حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا -

الشاعر الذي يخلق في مجتمع متصوف بحب الله ورسوله، ومتوغل في اللغة والأدب والشعر، محظوظ جداً، كونه سيتشرب الحكمة والعلم، وسيكون أحد أرباب القصيدة المكتملة فكراً وروحاً.. هكذا انبعث أريج الشاعر النبيل عبدالعزيز عجلان، من كون يشع شعراً وتصوفاً، يقطر صلوات وتسابيح على النبي التهامي، استطاع أن يشق طريقه بثقة العظماء، يحمل النور الإبداعي باحثاً وعاشقاً ومرتوياً بخليط الإنسان التهامي البسيط بحياته، والعظيم بمكنونه وإنسانيته. ولأنه من الساحل الغربي الصلب، فقد وجه قصائده صوب العدوان، مناطحاً بأبياته كل الطامعين بأرض الحديدة الأبية والصامدة، وقد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها..كتب قصائد باليستية بامتياز، صفع بها كل المتآمرين على الوطن، ووضع حداً لمن كان يظن أن التهاميين ليسوا رجال حرب، وإنما مساكين وسلميون لدرجة كبيرة، وكتب نصوصاً نبوية روحانية تلامس عنان القلوب، وتجعل الأرواح أكثـر اخضراراً ومحبة وهياماً في طه وآله الطيبين الطاهرين. . من عمق الزيدية الجميلة جئنا بهذا الحوار الذي طغى عليه الأسلوب العميق جداً وفلسفة الشعراء الكبار..

منبر المقاومة الحرة
 أهلاً بك أستاذ عبدالعزيز في صحيفة (لا). 
أهلاً ومرحباً بك أخي أحمد وبصحيفتنا الغراء (لا)، التي تعتبر منبراً أدبياً وفكرياً للمقاومة الحرة ضد قوى التغول الامبريالي التي تبلور عداؤها لنا في العدوان الصهيوأمريكي الغاشم على بلادنا. 

 أولاً عرف القراء من يكون الشاعر عبدالعزيز عجلان؟
عبدالعزيز عجلان (هو في ذمة البلاد مواطن)، حسب تعبير شاعرنا الكبير إسماعيل مخاوي.. شاعر يمني بسيط من أبناء تهامة الأبية، يحب الناس كل الناس، ويرفض الخنوع والظلم مهما تبدلت وجوههما، وتحت أي مسمى كانا. 

ولع وعشق مفاجئ
 كيف كانت بدايتك مع الشعر؟
كانت البدايات منذ طفولتي في مدينة الزيدية مسقط رأسي، كشعور مفاجئ، حين تولع بالشعر وتعشقه حد الجنون، ثم تتفاجأ ذات مساء أن هذا النهر المقدس ينساب من بين خلجاتك إلى أناملك على سطور ورقة مندهشة حتى هي أيضاً بتلك اللحظة... ثم بعد ذلك واصلت انهماكي على القراءات الأدبية والثقافية لكل ما توفر بين يديّ من نوافذ الاطلاع وفق إمكانيات مكتبة بيتنا ومنارات التنوير الثقافي المتواضعة في مدينتي.

 من الذي اكتشف موهبتك الشعرية؟
مكتشف موهبتي وصيقلها هو أستاذي طيب الذكر الأستاذ والفقيه العلامة محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز القديمي، الذي تعلمت على يديه أبجديات الكتابة الأدبية.

لن أعيش في جلباب الآخرين
 من هو قدوتك الشعرية في هذه المرحلة؟
ربما أكون مغرماً بقراءة العديد من نتاجات بعض أساتذتي الشعراء الآن، ولكن أريد أن أكون أنا، وأرفض أن أعيش في جلباب الآخرين. 

إلى من تدين في تطوير وصقل الشعر داخلك حتى بلغت هذا المستوى؟
 العديد من أساتذتي الكتاب والمبدعين، وهم أستاذي سالف الذكر محمد القديمي، ود. علاء المعاضيدي، وعلوان الجيلاني، ود. أحمد القديمي، وربيع ردمان، وغيرهم كثير... فقد ألزمت نفسي بالاستفادة إبداعياً وثقافياً من كل من رافقتهم أو صادقتهم من الشعراء والمبدعين والكتاب الكبار.

