ترجمة:  محمد ابراهيم زبيبة -

سيجرد نيوباور 

القوات السعودية
اعتبارًا من مارس 2019، تم إرسال لواءين يتألفان من 2500 جندي سعودي إلى المهرة، لكن عدد القوات التي تصل يوميًا في ازدياد. وبالإضافة إلى القوات السعودية المتمركزة في المهرة، تم نشر القوات التالية:
• خفر السواحل اليمني، الذي يتكون في حقيقته من مقاتلي ميليشيات خارجة على الدولة اليمنية، ويتألف الآن من 1300 فرد.
• قوات خاصة –أيضاً مقاتلي مليشيات خارجة على الدولة اليمنية– بعدد 1500 جندي.
• عدد من مقاتلي القاعدة الذين وصلوا إلى المهرة بعد اتفاق مع الإمارات في حضرموت في عام 2017، بينما جاء آخرون من أبين (الملاذ الآمن للقاعدة).
كما سعت الإمارات إلى جلب الميليشيات المرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي إلى المهرة، وهو كيان تدعمه أبوظبي يهدف إلى إقامة دولة جنوبية مستقلة.
إن التوتر المتزايد في المهرة ناتج عن مخاوف من إغلاق السعودية للمعابر الحدودية الوحيدة إلى عمان، والتي تمثل حاليًا نقاط الخروج الوحيدة لليمنيين الجرحى للحصول على العلاج الطبي في مستشفى السلطان قابوس في صلالة (لا توجد مستشفيات في المهرة). ومما زاد هذه المخاوف حقيقة أن السعوديين أغلقوا معبر صرفيت الحدودي أمام التجارة وفتحوه فقط لعبور الناس. ويرى السكان المحليون أن المعبر الحدودي قد تم إغلاقه لإجبارهم على الاعتماد على السعوديين في التجارة والسلع الأساسية.
و يخشى السكان المحليون, إضافة إلى التوترات الحالية بين السعودية وسلطنة عمان، من أن المعبرين الحدوديين قد تم إغلاقهما لغرض زيادة التوترات مع عمان، كجزء من مخطط أكبر لإجبار مسقط على التقيد بالأجندات الإقليمية للرياض وأبوظبي.

المتطرفون السلفيون
تعود التوترات الموجودة بين الرياض والحوثيين جزئيًا إلى وجود علاقة خلافية بينهما تمتد إلى الستينيات، عندما بدأت الرياض في منح إعانات سخية لمختلف الفصائل اليمنية، بدءًا من شيوخ القبائل إلى رجال الدين والزعماء السياسيين. واستفادت القبائل المقيمة على طول الحدود اليمنية السعودية بشكل خاص، في حين سعت الرياض إلى التأثير في الشؤون اليمنية من خلال دعم عدد من المؤسسات التعليمية الوهابية في جميع أنحاء البلد. ومع مرور الوقت، تزايد النفوذ السعودي وأصبحت مؤسساته الوهابية أقوى من قبل.
وقامت السعودية بإجلاء السلفيين من محافظة صعدة اليمنية –معقل الحوثيين– إلى المهرة. وتماما كما كان الوجود السلفي في صعدة يهدد الحوثيين وأسلوب حياتهم, كأداة للرياض لممارسة نفوذها ونشر الوهابية من خلال إنشاء معهد السلفية في مدينة دماج, يحدث هذا الآن مع المهرة وسكانها المحليين.
بعد احتجاج السكان المحليين على إعادة إنشاء معهد دماج في المهرة، توصل قائد التحالف السعودي إلى اتفاق في أبريل 2017 لنشر ما يقدر بنحو ألف سلفي –معظمهم مواطنون سعوديون وفرنسيون ونيجيريون– في جميع أنحاء مديريات المهرة التسع، وذلك لمنعهم من فتح معهدهم. ومع ذلك، فإن السلفيين يسيطرون الآن على ثلث مساجد المهرة البالغ عددها 314 مسجدًا، والتي يقومون عبرها بنشر أيديولوجيتهم.
ويشكل الوجود السلفي في المهرة أيضًا تهديدًا لمحافظة ظفار في سلطنة عمان، وهي معقل سني محافظ، حيث يخشى السكان المحليون من تأثير أيديولوجيتهم على جيل الشباب.
كل هذا وضع المهرة في مرحلة ما قبل الانفجار, وقد حذر مسؤول محلي من أن الاحتجاجات, التي كانت سلمية إلى حد الآن, قد تتحول إلى عنف.

سقطرى والحصار الاستراتيجي لسلطنة عمان
في أبريل 2018، سيطرت القوات الخاصة الإماراتية على البحر والمطارات في الجزيرة اليمنية النائية سقطرى. ولم يكن قرار أبوظبي السيطرة على سقطرى فقط من أجل تسهيل وصولها إلى شرق أفريقيا، حيث تقع الجزيرة قبالة ساحل أرض الصومال الذي استثمرت فيه الإمارات بشكل كبير في ميناء بربرة التجاري، بل أيضاً بغرض زعزعة استقرار عمان من خلال استراتيجية إماراتية لتطويق السلطنة.
وللتوضيح فإن الإمارات تعتزم تعزيز وجودها في اليمن لمدة طويلة. ويبدو أن محمد بن زايد يعتبر اليمن جزءاً أساسياً من استراتيجيته لإقامة نفوذ إماراتي أكبر في منطقة البحر الأحمر الممتدة إلى القرن الأفريقي. فمن شأن الهيمنة الإماراتية على شرق وجنوب اليمن إلى جانب الموانئ اليمنية في المكلا وعدن والمخا، وربما الحديدة، ضمان أن تتمكن الإمارات من تأسيس وجود قيادي والحفاظ عليه في ممرات الشحن الحيوية عبر الخليج العربي والبحر الأحمر.
إن لعبة القوة الحالية المستخدمة ضد عمان (محاولات الإمارات للتجسس والوجود العسكري السعودي على الحدود اليمنية العمانية) تدل على أن الهدف الاستراتيجي لدولة الإمارات هو الضغط على عمان أو حتى تحويلها إلى منصة كجزء من سعيها للسيطرة على شبه الجزيرة العربية ومنطقة شرق أفريقيا. إن حدوث ذلك مع استعداد السلطنة لحقبة ما بعد قابوس لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر والتوترات بين الأطراف العربية المشاركة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى اندلاع اقتتال بين الإمارات والسعودية كطرف وعمان كطرف آخر.

* "ذا ناشيونال انترست"
 5 مايو 2019