استطلاع : دنيا حسين فرحان / لا ميديا -

عام 1902 تأسس نادي التنس في مدينة عدن، الصرح الرياضي الأول على مستوى اليمن والجزيرة العربية. سبق هذا الكيان الرياضي في نشأته لعبة كرة القدم بثلاثة أعوام، مع بداية نادي الاتحاد المحمدي الذي حمل منذ عام 1975 اسم نادي التلال الرياضي (فترة الدمج) سليل النادي الأول كرويا على مستوى اليمن والجزيرة العربية.
في حي القطيع الشهير، أحد أحياء مدينة عدن القديمة (مديرية صيرة محافظة عدن)، يحتل نادي التنس العدني البقعة ذاتها الواقعة على سفح فوهة بركان كريتر كمنشأة هي الأقدم رياضياً في اليمن وشبه الجزيرة العربية.
بيت التنس الأول، وعلى امتداد قرن من الزمان، شهد أمجاداً زاهية في رحاب اللعبة الرشيقة، تجسدت وتمثلت خلال تلك الأيام الذهبية لنادي التنس العدني، والذي حفر اسمه وذكراه العطرة في أعماق وجدان وذاكرة الرياضيين في بلادنا.

وديع.. رمز ثابت في العرين الأول
وعلى امتداد قرن ونيف من الزمان شهد نادي التنس العدني أمجاداً زاهية في رحاب اللعبة الرشيقة (التنس) تجسدت وتمثلت من خلال تلك الأيام الذهبية لنادي التنس العدني، والذي كان بحق ملتقى عشاق اللعبة الرشيقة الذين حققوا العطاء المبدع والنجومية والتألق وتوجوا عطاءهم بأكاليل الفوز المبين.
من الرعيل الثاني هنا نلتقي مع وكيل عام النادي، الكابتن الكبير والقدير وديع ثابت، الذي عاش حياته كلها، وحتى اليوم، داخل هذا الكيان الرياضي العريق (لاعباً ومدرباً وإدارياً ومحافظاً على بيته الأول).
يتحدث أيقونة تنس اليمن وديع ثابت لملحق "لا" الرياضي بشكل ودود مرحباً بزيارتنا لبيته وعشقه الأبدي، وقال: "نادي التنس العدني له تاريخ كبير وعريض، ويعد من أقدم وأهم الأندية على مستوى الجزيرة العربية، وتخرج في هذا النادي عدد كبير من الأبطال خلال مراحل زمنية وسنوات ولم يتوقف عن العطاء برغم الأزمات والمشاكل التي عصفت بالنادي إلا أنه ما يزال يواصل هذا المشوار الكبير".
كل يوم يفتح النادي أبوابه وتشهد ملاعبه الثلاثة أنشطة تدريبية تجعل من النادي أشبه بخلية نحل، ينظم بالعديد من المسابقات والفعاليات، وتذهب أنشطته أيضا إلى خارج أسوار النادي، كان آخرها المهرجان الذي أقيم في "فان ستي" وضم نجوم التنس.
يستطرد وديع: "هذا شرف كبير للنادي، والشيء الأجمل أنه وبرغم الإمكانيات والميزانية الشحيحة للنادي إلا أن هناك أشخاصاً يقومون بمساعدتنا، فاعلي الخير وتجاراً ومن أبناء النادي الذين هاجروا إلى خارج الوطن، إنهم يساعدوننا بتوفير الكرات والمعدات وحتى بالمبالغ المالية، وكل ذلك حباً للعبة التنس ونادي التنس العدني".
ويكمل راعي البيت الرياضي الأول: "مازلنا مستمرين حتى اللحظة في التدريبات، ولدينا جداول يومية للتمرين، ونستقبل عدداً من الشباب المحبين لهذه الرياضة ونجهز الأبطال للمشاركات الخارجية. لدينا شباب حققوا الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية عام 2006 على مستوى الشرق الأوسط، وهذا فخر كبير لنا كمدربين وإداريين للنادي، ونتمنى أن يتم الاعتناء بهم من أجل تقديم مستويات أفضل وأعلى".

