زياراته الميدانية لها ولقاءاته المكثفة مع قياداتها ووجهائها قبل اغتياله أفشلت مخطط أمريكا لاحتلالها
ملحمة الساحل الغربي: روح المحارب لم تبرح المعركة


شايف العين / لا ميديا

رؤساء وقادة الشعوب يمثلون رأس هرم إدارة البلد في السلم والحرب، غير أن من النادر أن نجد رئيساً شديد القرب 
من شعبه يسمع من المواطنين احتياجاتهم ليلبيها ومعاناتهم ليعمل على تخفيفها والأشياء التي تخيفهم وتقلق أمنهم ليطمئنهم ويؤمنهم.
مثل هذه الشخصية القيادية وجدها الشعب اليمني في رئيسه الشهيد صالح علي الصماد، الذي بذل روحه فداء للشعب في سبيل الدفاع عن سيادته وعزته وكرامته ضد تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته.
 واستحوذت محافظة الحديدة وأبناؤها على جزء كبير من اهتمام الرئيس الشهيد، ظهر ذلك من خلال الزيارات العديدة التي كان يقوم بها إلى الحديدة، ولقاءاته المكثفة في صنعاء مع وجهائها، كون خطر الغزاة ومرتزقتهم يحدق بها.

ثلاث وعشرون زيارة ولقاء 
أجرى الرئيس الشهيد صالح الصماد، منذ توليه الرئاسة في 6 أغسطس 2016 وحتى استشهاده في 19 أبريل 2018، جملة من الزيارات لمحافظة الحديدة، إضافة إلى لقاءات عقدها في صنعاء مع قياداتها ووجهائها، بلغ عددها وفقا لإحصائية جمعتها (لا) من الأرشيف 23 زيارة ولقاء، ما يبرهن على أن العلاقة الحميمة بين الشهيد والمحافظة وأبنائها وطيدة وتحول دون بلوغ الخطر إليها، لذلك وضع العدو، الذي خطط لغزو الحديدة، والمتمثل في أمريكا، اغتيال الرئيس الصماد ضمن أولويات نجاح مخططاته.
وكانت أول زيارة يقوم بها الرئيس الشهيد صالح الصماد إلى المحافظة في 7 يناير 2017، زار خلالها، مع عدد من مسؤولي الدولة العسكريين والمدنيين، ميناء الحديدة، واطلع على المشاكل التي تعيق تشغيله، فعالجها ودشن استئناف العمل فيه الذي توقف بفعل غارات طيران العدوان. فيما كان أول لقاء عقده مع قيادات المحافظة في 27 أكتوبر 2016، وبحضور وكيل أول محافظة الحديدة محمد عياش قحيم، وعدد من القيادات المحلية.

زيارات أعدت للمعركة
قام الرئيس الشهيد صالح الصماد بزيارات كثيرة إلى عروس البحر الأحمر، جميعها كانت مهمة، في ظل أطماع تحالف العدوان ومرتزقته في غزوها واحتلالها، فقد أدرك الرئيس الشهيد في وقت مبكر تلك المؤامرة والمخطط المستهدف لها وحجم الاستعدادات التي يجهزها تحالف العدوان على رأسه أمريكا لذلك.
ففي مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة (الميادين) في 15 يناير 2017 بعد عودته من أول زيارة له إلى الحديدة، واستفسرته فيها عن سبب زيارته تلك، قال الرئيس الشهيد ضمن ما قال: (لن يستطيع تحالف العدوان ومرتزقته أن يكون لهم قواعد في البر وخلايا داخلية في عمق محافظة الحديدة. هناك استعدادات قوية وترتيبات رائعة جداً، ومن قبل الإخوة في البحرية، وكذلك المنطقة الخامسة على أتم الجهوزية لمواجهة أي احتمالات، وقد جربوا.. هم كلما حاولوا أن يضغطوا في مكان عسى أن يكون رخواً أو سهلاً.. فوجئوا بصمود قل نظيره).
وهذا يدل على أن الرئيس الشهيد بدأ قبل عام وشهرين من استشهاده بالإعداد لمعركة الدفاع عن الحديدة، من خلال تكثيف الزيارات إلى المحافظة، والتي كان من أبرزها:
• 14 يوليو 2017 زيارة جزيرة كمران لتفقد أحوال مواطني الجزيرة والاستماع لمعاناتهم جراء استهداف طيران العدوان بشكل دائم لها.
• 4 نوفمبر 2017 حضور حفل تخرج كتائب من وحدات المنطقة العسكرية الخامسة.
• 6 نوفمبر حضور حفل تخرج دفعة الصرخة بالمنطقة العسكرية الخامسة، وافتتاح معرض الصواريخ البحرية الذي رفع فيه الستار عن منظومة (المندب 1) البحرية. 
 • 7 نوفمبر 2017 حضور حفلي تخرج دفعة القوات الخاصة بالمنطقة العسكرية الخامسة ومجموعة من ضباط ومساعدي أركان التوجيه المعنوي.
• 26 فبراير 2018 حضور حفل تخرج دفعة الشهيد اللواء طه حسن إسماعيل المداني من قوات الأمن المركزي، وقال فيه مخاطباً المتخرجين عبارته الخالدة: (نزلنا إلى تهامة لنسلم على أبنائها ونحضر حفل تخرج هذه الدفعة وأبينا إلا أن نكون معكم وفي أوساطكم، فليست دماؤنا أغلى من دمائكم ودماء زملائكم في مختلف الجبهات).
• 19 أبريل 2018 ترأس لقاءً موسعاً بقيادة المحافظة ومشائخها ووجهائها. وهذا اللقاء كان الأخير للرئيس قبل استشهاده، وفيه تحدث لأبناء الحديدة رداً على ما قاله السفير الأمريكي بأن أبناء الحديدة سيستقبلونه بالورود، قائلاً: (نريد من أبناء الحديدة أن يوجهوا رسالة للسفير الأمريكي أننا سنستقبله على خناجر البنادق في مسيرة عارمة يعرف الأمريكي كيف سنستقبله)، داعياً إياهم للخروج في مسيرة البنادق.
إن تحركات الشهيد الصماد نحو الحديدة كانت موجعة للأمريكان، الذين شعروا بقدرته على إفشال مخططهم للسيطرة عليها، فقد رتب صف أبناء تهامة وأبرز الحاضنة الاجتماعية في منطقتهم للقوى الوطنية والتي ترفض أي هجوم على الحديدة وتتوعد قوى الغزو والاحتلال بأنها ستلتهم بوارجهم وأساطيلهم، ومثلت زياراته جداراً صلباً أجبر دول تحالف العدوان على إعادة النظر في خططها في ظل وجود قادة مثله، فعملت على اغتياله داخل المحافظة ذاتها.

