تحت أنظار الأسطورة الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا الذي أدهش العالم في مونديال 1986 في ريعان شبابه والنجم البرازيلي السابق رونالدو الذي سمّي "الظاهرة" لما فعله بالكرة، كان منتخب شاب يدهش العالم. كانت "ظاهرة" في الكرة تولد لتوّها. نعم ما فعله منتخب ألمانيا الفتيّ في نهائي كأس القارات وفي البطولة ككل يرقى إلى ذلك. ما صنعه هؤلاء الشبان مدهش و"ظاهرة" لم تشهد لها الكرة مثيلاً قبلاً على مستوى المنتخبات.

لا أحد في العالم كان يتصوّر أن هذا المنتخب الذي كان قد اجتمع للمرة الأولى قبل حوالي عشرة أيام فقط من كأس القارات بإمكانه أن يصل إلى منصة التتويج في "المونديال الصغير". بإمكانه أن يصمد حتى الثاني من تموز/ يوليو تاريخ المباراة النهائية لبطولة حضر إليها الخصوم بكامل نجومهم على غرار كريستيانو رونالدو وبرناردو سيلفا وبيبي وغيرهم في البرتغال وأليكسيس سانشيز وأرتورو فيدال وإدواردو فارغاس وغيرهم في تشيلي وخافيير هرنانديز "تشيتشاريتو" ورافاييل ماركيز وغيرهما في المكسيك، إلا أن هؤلاء الشبان الذين كثر منهم لم يسمع العالم بأسمائهم صنعوا المستحيل وأثبتوا مرة جديدة أن المستحيل ليس ألماني كما يقال.

وبدلاً من أن يكون النجوم المذكورين يرفعون الكأس ويحصلون على الجوائز الفردية كان شبان ألمانيا على منصة التتويج وكان قائد "المانشافت" الشاب جوليان دراكسلر يحصل على جائزة أفضل لاعب ومهاجمه تيمو فيرنر على جائزة الهداف.

ما قدمه هذا المنتخب الألماني بالذات كبير جداً ويستحق أن يُدرَّس في كبرى الأكاديميات والمدارس الكروية وحتى أنه يوازي ما صنعه المنتخب الأساسي في مونديال 2014 وهذا ما كان واضحاً في احتفال المدرب (الفذّ) يواكيم لوف عند إطلاق صافرة نهاية مباراة أمس مقارنة بردة فعله الأولى عند التتويج بلقب كأس العالم، إذ إن "يوغي" يدرك جيداً عظيم ما تحقق مع لاعبين شبان يبدو المستقبل أمامهم لعشر سنوات على الأقل لحكم العالم. ففي حقيقة الأمر إن هذا المنتخب لم يستعد لمونديال روسيا 2018 فحسب بل لمونديال قطر 2022. ليس في الأمر مبالغة هنا. هذا هو الواقع، حيث قدّم الألمان درساً بأن حيوية وطموح الشباب يمكن أن يغلب الخبرة. وللدلالة أكثر على قوة هذا المنتخب يجدر التذكير بأن عدداً من لاعبيه شاركوا في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 في البرازيل وتمكنوا من الوصول إلى المباراة النهائية حيث أحرجوا "السيليساو" صاحب الأرض بوجود نجمه نيمار وموهوبه غابريال خيسوس وغيرهما وخسروا بركلات الترجيح 4-5.

هذا الأمر يقود إلى أن ما تحقق هو ثمرة عمل دؤوب وتخطيط وليس وليد لحظته أو ضرباً من ضروب التوفيق والحظ الذي ينتهي مع نهاية البطولة، بل إن لقب القارات ليس إلا البداية لحقبة قادمة من الإنجازات.

كثر من المدربين، حتى لا نقول كلهم، باتوا يحسدون لوف الآن الذي أصبح بين يديه مع المنتخب الأول ومنتخب دون 21 عاماً الذي أحرز كأس أوروبا قبل أيام أكثر من 50 لاعباً جاهزين على أعلى مستوى. لن يقلق لوف بعد الآن لإصابة هذا اللاعب أو تراجع مستوى ذاك. يمكنه أن ينام مرتاح البال حتى مونديال 2018.  

المصدر: الميادين نت حسن زين الدين