إنه الفنان الذي أصبح قريباً من نفسي، فنان جميل نقي، شفاف، أليف إلى آخر مفردات العذوبة.
يعتبر الفنان صادق الضباري من أعذب الأصوات الشبابية وأصفاها، استطاع أن يعزف تنويعات شتى من أنغامه، واستدعى جذوة التراث الكامنة، وأيقظ الحس العصري بألحان متدفقة كالنهر الهادر.
فإذا كان للنجم عناق أيدي مع سماء الليل، وإذا كان النهر في دفقاته يركض باتجاه الجزر والضفاف، وإذا كانت الشمس الباسمة لها وعد يومي مع النهار، فإن أغاني الفنان صادق الضباري تعانق إحساسنا وتلامس جوارحنا.
ألحانه كأنها وروداً تفوح أنفاسها في أحاسيسنا ومشاعرنا.
إنه ركن مهم في الصرح الشاهق للأغنية اليمنية، كما أنه فنان جامح الخيال، فياض المشاعر، تذهب أغانيه مباشرة إلى موطن الهوى، وصوته العذب أضفى على الأغنية جماليات كثيرة.
إنه شخصية إنسانية وفنية ووطنية بامتياز.
الفن يرتقي بالذوق
ـ من هو الفنان الحقيقي؟
الفنان هو الذي يملك موهبة، وهو الذي يتواصل مع الناس، ويتواصلون معه، الفنان هو الذي يعطي ما يساعد بالرقي وبالذوق العام، ويكون صاحب رسالة يستطيع أن يترجم مباهج الناس وهمومهم ومعاناتهم.

عشق الآنسي
ـ هل أنت أفضل من تغنى بأغاني الفنان الراحل علي الآنسي؟
لا.

ـ لكن قماشة صوتك قريبة من صوت الفنان علي الآنسي، هل توافقني الرأي؟
من حبي وعشقي لفن الأستاذ الراحل علي الآنسي، غنيت أغانيه، لأنه مدرسة ليس لها مثيل.

ـ ماذا تعني لك أغنية (يا عبدربه لعن أبوه من وردك)؟
تعني لي الصدق والمصداقية.

علامة ضعف
ـ الكثير من الملحنين اليمنيين يقومون بتلحين الأغنية من مقام واحد دون تعدد في المقامات، برأيك لماذا؟
هذا يعتبر ضعفاً بالنسبة للملحن اليمني، لأنه ليس لديه الاطلاع على المقامات، فالأغنية يفترض أن تكون من 3 مقامات.

مقبرة مواهب
ـ بماذا يحلم الفنان صادق الضباري؟
أحلم بالأمن والأمان وحياة كريمة، وأحلم بوزارة تشجع الفن والفنانين، فاليمن كما هي معروفة مقبرة الغزاة، وكذلك مقبرة المواهب.