صلوات في مقام الصوفية
 متى كانت أول قصيدة كتبتها في حب النبي صلى الله عليه وعلى آله؟
لا أتذكر متى بالضبط، فقد نشأت في بيئة دينية صوفية علمية، والحمد لله علمتني محبته والتغزل فيه كفرض أساس لاكتمال تجربتي الشعرية، وصلوات لابد أن نؤديها في مقامات العشق الصوفي للحبيب المصطفى دونما طلب أو تكليف من أحد. 

مجموعتان شعريتان إلكترونيتان
 مشوارك الصوفي كبير وملموس وإن كان غير مشهور على الساحة.. لماذا لم تطبع نصوصك الصوفية بديوان واحد؟
بالنسبة لقولك إن مشواري الصوفي كبير، فهذه مجاملة طيبة منك أخي الحبيب والمحب لنا، فمشواري في الشعر الصوفي مشوارٌ متواضع جداً قياساً إلى شعراء كبار مجايلين لي سواء كانوا زملاء أو أساتذة لي، ومنهم شاعر تهامة الكبير إسماعيل مخاوي أو الشاعر الكبير علوان مهدي الجيلاني وغيرهما كثير... وتأثري بالأدب الصوفي وأفكار المتصوفة ليس إلا انتماء لهذا المنحى الإبداعي العظيم الذي هو أنفاس تهامة التي تتنفسها في كل طرفة عين، باعثة إياها لكل محبوب ومعشوق مهما كانت خلجات العاشق، وكان لون حروفه أو جوهر عشقه... وبالنسبة لطباعة المجموعات فأنا أعترف بتقصيري في ذلك، فقد أعددت مجموعتين شعريتين كنسخ إلكترونية، ولم أصدرهما ورقياً للآن لظروف خاصة، وهما (وحدي كأجمل جرح)، وهي مجموعتي الأولى التي تتسم قصائدها بروح صوفية، وتنتمي للأدب الصوفي معنى ومبنى، وهي من الشعر البيتي المحافظ على عمود الشعر، وهناك مجموعة أخرى من شعر التفعيلة بعنوان (ميراث الغربة)، وهي أميل للقصيدة الحديثة مهما حافظت على الوزن الشعري، وكذلك لا تخلو من حضور ميراثنا الأدبي الصوفي وتأثيراته وإشراقاته وتعالقاته مع كل ما أكتب. وهناك مجاميع شعرية أخرى بانتظار إعدادها للطباعة في إصدارات متعددة. 

العاقبة للمتقين
 ما هو تأثير العدوان على نصوصك؟
أخي الحبيب والمقاوم العتيد... العدوان يزيدنا صلابة وتوهجاً في الإبداع، ويشعل روح المقاومة فينا بشكل أكبر، فمهما تكسرت أحلامنا وأشياؤنا البريئة أمام همجيته، لكنه جعل من أحرفنا سلاحاً لا يغفو أبداً، وصار صوتنا ومظلوميتنا أعلى وأعظم وأصدق من كل غوغاء عوالمه الزائفة، لأنه صوت الحق، وهو الصوت الموعود من الله بالانتصار مهما طالت جولة البغي وصولته، فالعاقبة للمتقين. 

 هل أنت حاضر في الساحة الشعرية التهامية ضد العدوان؟ 
نعم ولله الحمد والمنة، ولا منة لنا في ذلك... فهذا واجب علينا أن نكون أوفياء مع وطننا الحبيب. 

لا أحفظ قصائدي 
 في مشوارك الشعري، ما هو الموقف المحرج الذي لن تنساه أبداً؟
هناك كثير من المواقف المحرجة التي أحتفظ بها لنفسي، ولكن أذكر هنا أهمها، وهو الإحراج الذي يلازمني في كل المجالس الأدبية، وهو أنني أحفظ والحمد لله لكثير من الشعراء، وأحب الاستشهاد بشعرهم، وأداء بعض قصائدهم بشكل متواصل، وفي الوقت نفسه عندما يطلبون مني قراءة ولو قصيدة واحدة لي، يتفاجؤون أنني لا أحفظ شيئاً لنفسي! 

 كيف تفسر هروب الشعراء من الواجهة رغم امتلاكهم القوة البلاغية والإبداعية؟
ألخص لك إجابتي بقول الشاعر العراقي الكبير عبدالرزاق عبدالواحد: 
إني أجلُّ بني عمي مكابرةً 
أقول، حتى على من خان، لم يخُنِ 

بضاعة مزجاة لا ترقى للمنافسة
احكِ لنا عن أعمالك ومشاركاتك بشكل عام؟
أعمالي متواضعة جداً، ومشاركاتي في فعاليات المشهد الثقافي بسيطة وقليلة جداً، فهو مشهد زاخر بالإبداع المدهش، وليس في يدي إلا بضاعة مزجاة لا ترقى للمنافسة والاهتمام.. 

 هل شاركت في فعاليات المولد النبوي هذا العام؟
نعم شاركت ولله الحمد والمنة، ففعاليات المولد النبوي في تهامة بشكل عام، أشارك فيها منذ بداياتي أينما تسنت لي الفرصة، ومتى ما دُعيت إليها أو علمت بها في مكان ما.

المولد جزء من طقوسنا الدينية
 كيف تفسر تعلق المجتمع التهامي بإحياء مناسبة المولد النبوي بطريقة مستمرة منذ مئات السنين؟ 
يقول الشاعر الكبير إسماعيل مخاوي عن تهامة: 
هذي الروابي التي تهواك يا طه
يطالع الله في إنسانها اللهَ 
أرض تبات لرب العشق ساجدةً
مجنونها طيب المعنى وليلاها
أظن أن هذا النص لشاعرنا يلخص كل الإجابات على سؤالكم الكريم.. فمناسبة المولد الشريف هي جزء من طقوسنا الدينية التي نتقرب به لله عز وجل.

تفاؤل بالمستقبل
 ما هي نظرتك المستقبلية للمبدعين الشعراء؟
هناك من هو أحدُّ بصراً وأعمق رؤية وأفضل بصيرةً مني في تحديد النظرة لمستقبل المبدعين، وهم أقدر على الإجابة مني على سؤالك... ولكني متفائل، فالمبدعون ما داموا مع الله وهدفهم أسمى وقاماتهم شامخة لا تنحني لذل أو مهانة، وأرواحهم نقية مستبصره بهدي الله ومعتصمة بحبله الوثيق وعروته المتينة، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فقد بشرهم رب العالمين، فماذا عساي أن أقول؟!

 هل لديك قصائد صوفية ملحنة؟
بعض المقطوعات الإنشادية الصوفية أنشدها بعض المنشدين في موالد صوفية متعددة منذ سنوات سابقة، ولم يعد يحضرني منها الآن شيء.

 هل هناك سؤال نسيت أن أسألكه؟
لا أظن... وإذا كان هناك أسئلة أخرى فأنا على استعداد للإجابة عليها في أي حوارات قادمة، مادام في العمر سعة بإذنه تعالى.

شكر وتحية
هل لديك كلمة أخيرة تود قولها؟
نعم... هي كلمة شكر وامتنان لصوت المقاومة الحرة والشريفة النقية صحيفتنا الغراء (لا)، ولطاقمها الرائع المبدع رفاق النضال وعنوان الإباء، على رأسهم المبدع الرائع الأستاذ صلاح الدكاك، وكل طاقم هذا العمل المقاوم العظيم... والشكر موصول لك أنت أيضاً أخي المحاور المشاكس المحرج أحمد عطاء.. هذا أولاً. 
وثانياً تحية لكل المبدعين والشعراء المقاومين للعدوان زملائنا في مواجهة العدوان جميعاً في قطاع الشعراء والمنشدين، وعلى رأسهم أخي الشاعر الرائع رجل الإيثار وصاحب القلب العاشق المؤمن دينامو العمل الثقافي المقاوم للعدوان في قطاع الحديدة أخي الحبيب أسد باشا.. ومعه كل طاقم الإبداع والعمل المجابه للعدوان دونما استثناء.