بروبجاندا الكرة الصفراء
يتبوأ الكابتن زهير موشجي منصب رئيس فرع الاتحاد اليمني لتنس الميدان في عدن. بشكل دائم يذهب زهير إلى جامعة عدن كمحاضر في كرة المضرب، كما يقيم هذا الإداري الذي تفجرت مواهبه في نادي التنس العدني بطولات على المستويين المحلي والخارجي.
يستهل الكابتن زهير حديثه: "نادي التنس، الذي تأسس في عام 1902، من أقدم الأندية في شبه الجزيرة العربية. هذا الصرح التاريخي المهم كان له الدور البارز والكبير في تطوير لعبة التنس في عدن وإبراز الكثير من النجوم والأبطال في هذه اللعبة في عصرها الذهبي، ومازال يواصل العطاء حتى الآن، وهو بحق مصنع نجوم وأبطال اللعبة وسبب في استمرارها وتواصلها وتألقها، وأبطال النادي قد حققوا العديد من الإنجازات الدولية والقارية في عدد من المحافل الخارجية".
ويؤكد: "كلنا تدربنا على يد الكابتن وديع ثابت، المدرب الوطني القدير ووكيل نادي التنس العدني، الذي يبذل جهداً ويقدم عصارة خبرته للأجيال المتعاقبة من أبناء النادي دون كلل أو ملل، وهو الذي حافظ على هذا الصرح التاريخي من الاندثار والبسط عليه، ومايزال يعطي ويقدم للنادي الكثير والكثير في صنع النجوم والأبطال".
وعن واقع النادي حالياً، وخاصة بعد إعادة إصلاح مبنى النادي، يقول موشجي: "أصبح هذا الصرح الرياضي الكبير يواكب التطور مع الحرص والحفاظ على معالم النادي التاريخية، فقد تم إعادة إصلاح الملاعب بمواصفات دولية، والأهم هو تشكيل مجلس إدارة للنادي برئاسة المحامي رضا عبدالله، وهو أحد أبطال اللعبة الذين تخرجوا في هذا النادي، بالإضافة إلى المرجعية التاريخية للنادي الكابتن وديع ثابت، باعتباره وكيل نادي التنس العدني، والذي يساهم بشكل كبير في إعادة أمجاد النادي من خلال تنظيم البطولات، وأيضاً إعادة دور النادي بتنظيم الندوات والحفلات الفنية كما كان في السابق".
ويضيف: "نحن كاتحاد فرع للعبة نعمل مع إدارة النادي التي تقدم لنا كل التسهيلات في إقامة أنشطة الاتحاد والإسهام في إعادة أمجاد النادي".
وفي ختام حديثه، يناشد الكابتن زهير مؤسسات الدولة الرسمية الاهتمام بشكل أكبر بهذه المنشأة التاريخية وتقديم كل الدعم حتى تستطيع إدارة النادي تفعيل أنشطتها بشكل دائم.

إنجازات على جناح نورس
واصل بيت التنس الأول أداء دوره كمنشأة رياضية عريقة تفيض عطاءً وازدهاراً ورونقاً وبهاءً، وتحرص على تقديم الجديد والمتطور دوماً في عالم التنس الجميل والرشيق والممتع. واستمر الحال بنادي التنس العدني على هذا المنوال كناد نموذجي يشرف كل من ينتمي إليه وحلم كل ناشئ وواعد بالعطاء المبدع في أن يمارس محبوبته اللعبة الرشيقة (التنس) في أحضان ملاعبه الدافئة.
في ختام زيارتنا لنادي التنس العدني، كان لنا حديث مع النجم نورس فائز، لاعب نادي التنس العدني ولاعب المنتخب الوطني للناشئين، الذي كان لتوه يستعد للمران.
يقول نورس، وبكل فخر: "بدأت ممارسة لعبة التنس في سن الرابعة عشرة، وكانت أول تجربة لي مع اللعبة، وكان مشجعي ومدربي الأول هو الكابتن وديع ثابت، فهو من قام بتدريبي وتشجيعي في هذه اللعبة التي نشأت معها داخل هذا الصرح العتيق. كانت أول مشاركة لي في بطولة الجمهورية المقامة في صنعاء وتحقيقي للمركز الثالث، وبعد ذلك قام الكابتن وديع بتدريبي ودعمي، حتى صرت أول لاعب على مستوى الجمهورية. 
ويكمل نورس حديث الإنجازات: "لقد شاركت في العديد من البطولات الخارجية، أولها بطولة آسيا التي أقيمت في ماليزيا وحققت الميدالية البرونزية، وبطولة قطر وحققت المركز الأول في الفردي، وبطولة السعودية وحققت المركز الأول في الزوجي والفردي، وكل تلك الإنجازات والميداليات يعود الفضل فيها إلى الله تعالى وإلى الكابتن القدير وديع ثابت".

