ويليام بوردمان
ترجمة خاصة : #زينب_صلاح_الدين / #لا_ميديا -
الحرب الكيميائية أو البيولوجية هي المصطلح المستخدم لوصف استخدام العوامل البيولوجية أو الكيميائية كأسلحة لإيذاء أو قتل البشر والماشية والنباتات. الأسلحة الكيميائية هي الأجهزة التي تستخدم المواد الكيميائية لإحداث الوفاة أو الجرح؛ وتستخدم الأسلحة البيولوجية الجينات المرضية أو المواد العضوية التي تسبب المرض. وتحتوي الجينات المرضية على البكتيريا والفيروسات والفطريات والسموم التي تفرزها الحيوانات أو النباتات (مكتبة الكونغرس، الخدمات المرجعية العلمية). 
منذ مارس 2015، دعمت الولايات المتحدة السعودية وحلفاءها في حربهم العدوانية الإجرامية على اليمن، وارتكبوا بذلك جرائم حرب يومية، لاسيما بحق المدنيين الذين يعانون حالياً من وباء الكوليرا مع أكثر من 400 ألف ضحية. نشأت الكوليرا بسبب بكتيريا فيبريو كوليرا، وقد تسلحت بها الولايات المتحدة واليابان (في الحرب العالمية الثانية) وجنوب أفريقيا (في ظل سياسة التمييز العنصري) والعراق (في عهد صدام) ودول أخرى. ولكي تكون أكثر تأثيراً يجب أن تنتشر الكوليرا في خزانات وإمدادات المياه. وهذا ما يحدث حالياً في اليمن، حيث دمر القصف خلال أكثر من عامين البنية التحتية لليمن بشكل كبير فقضى على البنية التحتية لمياه الشرب والصرف الصحي والمستشفيات والمستوصفات، وغالبية السكان البالغ عددهم حوالي 25 مليون ليس لديهم أي سبل وقاية ضد انتشار الكوليرا. تقول الأمم المتحدة إن وباء الكوليرا في اليمن "هو الأسوأ على الإطلاق، حيث لم يسجل مثله من قبل في أي دولة خلال عام واحد منذ أن بدأت الإحصائيات". 
قد لا تكون هذه حرب بيولوجية بالمعنى الحرفي لها، لكن لا شك أنها حرب بيولوجية بمعانٍ أخرى. إنها حرب بيولوجية في الواقع إن لم تكن في القانون. إنها حرب بيولوجية ضد أحد أفقر بلدان العالم، دعمتها إدارتان أمريكيتان - بدون أي إشارة للتوقف. وقد ارتفعت المجازر الأمريكية في الشهور الأخيرة ليس فقط في أفغانستان بل وفي أماكن مثل العراق (الموصل) وسوريا (الرقة). وهذا ما تفعله الإمبراطوريات، وخصوصاً إذا بدأت تنحسر.
وفي اليمن، تواصل الولايات المتحدة دعمها ومشاركتها في كل الأعمال الإجرامية هذه، مع اعتراض متواضع من الكونغرس ومعظم وسائل الأخبار والإعلام والرأي العام. ويبدو أن قلة منهم يهتمون بشأن النشر المتعمد لسم يؤثر بشكل كبير على الأطفال و"يسبب اضطرابات معوية للشخص تسبب سوائل ينتج عنها إسهال بني رمادي اللون وحاد". وحين يكون العلاج غير متوفر أو مستحيلاً يمكن أن تصبح الكوليرا مميتة في ظرف أيام. وكما يوضح برنامج "نوفا" على المناطق البيولوجية: "لأن الكوليرا يتم معالجتها بسهولة من خلال رعاية طبية خاصة، يقل احتمال استخدامها كعامل ترهيب في الولايات المتحدة". وكون من الأساسيات تغطية المياه، تنتشر الكوليرا بفعالية أكثر في بلد مثل اليمن، حيث تم القضاء على البنية التحتية للمياه ومياه الصرف الصحي التي هي في حالة هلاك تامة. 

