ أمين جمعان رئيس نادي وحدة صنعاء.
الجمهور الرياضي أصبح متعطشاً لأي نشاط رياضي، وللأسف الشديد هناك جيل من اللاعبين انتهى بسبب توقف عجلة الدوري اليمني.

بالإمكان أفضل مما كان
 مشاركة المنتخب الأول في التصفيات المزدوجة، كيف تراها؟ وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
- منتخبنا قدم مباريات جيدة ولم يوفق في أخرى، ولكني أعتقد أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، وكنا نستحق أن يكون ترتيبنا في المجموعة الوصيف أو الثالث على أقل تقدير، ومع هذا مازالت الفرصة متاحة، وعلى لاعبينا وجهازنا الفني أن يؤمنوا بقدراتهم وأن يحاولوا تحقيق منجز سيخلد في تاريخهم وتاريخ الرياضة اليمنية ككل.
 كيف نصنع منتخبات وطنية تنافس خارجياً؟
- من خلال الاهتمام بتوفير كشافين متخصصين بالفئات السنية وعمل معسكرات داخلية وخارجية مستمرة لهم، وتطوير مدربين على مستوى عال وعقد اتفاقيات تعاون مشترك بيننا وبين إحدى المدارس الكروية الكبرى كالمدرسة الألمانية أو الهولندية على سبيل المثال للاستفادة من خبراتهم ونقلها إلينا.

غياب الطموح
 أغلب اللاعبين اليمنيين يفشلون في الاحتراف الخارجي، ما هي المشكلة من وجهة نظرك؟
-ربما الأمر يعود إلى غياب الطموح وعدم وجود الحافز الداخلي لتطوير المستوى، فاللاعب اليمني يعتبر احترافه الخارجي نهاية المطاف، ناهيك عن غياب دور الاتحاد اليمني في متابعة اللاعبين المحترفين وتقييم مستوياتهم والعمل على تحفيزهم وشحذ هممهم نحو تقديم المستويات الكبيرة التي ستنعكس إيجاباً عليهم وعلى أنديتهم وعلى المنتخبات الوطنية.

 كلمة أخيرة في نهاية الحوار؟
- ما أود أن أقوله في نهاية هذا الحوار هو أنه يجب علينا جميعاً كرياضيين ومتابعين ومهتمين أن نُغلب المصلحة الوطنية العليا على مصالحنا الشخصية، وأن نجعل نجاح وتطوير الرياضة اليمنية نصب أعيننا جميعاً، وهذا لن يتم إلا بصفاء النوايا وتكاتف وتعاون الجميع.
وختاماً أشكرك جزيل الشكر أخي العزيز، والشكر موصول لصحيفتكم الغراء صحيفة "لا".