قال تقرير لشبكة CNNإن التصدعات بدأت تظهر في الشراكة بين السعودية والإمارات، بعد دخول حملة اليمن مرحلة من الجمود وانسداد الأفق.
وأضاف التقرير، الذي جاء تحت عنوان «تصدعات تظهر في أهم تحالف في الشرق الأوسط.. أخبار سيئة لترامب»، أن اختلاف الحليفين حول كيفية مواجهة إيران، سيدفع إدارة «ترامب» نحو الشعور بالإحباط من الخلاف السعودي- الإماراتي مع قطر.

تشابه المواقف السياسية
واعتبر المعلق "تيم ليستر" أن العلاقات السعودية الإماراتية هي الأوثق، وتم تصميمها بناء على فكرة كراهية إيران ودعم القضايا السنية في العالم الإسلامي، معددا المواقف المتشابهة بين البلدين، من التحالف ضد "الحوثيين" في اليمن، ومقاطعة قطر ودعم نظام "عبدالفتاح السيسي" في مصر بالمال والإعلام، وكذلك دعم العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على إيران.

الحد من التأثير الإيراني
وأشار التقرير إلى أن "الهدف الرئيس للحملة العسكرية في اليمن هو الحد من التأثير الإيراني على الحوثيين، إلا أن عاصفة الحزم أصبحت مستنقعا وحملة علاقات عامة كارثية بسبب معاناة المدنيين، ويبدو أن الإمارات توصلت لنتيجة أن الحرب لا يمكن الانتصار بها وباتت مكلفة، ولهذا قررت سحب قواتها من اليمن في يوليو/ تموز، رغم تأكيدها أنها ملتزمة بعمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة هناك".
ومع أن وجود الإمارات في اليمن متواضع، إلا أنها تصرفت أكبر من حجمها ومارست تأثيرا على الفصائل في الجنوب، في وقت عملت فيه السعودية مع حكومة هادي المقيمة في الرياض.
وأطلق تخفيف الوجود الإماراتي في ميناء عدن العنان للجماعات الانفصالية الجنوبية التي دعمتها وسلحتها الإمارات، والتي واجهت بقايا القوات التابعة للحكومة التي تدعمها السعودية.
وكان مسؤول إماراتي قال، الشهر الماضي، إن ما قامت به بلاده من انسحاب هو "عملية إعادة انتشار استراتيجية"، وأنها خلفت وراءها قوات يمنية من 90 ألف مسلح، إلا أن المحللين تعاملوا مع القرار الإماراتي على أنه رسالة لولي العهد السعودي بأنه "حان الوقت لتخفيف وتيرة الحرب".
 ونقل التقرير عن "كريستين ديوان"، من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، قولها "إن السعودية معزولة الآن في اليمن، وتحتاج إلى تسوية مع الحوثيين لتأمين الحدود في شمال اليمن. وربما منح الانسحاب الإماراتي دفعة لهذه المهمة، ولكنه لا يقوي من الوضع السعودي في المفاوضات".
وفي الوقت الذي أوقف فيه التحالف السعودي- الإماراتي بعضا من تقدم "الحوثيين" وأرجع عددا من مكاسبهم، إلى أن "الحوثيين" لا يزالون يسيطرون على العاصمة ومعظم شمال اليمن. وزادت قدراتهم على شن هجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة التي يطلقونها أسبوعيا على أهداف سعودية، من المطارات إلى أنابيب النفط. وكانت آخر الهجمات ضد منشأة الشيبة.
ولا تزال السعودية والإمارات متفقتين على مواجهة إيران وتأثيرها في المنطقة، وتدعمان العقوبات الأمريكية المشددة ضد طهران، رغم تبني الإمارات أساليب مختلفة في التعامل مع إيران، فهي تحاول تجنب المواجهة معها.
وأرسلت، بداية هذا الشهر، وفدا لمناقشة شؤون الملاحة والصيد بينهما. وفي الوقت الذي تريثت فيه الإمارات بتحميل اللوم لإيران، كانت السعودية سريعة في تحميلها مسؤولية تخريب ناقلات النفط في ميناء الفجيرة وخليج عمان هذا الصيف.
ولاحظ مراقبون أن هناك نوعا من التعب الإماراتي من سياسة "ترامب" تجاه إيران، قد تسبب بفتور الحماس الذي رافق زيارة "ترامب" إلى السعودية في مايو/ أيار 2017؛ حيث دعم موقف الثنائي السعودي- الإماراتي من قطر.
وتخشى الإمارات من تداعيات الأزمة مع إيران والآثار التي ستصيب الاقتصاد، خاصة دبي. وفي الوقت الذي يمكن للسعودية تجنب الخليج من خلال نقل نفطها إلى البحر الأحمر، فإن الاقتصاد الإماراتي المتنوع يظل عرضة للهجمات.
ويقول "جوي ماكرون"، من المركز العربي في واشنطن، إن التقارب الإماراتي- الإيراني هو فعل تكتيكي وليس استراتيجيا، ورسالة لإدارة "ترامب"، بعد الخلاف حول القضايا منها التقارب الأمريكي مع قطر.