جريمة أمريكية لتسهيل احتلال الحديدة
حملت جريمة اغتيال الرئيس صالح الصماد في ظهر يوم 19 أبريل الماضي بصمات أمريكية واضحة، بدءاً من اختيار مكان الجريمة وليس انتهاء بالسلاح المستخدم في تنفيذها، لتسهيل العملية الأكبر لتحالف العدوان بقيادة أمريكا وهي احتلال الحديدة والسيطرة على مينائها. وقد قالت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية إن مقتل الصماد كان جزءاً من هجوم التحالف بقيادة السعودية على الحديدة.
لقد أكد الرئيس الشهيد في خطاباته التي سبقت استشهاده أن أمريكا هي التي تتبنى معركة احتلال الحديدة، فكان تحركه في الحديدة لإفشال مساعيها، ونجح بالفعل في ذلك، ما دفعها لاغتياله كي يصفو لها الجو.
كما أن الإدارة الأمريكية، بحسب محللين، اختارت مدينة الحديدة مكاناً لتنفيذ جريمة الاغتيال، لتؤثر على العلاقة الوطيدة للرئيس بالمحافظة وأبنائها وتهدم ما بناه طيلة فترة توليه رئاسة البلد، يساندها في ذلك التوقيت الذي اختارته للتنفيذ، والذي أعقب خطاباً للشهيد ألقاه أمام قيادات المحافظة في يوم استشهاده.
وفيما يخص السلاح المستخدم في الجريمة فقد أكد عسكريون أنه طائرة أمريكية طراز (إم كيو 9) وهي طائرة من دون طيار تنفذ عمليات استطلاعية وهجومية، في الوقت نفسه تحمل صواريخ من نوع (هلفاير) وهي أحدث الأسلحة الأمريكية. وكانت دفاعات الجو للجيش واللجان الشعبية في محافظة الحديدة قد أسقطت طائرة (إم كيو 9) قبل يوم من تمكن الأخرى من اغتيال الرئيس صالح الصماد.
ورغم الخسارة التي لحقت بالشعب والبلد باستشهاد الرئيس صالح الصماد، فقد تأكدت أهمية المتابعة الكبيرة والخاصة والدقيقة التي كان يخصصها الرئيس الشهيد لمعركة الحديدة، وإسهاماته في وضع الخطط العسكرية وآلية تنفيذها، ولإدراكه أهميتها أولاها الاهتمام الكبير، ووضعها على رأس قائمة الأولويات، وحرص على حضوره الشخصي المتكرر إلى جبهة الساحل الغربي، حتى لو تطلب الأمر أن يسقط شهيداً.
ومنذ يوم استشهاده حتى اليوم ظهرت ثمار ذلك الاهتمام بدءا من مسيرة البنادق التي شهدتها مدينة الحديدة وخرج فيها أبناؤها حاملين بنادقهم معلنين الأخذ بالثأر ممن اغتال رئيسهم، وصولاً إلى الصمود الأسطوري اليوم والاستبسال في معارك الدفاع عن الحديدة. فضداً لما سعت من أجله أمريكا وتحالف عدوانها، أدى استشهاد الرئيس صالح الصماد إلى زخم وهبة شعبية من أبناء الحديدة وقبائل اليمن للمشاركة في المعركة القائمة في الحديدة، يقودهم فيها الرئيس الصماد رغم استشهاده، مؤكدين للغزاة ومرتزقتهم أن جيوشهم وعتادهم وغدرهم لن يتمكن من الروابط التي تجمع الرئيس صالح الصماد بعروس البحر الأحمر وأبنائها.