يوجد قوانين ضد كل ذلك، لا تهم كثيراً.. 
في الوقت الحالي، 124 دولة عضواً في محكمة الجنايات الدولية -التي أنشئت بموجب الاتفاقية الدولية (ذا روم ستاتيوت قانون روما)- لديها سلطة قضائية على جرائم العدوان الدولية والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. والولايات المتحدة ليست ضمن الدول الأعضاء، فقد كانت وقعت على الاتفاقية الأصلية ثم انسحبت منها لاحقاً. وقع السودان وإسرائيل وروسيا أيضاً على الاتفاقية ثم انسحبت. وصوتت اليمن في 2007 للمصادقة على الاتفاقية، وفيما بعد أعادت التصويت على التراجع عن المصادقة. وهناك 41 بلداً آخر، بينها الهند وباكستان وتركيا والصين ممن رفضوا الاتفاقية. 
ولم توقع الولايات المتحدة اتفاق جرائم الحرب حتى تاريخ 31 ديسمبر عام 2000 عندما كان الرئيس كلينتون مجرد بطة عرجاء، أي رئيس منتهية ولايته، لم يطلب من مجلس الشيوخ المصادقة على الاتفاقية. وفي 6 مايو من العام 2002 نقل جون بولتون، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لإدارة بوش، للحد من الأسلحة بتقديم بلاغ باسم الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة. وهذا هو نص الرسالة الكامل إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان:
ما سيرد هو لإعلامكم -فيما يتعلق بقانون روما للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في 17 يوليو 1998- أن الولايات المتحدة لا تنوي أن تصبح جزءاً من الاتفاقية. بناءً على ذلك، ليس على الولايات المتحدة أية التزامات قانونية ناشئة عن توقيعها في 31 ديسمبر 2000. ولا ترجو الولايات المتحدة أن ينعكس عدم نيتها في أن تصبح جزءاً كما وضحنا في هذه الرسالة في قوائم وضع الوديعة المتعلقة بهذه الاتفاقية". 
في وقت ما في الماضي شعرت الولايات المتحدة -التي كانت تفتقر إلى "التزامات قانونية" كي لا ترتكب جرائم حرب- ببعض الالتزام الأخلاقي بألا تقوم بذلك (وكذلك قدرتها على التغلب على ذلك على سبيل المثال في هيروشيما وناغازاكي). تضعنا الآن مصالحنا القومية -غير المحددة عادةً- في شركة دول البلطجة البوليسية مثل السعودية ومصر والإمارات والبحرين والكويت في هجومهم الإبادي الوحشي على الشعب اليمني الأعزل الذي امتلكت أقليته الحوثية الجرأة لتواجههم وحدها وكانت مستعدة للقتال من أجل هذا الحق.
في وقت ما -قبل أن يكون هناك الولايات المتحدة- حارب هذا البلد من أجل هذا الحق ذاته. ومنذ فترة طويلة أصبحنا دولة لا تريد أن تترك أي شخص بمفرده. ولدينا الآن رئيس يطالب بولاء شخصي كامل، وهو أكثر من مجرد سعيد بمضايقة أي شخص، الأمر الذي يبدو غير كاف ٍ بالنسبة له ليشمل غالبية الأمريكيين. ولا يمكن أن ينتهي نهاية سعيدة. 

* لدى ويليام بوردمان خبرة أكثر من 40 عاماً في مجال المسرح والإذاعة والتلفزيون والصحافة المطبوعة، من بينها 20 سنة في قضاء فيرمونت. وقد حصل على تكريمات من "رايترز غيلد أوف أمريكا" ومؤسسة الإذاعة العامة ومجلة "فيرمونت لايف" والترشيح لجائزة إيمي
من أكاديمية الفنون والعلوم التلفزيونية. 

 "غلوبال ريسيرتش"