علي نعمان المقطري / لا ميديا

جعل العدو الساحل ساحته الكبرى ساحة عدوانه والتفافاته، وعقد عليها آماله أكثر من أية جبهة أخرى، وركز أكثر قواته البرية المرتزقة هنا على ساحته مما يجعلها ساحة واعدة ومصيرية للطرفين اليمني والعدواني.
الجريمة التي ارتكبها العدو في الدريهمي بحق 20 طفلاً مع أمهاتهم وآبائهم، استهدفهم الطيران العدواني مباشرة خلال انتقالهم من المدينة إلى خارجها نزوحاً إلى مناطق أكثر أمناً، مع إدراكه نوعية الهدف، وهي جريمة تأتي ولم تبرد بعد جثامين العشرات من أطفال ضحيان صعدة الذين استهدفهم طيران العدوان قبل فترة بسيطة، وقتل وأصاب أكثر من 150 طفلاً.
وكانت الدريهمي تعرضت للحصار من كل جانب من بداية الشهر الفائت، وعانت عدة محاولات وزحوفات تكررت خلال الأسابيع الأخيرة، وتكبد فيها العدو خسائر كبيرة، وحاول العدوان أن يحتل مركز الدريهمي في ثلاثة زحوفات تعرض فيها لهزائم وخسائر متوالية، حيث تم تدمير ما مجموعه تقريباً 50 مدرعة وآلية، وقتل وجرح وأسر أكثر من ألف مرتزق من ألويته، كما وقع أكثر من لواء في الحصار خاصة لواء 103 الشهير الذي كان مصيره مأساوياً اعترف بها إعلام العدوان نفسه وخاصة (عدن الغد) وغيره.
وخلال أسابيع ثلاثة فقط شن العدو ثلاثة هجومات كبيرة بمعدل هجوم أسبوعي على مركز الدريهمي لاحتلاله، وحين اكتشف أخيراً انه لم يحتل بعد مراكز ومناطق الساحل الغربي الأقرب إلى غرب الساحل، حيث يتمركز ويتموضع، وكان قد أعلن أنه قد سيطر على الساحل كله وعلى مدينة الحديدة ومينائها ومطارها، واتضح أنه بعد 3 أعوام مازال يحبو ليتجاوز رمال الشاطئ الذي سيطر عليه بالخيانة واستلمه جاهزاً من المقاول عفاش وجنوده، وهو يحاول توسيع تلك المساحة من الشاطئ التي سرقها خلسة عبر عفاش وأولاده، توسيعها الى الداخل، لكن الفشل المتوالي كان هو المصير الذي يواجهه بعد كل محاولة أو هجوم. وجاء القتل البشع بالطيران لـ30 طفلاً خلال سفرهم على الطريق العام، ليكشف مدى الإحساس بالهزيمة واليأس من تعاون الأهالي مع الاحتلال والعدوان، ولأن كل احتلال يحرص على إرضاء الأهالي وعدم الإساءة المباشرة للمدنيين بهدف التأثير عليهم نفسياً ومعنوياً، فإن جريمة قتل الأطفال توضح مدى السقوط والانهيار المعنوي الذي وصل إليه العدوان، ومدى يأسه وانتحاره على الساحل.
هذه هي القوة التي تدعي أنها جاءت تنقذ المدنيين من الجيش اليمني واللجان، من يصدق هذا الهراء الفاسق القبيح الماجن الدموي، كم من الآلاف يفقدونهم كل يوم بعد أن كانوا مضللين لبعض الوقت نتيجة الدعاية والتزوير والكذب الذي درجوا عليه، ونتيجة الإغواء الذي يمارسونه من فوق المنابر والمنصات والقنوات، أليس هذ العمل الإجرامي البشع هو أخطر إعلام مضاد يقف ضدهم، وأكبر شاهد على دناءتهم ووحشيتهم وكذبهم واحتقارهم للمقدسات والقيم والمبادئ والتعاليم الأخلاقية والدينية التي يدعي أسيادهم أنهم خدامها زيفاً وتزلفاً؟ إن الفعل الميداني الذي يشاهده الناس بأم أعينهم هو أفضل دعاية ضد العدوان وأشد أعدائه، وهذا ليس غريباً، بل الغريب هو ألا يكونوا كذلك لأنهم قوم لا علاقة لهم بالدين ولا بالحق ولا بالقيم.

الدريهمي تستعصي على الغزاة 
في شهر أغسطس الفائت، وبعد أن أخفقت محاولاته الهجومية في مناطق التحيتا، فإن العدوان شن هجومات جديدة من مناطق شمال الدريهمي وفي مناطق النخيلة انطلاقاً من عدة اتجاهات، وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية تم شن ثلاثة هجومات أخفقت جميعها في تحقيق أي تقدم لفك الحصار عن الألوية المحاصرة، كان هجوم يوم 2 أغسطس الفائت، وتكبد خلاله خسائر كبيرة بعد أن حاول مهاجمة مركز الدريهمي، وتكبد عشرات القتلى والجرحى وعشرات المدرعات والآليات، وفي 14 أغسطس شن العدو محاولة هجومية جديدة في شمال الدريهمي وغربها للتقدم نحو مداخل الدريهمي، غير أنه تكبد خسائر كبيرة. 
ثم شن في 18 أغسطس هجوماً كبيراً على الدريهمي من عدة محاور، وواجه مقاومة واسعة أوقعته في كمائن وفخاخ أودت بحياة المئات من جنوده ومرتزقته ودمرت عدداً من آلياته، حيث قتل وجرح أكثر من 500 مرتزق، وتم أسر أكثر من 60 آخرين، وشكل انكسار العدو في محيط الدريهمي نكسة جديدة له. 
بعد أن فشل العدو وتحطمت هجماته السابقة على مداخل الدريهمي لأن الشعب يقاتل العدو من كل نافذة وشارع، من كل مكان تأتي رصاص المقاومة الوطنية الحرة الشعبية من جنود ومن مدنيين وشباب ومتطوعين ومن أطفال ومن النساء حتى بعد أن أدركن مدى بشاعة العدوان مما رأته أعينهن من اغتصابات وخطف وإهانات وإذلال للكرامة الإنسانية من قبل هؤلاء الأدعياء واللقطاء القادمين من مواخير أنظمة الوصاية الدولية، لأن الشعب كان كذلك، ولم يعد العدو يثق أن قيادته يمكنها كسب وإقناع الشعب لتأييد احتلاله لبلده والخروج لاستقبال الغزاة بالورود والزغاريد والترحيب، لأن العدوان تعرى وانكشف وظهر على حقيقته، والذين لم تقنعهم طروحات الجيش اليمني واللجان فإن تصرفات العدو البشعة كفيلة بأن تعلمهم بأكثر مما سمعوه من الآخرين، وهذه هي مكاسب الشعب الوطني المقاوم، لأنه على حق وصاحب حق وعدل، فإن الله تعالى يقيض له من عدوه من يخدم قضيته. 
إن العدو الآن بعد أن يئس من إغواء الأهالي لمساعدته، فإنه قرر أن ينتقم منهم على هزائمه، ويسرع من هزيمته الكبرى، كما يفضح العدوان وبشاعته حقيقة مجالس النهب الدولية ومافياتها ويجعلها ساقطة آلاف المرات في عيون العالم، ويفتح عيون الشعوب الفقيرة المقهورة على حقيقتها وعلى قدراتها الكامنة في التمرد والثورة والخروج على الظلم والجبروت والتحرر في عقر دار الإمبريالية نفسها وفي مراكزها.