أنس القاضي / مرافئ لا -

«انقلابيون»، مقولة يُرمى بها أنصار الله ومن لهم موقف وطني، بقصد تجريم حضورهم في السُّلطة من بعد 21 أيلول 2014م، وطعناً في عدالة مواجهتهم للعدوان الأجنبي، وهو خطاب تحريفي لمفهوم الانقلاب المتعارف عليه كما تجسد في التاريخ الإنساني، فلا الانقلاب كله شر، ولا ما حدث في 21 أيلول انقلاب!
الانقلاب المتعارف عليه، هو أن تقوم مؤسسة من داخل الدولة فجأة بالاستيلاء على السلطة، وتغيير الشخوص (القيادة العليا)، وفي بعض الأحيان يترافق مع تغيير القيادات تغيير هيكل الدولة وإعدامهم، وغالباً فإن المؤسسة العسكرية تقوم بذلك، وهذا الشكل الانقلابي لم يحدث في 21 أيلول. 
مفهوم الانقلاب وشكله المتعارف عليه، لا يُمكن إدانته ولا مناصرته بدون تحليل طبيعته، ومن يهاجمون حدث 21 أيلول إنما من هذا الباب يوصف الحدث بأنه انقلاب ويُحكم على كل انقلاب بأنه عمل سيئ!
 شكل الانقلاب ثابت، لكن مضمونه متغير؛ فقد يكون هذا الانقلاب تقدمياً يخدم قضايا الشعب والوطن في إسقاط سلطة استبدادية أو عميلة، وتغيير السياسة في البلد بما يخدم الناس فيكون معبرا عن آمال الشعب، وقد يكون الانقلاب رجعيا تم ضد سُلطة وطنية ديمقراطية عادلة، فيكون معبرا عن مصالح قوى الاستغلال والنهب المحلية وقوى الاستعمار الأجنبية المتحالفة دائماً.
 هل ما جرى في 21 أيلول انقلاب تقدمي من النوع الأول، أم انقلاب رجعي من النوع الثاني؟ ما حدث في 21 أيلول لم يكن انقلاباً حتى يُبين نوعه! ولا يوجد رابط بينه وبين الانقلاب إلا مسألة العمل المُسلح الذي يتعامل معه الخطاب المعادي للثورة كشبهة لتسمى الثورة انقلاباً لأنها استخدمت السلاح! 
ما جرى في 21 أيلول كان ثورة شعبية من خارج السلطة امتداداً لانتفاضة 11 فبراير 2011م التي وأدتها المبادرة الخليجية، فهي ثورة شارك فيها الملايين، استمرت بشكل سلمي حتى تم الاعتداء عليها من قبل السلطة الاستبدادية العميلة، وفي هذه النقطة حملت الثورة السلاح وواجهت خصومها وأسقطتهم عسكريا، وما سقط فرقة عسكرية منحلة ومليشيات تابعة لحزب الإصلاح. لم تنصب الثورة المشانق للرموز القديمة كعادة الانقلابات وعادة الثورات الدموية، بل جاءت باتفاق السلم والشراكة ومن ثم أصدرت إعلانا دستوريا لم تسم فيه قيادات الدولة الجديدة، بل دعت الأحزاب للمشاركة في سلطة انتقالية، وتنفيذ ما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني.