التقيت بالفنان المبدع عبدالله حواتي في صنعاء القديمة، استقبلني بطريقة عفوية طبيعية تنساب بساطة وحميمية.
إنه فنان مختلف ومتفرد بأدائه الفني، فأعماله الغنائية الوطنية والعاطفية وفرت له قاعدة شعبية كبيرة.
لم يظل صامتاً عما يتعرض له البلد من عدوان، بل ظل صوتاً شاحذاً للعزائم من خلال أغانيه، ولا ينكر ذلك إلا إنسان ميت أو عديم إحساس.
إنه الفنان الوحيد الذي يختار موضوعات يتغنى بها، موضوعات تمس واقعنا، وتتحدث عن همومنا ومشاكلنا الحقيقية، موضوعات تخالط أفراحنا وأحزاننا، موضوعات تربطنا بواقعنا ولا تسبح بنا في الخيال، وهذه الموضوعات كثيرة وتستحق العناية، وخصوصاً أعماله الفذَّة في مواجهة العدوان السعودي.
هناك فنانون لهم أغانٍ كثيرة، ولكنها كفقاعات الصابون ترتفع في السماء، لكنها سرعان ما تنفجر وتختفي عن الأنظار، أما أغاني الفنان عبدالله حواتي فستبقى حاضرة، وسيكتب لها الديمومة والخلود.
إنه شخصية إنسانية وإبداعية ووطنية بامتياز.
القدامى هم الأفضل
ـ من هو الفنان الحقيقي؟
هو الذي يمتلك رؤية، فالرسام الحقيقي مثلاً تعرفه من خلال لوحاته المكتملة. مثلاً إذا تحدثنا عن الفنان علي الآنسي أو عن أيوب طارش عندما نتكلم عن الحب فهو موجود بكيان أيوب طارش وبكيان علي الآنسي، لأنهما يغنيان بأحاسيسهما. فالغناء هو هبة من الله، والفنانون القدامى كانوا الأفضل والأصيل.

ـ ما هي الأسماء التي تستوقفك في مجال الغناء؟
تستوقفني من الأسماء اليمنية الفنان علي الآنسي وأحمد عبيد القعطبي وعبدالقادر بامخرمة وصالح العنتري وأبو نصار، وعربياً يستوقفني وديع الصافي وفريد الأطرش.

الثقافة غير مهتمة
ـ أنت أحد الفنانين المبدعين الذين لهم دور في تجديد الأغنية التراثية في الوقت الذي نرى البعض من الفنانين الشباب لا يهتمون بالتراث اليمني، برأيك أين يكمن الخلل؟
الخلل أولاً في الجهات المعنية، والتي تسمح بصعود الفنانين الماديين الذين يبحثون عن المال، وليس عيباً أن يغني الفنان لكي يكتسب المال ويستفيد، ولكن ليس كل الفنانين ماديين، ووزارة الثقافة ليست مهتمة بالفنانين.

لسنا تابعين لأحد
ـ ماذا تعني لك أغنية (طريق العز ما فيه اختلاف)؟
طبعاً يا عزيزي للأمانة أمام الله وللأمانة الفنية أنا قرأت بيتين في الواتس آب وتأثرت بهما:
الكف فوق الكف 
نتكاتف لتحقيق الهدف
مهما الثمن كلف
طريق العز ما فيه اختلاف
والصف جنب الصف 
يجمعنا الوسط حتى الطرف
تحت التراب أشرف
ولا نبقى على الدنيا ضعاف
طبعاً عندي خلفية في الشعر القبلي لأنه يأتي بشكل حكم، ومعانيه تكون لاذعة وقوية، وبعدها قمت بإكمال القصيدة.
وهي تعني لي وطناً وكرامة وطن وحرية وطن.. نحن لسنا تابعين لأحد، ولن نكون تابعين للخليج، ولا نقبل أن نكون تابعين لإيران، فنحن خلقنا الله أمة مستقلة لنا كياننا ولنا تفكيرنا ولنا حريتنا.

طغيان الزامل
ـ لك العديد من الأغاني الوطنية ضد العدوان السعودي، والتي كان لها دور كبير في رفد الجبهات، لو نقف معك ومعها في بعض التفاصيل؟
كتبت ما يقارب 55 قصيدة عن العدوان، وقد لحنت منها ما يقارب 20 قصيدة، ورأيت أن ثقافة الزامل طاغية، ولا أحد يهتم بالأغنية الوطنية، وأنا أغني هذه الأغاني في الحفلات، وأول قصيدة كتبتها في العدوان:
قل للذي في المملكة
أو في الإمارات أو قطر
شعب اليمن خاض معركة
يموت وإلا ينتصر
من آل سعود المشركة
بالله والدين الأغر
لأنتو طيور متحركة
فإحنا أسود في كل بر
من دمره من فككه
من غيركم يا أرذل بشر
نقسم يمين لانفتكه
جيش التحالف لو ظهر
حق اليمن ما نتركه
مهما الزمن طال أو قصر
لا بد يوم للمملكة
تنهار ولو طال السفر.

