ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

ديون نسينبوم *
ترغب الإمارات في سحب قواتها من الحملات العسكرية التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، وهي بذلك تكون قد خلصت نفسها من حرب دامت 4 سنوات، أثارت معارضة الكونغرس، وأصبحت نقطة تحول مع إيران في المنطقة. 
بحسب مسؤولين غربيين بدأت أبوظبي في الأسابيع الأخيرة بسحب دباباتها ومروحياتها المقاتلة خارج البلد، وأضافوا أنها سحبت أيضاً مئات من الجند من ساحل البحر الأحمر، من ضمنهم أولئك القريبون من ميناء الحديدة الذي يعد المنفذ الرئيسي لليمن لدخول المساعدات الإنسانية. 
كانت الإمارات أهم شريك في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية للقتال ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، منذ مارس 2015. وقد خلفت الحرب آلاف القتلى، وأشعلت ما تسميه الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية مثيرة انتقاداً واسعاً على مستوى العالم. 
وقد تزايدت الخلافات في الشرق الأوسط منذ أن حذرت أمريكا من تهديدات من إيران وحلفائها، وإرسالها المزيد من القوات إلى المنطقة في الشهر الفائت. وبينما صرحت واشنطن وطهران عن عدم رغبتهما في الحرب، دفع طوفان من الهجمات الأخيرة -بما فيها الهجمات التي وقعت على سفن تجارية بالقرب من الساحل الإماراتي- بالمنطقة نحو الحافة. وقد اتهم مسؤولون أمريكيون إيران بهجمات ناقلات النفط، الأمر الذي أنكرته إيران. 
وفي إيجاز لمسؤولين وآخرين مطلعين على خطط الإمارات، فقد قوبلت الإمارات بمعارضة واسعة في واشنطن لحملتها العسكرية، وقد باتت تخشى من أن تصبح هدف طهران الانتقامي الأول في حال أمر الرئيس ترامب بشن ضربات عسكرية على إيران. 
يقول هؤلاء المسؤولون إن الدولة تنوي بدلاً من ذلك تكثيف جهودها في اليمن لمحاربة القاعدة والتنظيم الإسلامي وجماعات متطرفة أخرى. 
وقال مسؤولون إماراتيون إنهم لا يستطيعون التعليق على الانسحاب العسكري كما يصفه مسؤولون غرب. بحسب هؤلاء اطلع مسؤولون على ذلك الأمر وهم حلفاء غرب وخليجيون للإمارات، إلا أنهم لم يعلنوا المناقشة حول الانسحاب، حسبما ذكرت "رويترز" في وقت سابق. 
بينما في المقابل قال مسؤولون سعوديون إنهم لا يستطيعون أيضاً التعليق على أمر الانسحاب. 
وقال المسؤولون إن تلك الخطوة قد صعدت بعض المخاوف من الولايات المتحدة والشركاء السعوديين من أن تتم صياغة هذا الانسحاب على أنه انتصار للمتمردين الحوثيين وداعميهم الإيرانيين. 
وليس من الواضح كيف ستستجيب السعودية أو قيادة التحالف السعودي لخطوات وتحركات الإمارات. فقد كانت الإمارات أهم حليف للرياض في التحالف، بانضمامها إلى حملات القصف الجوية في اليمن وجمع المعلومات المخابراتية وتنفيذ بعض العمليات العسكرية وتقديم الدعم الأساسي للقوات اليمنية التي تقاتل الحوثيين. 
وقد خلقت الخلافات بين كلا الدولتين الخليجيتين الشروخ والتصدعات في استراتيجيتهما في اليمن. قال المتخصص في شؤون اليمن مع مجموعة الأزمات الدولية –وهي مجموعة غير نفعية تركز على السياسة العامة- بيتر ساليسبيري، إن تلك الخطوات العسكرية هي إشارة واضحة من الإماراتيين الذين يريدون التركيز على الدبلوماسية وإبعاد أنفسهم عن حرب غير مستحبة شعبياً. 
وقال: "لا شك أنها تضيف طبقة جديدة من التعقيد، هذه الطبقات تكشف عن بعض الانقسامات بين بعض الجماعات المناهضة للحوثي". 
كانت الإمارات تحاول تقليل دورها العسكري في اليمن منذ أكثر من سنة، وهي رغبة قد زادت الآن كون القتال قد أضعف مكانة الدولة في واشنطن. 
وبينما تنظر إدارة ترامب للسعودية والإمارات كحلفاء رئيسيين في القتال ضد إيران، يرى بعض المشرعين في الكونغرس الدول الخليجية كمهندسين لخطة الحرب الفاشلة في اليمن. 
وكان قد قتل أكثر من 90,000 شخص في الصراع اليمني، وفقاً لموقع الصراع المسلح ومشروع بيانات الحدث. وقد وجدت هذه المجموعة أن حملات الغارات الجوية التي تقودها السعودية قد قتلت أكثر من 8,000 مدني، وهو رقم قياسي أثار مخاوف كبيرة في واشنطن، إضافة إلى أن الكوليرا والمجاعة هما من المخاطر الكبيرة في اليمن. 
أعرب التحالف الذي تقوده السعودية عن ندمه على بعض الضربات التي قتل فيها المدنيون، وقال إنه قد اتخذ خطوات لمحاولة تجنب تلك الضربات. لكن المسؤولين الإماراتيين قلقون بشكل تصاعدي بشأن التأثير الذي أحدثته الحرب على نفوذ الدولة وسمعتها في واشنطن. 
في أبريل اجتمع الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس لتمرير مشروع قرار يدعو الولايات المتحدة إلى تقليل دعمها العسكري المحدود للحملات العسكرية التابعة للتحالف في اليمن، بما فيها المعلومات الاستخباراتية والاستشارة في كيفية شن الضربات. ونقض السيد ترامب ذلك الإجراء، الأمر الذي فشل الكونغرس في تفاديه. ويحاول المشرعون الآن إحباط محاولات إدارة ترامب لمواصلة تمرير مبيعات الأسلحة التي تقدر بالمليارات إلى السعودية والإمارات. 
وقد توسطت الأمم المتحدة في صفقة هشة لاحتواء القتال في اليمن، إلا أن الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع تواجه حواجز أكبر. ولم يتفق المفاوضون بعد على الخطوات التالية في الصفقة، وهنالك عدم رضا واسع من قبل عبدربه منصور هادي، الرئيس اليمني المنفي من العاصمة صنعاء من قبل الحوثيين، في 2015. 
وفي الأثناء، اتهمت حكومة هادي الأمم المتحدة بالانحياز للحوثيين في الحديدة. وقد عمل مسؤولون أمميون بشراسة في السنة الماضية لتفادي هجوم تدعمه الإمارات على الحديدة عبر التوسط لاتفاق سلام في ستوكهولم. 
وبموجب الاتفاقية وافق الحوثيون على التنازل عن القيادة للقوات المحلية المتفق عليها من قبل الطرفين؛ خطوة رئيسية خففت المخاوف من أن تحاول الإمارات السيطرة على الحديدة. كما سحبت الإمارات الدعم من قواتها وأسلحتها الثقيلة بما فيها الدبابات من بعض القوات العسكرية التي تدعمها، وفقاً لمسؤولين من المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو عبارة عن جماعة سياسية انفصالية في جنوب اليمن، مدعومة من الإمارات. 


* صحيفة "وول ستريت جورنال"
2 يوليو 2019