القوات السعودية في اليمن
ويقول "ليستر" إن القوات السعودية داخل اليمن تصل إلى 10 آلاف جندي، حسب مصادر مطلعة على التطورات السعودية. إلا أن معظم الهجمات السعودية شنت من الجو وسببت خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وهو ما زاد المعارضة لحرب اليمن داخل الكونغرس الذي أصدر قرارات عدة لمنع تصدير السلاح إلى اليمن، والتي استخدم "ترامب" الفيتو ضد عدد منها.
ويرى الكاتب أن هجوما بريا واسعا سيزيد من تدهور الأوضاع السيئة، كما أن دعم العملية السلمية التي ترعاها الأمم المتحدة يعني تقديم تنازلات لـ"الحوثيين"، وهو ما سيكون إهانة لولي العهد بعد أربع سنوات من الحرب. وفي الوقت الحالي تحاول السعودية والإمارات دفع الأطراف اليمنية المتصارعة لتسوية خلافاتها واستخدام لغة الحوار، كما بدا من دعوة ولي العهد السعودي والإماراتي بعد اجتماعهما الأسبوع الماضي في جدة.
ورغم ما بدا من لهجة تعاون بين الحليفين، إلا أن الحرب في اليمن باتت مستعصية بعد خروج الإماراتيين من هناك.
ويقول "ليستر" إن المستفيد الأول من خروج الإماراتيين من اليمن هم "الحوثيون".
ويقول الكاتب إن التحالف السعودي- الإماراتي لم يتأثر بالانسحاب، خاصة أنه حل محل مجلس التعاون الخليجي الذي أصيب بالضعف بسبب الخلافات السعودية الإماراتية البحرينية مع قطر.

سجالات سعودية إماراتية بدأت تخرج إلى العلن
وباتت منصات التواصل الاجتماعي تشهد في الآونة الأخيرة سجالات ومناوشات بين كتّاب محسوبين على كل من السعودية والإمارات، الأمر الذي كان يصعب حدوثه طوال السنوات الماضية، حينما بلغ التنسيق والتناغم مستويات متقدمة بين الدولتين الخليجيتين اللتين قادتا الحرب على اليمن.
وفي دلالة جديدة على الشرخ الآخذ بالاتساع بين الرياض من جهة وأبو ظبي من جهة أخرى بخصوص الملف اليمني، عمد بعض الكتّاب وأصحاب حسابات معروفة إلى إبداء آرائهم وتسجيل مواقف استدعت ردوداً من الطرف الآخر.
هذا ما حصل عندما طالب خلفان الكعبي الإمارات عبر حسابه على "تويتر" بمراجعة أسلوب إدارة الحرب على اليمن، غامزاً إلى الطرف السعودي. موقف الكعبي، الذي يعبّر عادة عن وجهة نظر النظام الحاكم في الإمارات ويعرّف عن نفسه في حساباته على منصات التواصل الاجتماعي على أنه خبير عسكري ومحلل سياسي، استدعى رداً من الصحافي السعودي سليمان العقيلي، المعروف هو الآخر بالتعبير عن سياسة الرياض. وفي ردّه، اتهم العقيلي حليف الأمس بأنه يسعى إلى طرد النفوذ السعودي من اليمن.
الحديث عن تباين في سياسات البلدين تجلّى في أكثر من محطة خلال الأعوام السابقة، كان أكثرها وضوحاً أوائل الشهر الحالي، عندما تصدر هاشتاغ "السعودية تكتشف خيانة الإمارات" الحملات على "تويتر"، وذلك على إثر زيارة وفد إماراتي رسمي إلى إيران.