أسباب ضياع الأغنية
ـ هناك تعبير يتكرر في الصحافة الفنية يقول إن المستمع اليوم يستمع للأغنية بعينيه، فأين مكان الأغنية التي يستمع لها المتلقي بأذنه وفؤاده؟
نحن نعاني من شح الكلمة، وبالذات الكلمة الغنائية، وأنت تلاحظ أن هناك شعراء بارعين سواء في الشعر الشعبي أو الفصيح، لكن الشعر الغنائي تجد فيه صعوبة، والشعراء الغنائيون هم قلة مثل الشاعر عبدالجليل قعطاب والشاعر عبدالحق الشرفي، أما الكثير من الشعراء فإنهم يكتبون كلمات هابطة، وكان السبب الرئيسي في هبوط الأغنية.
والسبب الثاني هو الاختلاط والإقبال على صنعاء من الريف، وعندما أذهب لإحياء الحفلات البعض يقول نشتي نسمع الأغنية حق أيوب طارش، والبعض يقول نريد نسمع أغنية للآنسي، وأنا هنا لا أستطيع أن أغني ما أريد، فالاختلاط الثقافي هو السبب في ضياع الأغنية وثقافتها وقوتها. والسبب الثالث هو الثقافة عند الفنان، فهناك فرق بين الفنان والمغني، فالفنان صاحب رؤية لا يهمه النقد ولا يهمه الكلام ولا يهمه أحد، وهناك فنانون لم يشتهروا وكانوا مهضومين، لكن بعد رحيلهم اشتهروا كثيراً، أما المغني فلا يهمه إلا الحصول على الفلوس فقط.
انقطاع ثماني سنوات
ـ لو نعود بالذاكرة إلى البداية، كيف كانت؟
كانت بدايتي في 96، وغنيت ما يقارب سنة، طبعاً أبي هو فنان، وكذلك عمي وأخي عبدالرحمن وكذلك أخي عبدالإله، وبعدها توقفت 8 سنوات.

تشجيع والدي
ـ من شجعك من الفنانين؟
الذي شجعني كثيراً والدي، وهو أيضاً فنان كما ذكرت، وأبي حاصره أبوه وأمه من الغناء، فالمشجع الأول والأخير هو والدي، ووجدت حريتي وانطلقت من هذا المجال.

ـ بماذا يحلم الفنان عبدالله حواتي؟
أحلم بوطن كلنا فيه إخوة، لا أحزاب فيه ولا مذاهب.

لن أركع لصهيوني
ـ لنعد إلى الشعر، ما هي أول قصيدة كتبتها؟
أول قصيدة كتبتها في طفل فلسطيني وكان يرمي بحجارة دبابة، وكان عمري حينها 16 عاماً، فكتبت:
أنا يا أمة الإسلام
فتى الأرض الفلسطيني 
أنادي الناس والحكام
ولا أحد يناديني
يصيح القدس لا استسلام
ولن أركع لصهيوني
فطفلي بالحجر مقدام
يموت من أجل يفديني

ـ كلمة أخيرة..
الله يصلح البلاد والعباد.. وشكراً لك. 


طريق العز

ابن اليمن صنَّف
وألَّف شعر من ضيقه وصف
إن الرجال تعرف
بيوم المعركة والالتفاف
الكف فوق الكف
نتكاتف لتحقيق الهدف
مهما الثمن كلَّف
طريق العز ما فيه اختلاف
والصف جنب الصف
يجمعنا الوسط قبل الطرف
تحت التراب أشرف
ولا نبقى على الدنيا ضعاف
يا أبو عقال التف
تلفلف لك إذا عندك شرف
من قبل ما نزحف
ونجحزكم كما جحز الخراف
جيشك لطيف أهيف
مهفهف بالرهافة والترف
وجيشنا أعنف وأخلف
من جلاميد الجراف
فارحل بعيد والحف
لك اللاحق من السكة وخِفْ
من قبل نتلاحف
لراسك يا سعودي كاللحاف
لك طبع متخلف
وعقل أبلد مُزهمر بالخرف
ودين مطرف مجوف
فيه الإسلام كالغلاف
بالطايرة تقصف
وتنسف غدر بالليل مستخف
دار الكفيف يكفف
ويضعف من مصابين الكفاف
والله ما تهذف
ولا تفلت بجرمك يا خرف
فالشعب لقتلك متحلف 
بعد نزع الاعتراف
بعده عسير تهتف
لنجران قل لجيزان ترتصف
حان الرجوع للصف
لأرض اليمن والاصطفاف