أنس القاضي / مرافئ لا -

«بقايا الإمامة» إحدى المقولات التي تستخدم في الخطاب الإعلامي لتحالف العدوان، يصم بها أنصار الله بشكل رئيسي وكل من يحمل موقفاً وطنياً ضد العدوان ويصطف مع الأنصار في مواجهة التحالف الدولي العدواني الذي لم يعد من شك أو ريب في طبيعته الاستعمارية الاحتلالية وفي إجراميته وظلمه. ولأن واقع العدوان مكشوف ولا يمكن الدفاع عنه يلجأ الخطاب المعادي إلى الدفاع عن موقفه الخاسر بدعايات يرفضها علم الاجتماع، من قبيل «الهجوم أفضل وسيلة للدفاع».
تقوم هذه المقولة على افتراضات لا وجود لها ولا يصح اعتمادها في علم الاجتماع. وأول هذه المغالطات والافتراضات هي أن أنصار الله بقايا الإمامة لأنهم «هاشميون»، ولأن النظام الملكي المتوكلي اليمني «هاشمي»، فوفقاً لهذه الافتراضات الدعائية السياسية: «كل هاشمي ملكي، وكل ملكي هاشمي»، وأنصار الله من بقايا الإمامة لأنهم هاشميون. لكن هذا الافتراض غير صحيح بالمطلق. فلا أنصار الله تجمع هاشمي، ولا النظام الملكي نظام هاشمي، ولا الجمهورية عرق وسلالة يمنية «قحطانية». الأنظمة السياسية شأن اجتماعي، والسلالات والأعراق شأن انثروبولوجي.   
 قام النظام الملكي اليمني بعد الاستقلال عن تركيا، على بنية اجتماعية اقتصادية مُعينة حددت بناءه الفوقي السياسي كنظام ملكي، ولم يكن بالإمكان أن يتشكل نظام جمهوري آنذاك وكل المحيط في العالم العربي كان ملكياً حينها، في ظل سيادة التشكيلة الاقتصادية الإقطاعية. أما الإقطاعيون وملاك الأراضي والتجار والمشائخ الذين كانوا الطبقة الاجتماعية الحاكمة في ظل اليمن المتوكلية، فكانوا من مختلف القبائل والأنساب والأعراق والمذاهب والمناطق. كما أن الفلاحين والفقراء والكادحين آنذاك كانوا من مختلف القبائل والأعراق والأنساب والمذاهب والمناطق. وحين جاءت حركة 26 سبتمبر، كحركة عسكرية انقلابية، فقد تشكل تنظيمها (الضباط الأحرار) من صفوف ضباط الجيش اليمني المتوكلي. وكان هؤلاء الضباط من مختلف القبائل والأعراق والأنساب والمذاهب والمناطق. هذا هو الواقع الذي جرى تاريخياً، فلا الملكية «هاشمية» ولا الجمهورية «حميرية»، كما يفترض أصحاب مقولة «بقايا الإمامة». 
في الملموس التاريخي الراهن فالنظام السياسي الحاكم في صنعاء منذ 21 أيلول/ سبتمبر 2014 نظام جمهوري. وأنصار الله -كمكون قائد للثورة- تركيبتهم من القيادات العليا إلى القواعد الشعبية من مختلف الأنساب والأعراق والقبائل والمناطق والمذاهب اليمنية، وهي حقيقة يعرفها المرتزقة، لكنهم يستمرون في مقولة «بقايا الإمامة» دفاعاً عن ضعفهم السياسي العسكري، يهربون إلى التاريخ تغطية على تزعزع الحاضر والمستقبل من تحت أقدمهم.