لــوحــة شــرف
في ساحات ملاعبه المفتوحة أمام كل راغب ومحب وعاشق للعبة الرشيقة (التنس)، تخرج الكثير من رواد وأبطال ونجوم التنس اليمني الذين شكلوا قامات باسقة من العطاء المبدع في رحاب التنس والرياضة اليمنية.
من أبرز عموم نادي التنس العدني: عبدالحميد مكاوي، وديع حسن علي، محمد علي نعمان، محمد عمر جرجرة، أحمد علي الرجعي، فاروق حسن علي، كمال حيدر علي، عبدالكريم حسن علي، مهيوب سلطان، إبراهيم حسن ميسري، محمد عبدالقادر، أبو بكر عبيد الصافي، خلف حسن علي، مراد يوسف عبدالجليل، حسن عمر زيد، محمد عبده غانم، أحمد علي أحمد، محمد معتوق مكاوي، عبدالقادر حسرت، أحمد محمد حسرت، محمد مهيوب سلطان، عبدالرحمن عبدالستار (خشدل)، الدكتور محمد البار، جميل عبدالمجيد ثابت، حسن محمود، جواد جرجرة، صالح عميران، عبدالحافظ مبارك، أحمد هيثمي سالم، وديع عبدالعزيز ثابت، حسين ذيبان، محمد إبراهيم جبل، عبدالله عبدالمجيد، والخواجة تيفاري ومعه ألبرت جوانيز.
وبعد الاستقلال، واصل بيت التنس الأول (نادي التنس العدني) أداء دوره الرائد كمنشأة رياضية عريقة وكنادٍ نموذجي، حيث برزت نجومية: جمال ثابت، خليل مكي، جهاد سعيد عبدالرحمن، أسامة هيثمي، هشام محمد أحمد، فهمي حسن نعاش، الدكتور حسن عبدالرزاق، عماد عبدالله عبدالمجيد، زهير موشجي، رضا عبدالله عبدالمجيد، خالد عبدالرحمن، ريان عبدالخالق، أيمن عبدالرحمن، فهد شمس، أيمن عزام خليفة، فراس العطار، بهاء وجدي، مجد طاهر، أحمد سيف، محمد وديع ثابت، محمد سيف، وميض أنيس عبدالرزاق، مأمون وحسين حسن عبدالرزاق، فهد خالد، معاذ وديع ثابت، سمير سند، عزيز خالد، وأيمن محمد.

مطرقة الاشتراكية تحطم المضرب
بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني لعدن، تعرض نادي التنس العدني لمحاولات عديدة وجائرة لطمس معالمه؛ باعتبار لعبة التنس لعبة أرستقراطية وبرجوازية لا تليق بأبناء الطبقة الكادحة والمسحوقة من العمال والفلاحين والكادحين.
ففي عام 1976، أصبح نادي التنس العدني تابعاً لوزارة المالية، وأصبح يحمل اسم "نادي وزارة المالية"، وفي عام 1982 أصبح نادي التنس العدني مقراً للاتحاد اليمني لكرة الطاولة والتنس، ثم تحول بعد ذلك إلى مبنى تابع للمجلس الأعلى للرياضة.
في عام 1986، أطلق على ملاعب نادي التنس العدني تسمية "ملاعب الشهيد عبدالحميد أحمد سعيد"، ليعود مرة أخرى النادي ليصبح مقراً للاتحاد اليمني للتنس حتى الآن، وذلك بعد إعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، اليوم الذي استعاد فيه هذا النادي العريق والرائد اسمه القديم والشهير.       

مــن هــنا مــروا
كان نادي التنس العدني سباقاً في رعاية وإقامة وتنظيم الندوات الأدبية والثقافية والحفلات الموسيقية التي شارك فيها نخبة من الشخصيات السياسية والاجتماعية البارزة وكبار الأدباء والكتاب والفنانين، ومنهم: محمد عبده غانم، كمال حيدر علي، الدكتور عبدالقادر البار، الشاعر الكبير عبدالله هادي سُبيت، وعمالقة الفن أحمد بن أحمد قاسم، محمد صالح حمدون، اسكندر ثابت، سالم أحمد بامدهف، ياسين فارع، وأبو بكر فارع.