قصتي مع مفتاح المدينة
ـ لنعد بالذاكرة إلى البداية، كيف كانت؟
بدايتي كانت مع صحن حق شيف، أول بداية لي كانت في برنامج (مفتاح المدينة) في الفضائية اليمنية، وكان يقدم هذا البرنامج محمد المحمدي ومايسة ردمان، فذهبت أنا وأحد الأصدقاء إلى نادي ضباط الشرطة حتى نتمكن من الدخول، فطلبوا منا قيمة التذاكر، وكانت التذكرة بـ500 ريال، ونحن أطفال لم يكن لدينا قيمة التذاكر، تسلقنا السور، وتمكنا من الدخول، وكانت ملابسي ليست جديدة، ودخلت وطلبت من أحد العازفين أن يعزف لي لأغني، فاستدعوا الحراسة وأخرجوني، فعدت مرة أخرى وأخذت المايك وغنيت (ألا ما كنت لي بخاطر)، وهي أغنية شعبية، فالتفت الجمهور نحوي، فقام عادل الشبامي شغل الأورج وعزف لي، بعدها أتى المخرج وقال لي لماذا لا تلبس ملابس جديدة؟ حينها كان المخرج فضل العلفي، وأعطاني 3 آلاف ريال، وقال غداً ستكون حلقتك، ثم عدت إلى البيت وخرجت الحارة ودخلت أحواش بعض البيوت، من هذا الحوش أخذت بنطلون، والحوش الآخر أخذت منه شميز، والحوش الآخر أخذت منه كرفتة، وذهبت إلى الجامع وأخذت لي صندل، لأن الحالة المادية كانت عندنا ضعيفة، وكنت أقول لأصدقائي بالحارة بأنني سوف أطلع بالتلفزيون، وكانوا يضحكون علي، وذهبت إلى التلفزيون، وغنيت وأعطوني مبلغ 10 آلاف ريال لأول متسابق، وحينها تعاطف معي المخرج فضل العلفي، ثم عدت إلى البيت ومعي الـ10 آلاف، فلم يصدقني أبي الله يرحمه، والحارة كلها بانتظاري، ولكني خفت منهم حتى لا يشاهدوا الملابس التي ألبسها، فرأيتهم وهربت منهم ودخلت أحد الأحواش وأرجعت الملابس التي أخذتها، وأعدت الصندل إلى مكانه في المسجد، وعدت إلى البيت، وكنت خائفاً من أبي لأنني تأخرت، لكنه حضنني وقال لي أنت رفعت رأسي، وفي اليوم الثاني اشترى لي أبي عوداً، وبدأت أتعلم عليه، وفي سن البلوغ تغير صوتي، وأخي صامد صوته جميل، فكنت أعزف له، قبل 5 سنوات، بدأ يعزف، وكانت شهرته أكثر مني، وخلال السنوات الـ4 الأخيرة كانت لي أعمال خاصة من أشعاري وألحاني، وبدأت في موضوع القضايا الاجتماعية والسياسية.

أغنية سببت اعتقالي
ـ (أين المعاش يا دولتي) لو تحدثنا عن هذه الأغنية؟
القصة هي قيام أحد المؤجرين بإخراج أحد المستأجرين، وذهب المستأجر هو وأسرته واشترى له طربال وسكن بالسايلة، فذهبنا إلى صاحب البيت وإلى عاقل الحارة، وقلنا لهم اتقوا الله لا يجوز إخراج هذا المستأجر، والحالات كثيرة، بعدها حضرت عرساً في قاعة حدة، وكان عرس حمير بن كهلان أبو طالب، وهو ابن قائد لواء صعدة، وكان كثير من المسؤولين متواجدين، مثل صالح الصماد ومحمد علي الحوثي والقوسي ومحمد محمد عبدالله صالح وعبده الجندي، فقمت بأداء هذه الأغنية، وأهديتها للأستاذ عبده الجندي، فقام بعض العساكر وقالوا لي أوقف الأغنية، بعد ذلك بثت الأغنية قنوات العدوان، وفي أحد الأيام كنت أختبر في الجامعة وعدت إلى البيت فرأيت طقمين بانتظاري، وأخذوني إلى مبنى محافظة صنعاء، واتهموني بأنني محرض، وأني داعشي، فقلت لهم أنا توجهي معروف من زمان، ولدي أعمال وطنية كثيرة، فتواصلنا مع يحيى العابد ومجاهد اليتيم والشيخ علي الضبيبي، وتم إخراجي بعد 3 أيام من اعتقالي.

كلنا ذو يزن
ـ عمل تعتز به كثيراً..
لدي عمل وطني سيتم إخراجه قريباً، وهو عبارة عن أوبريت بعنوان (كلنا ذو يزن).

ـ من هو الفنان الذي يشبهك؟
بالنسبة لي أحس بأني قريب للفنان علي الآنسي.

 شعراء تعاملت معهم
ـ مع من تعاملت من الشعراء؟
تعاملت مع الشعراء نجران محسن الجبري ومحمد القبيلي وبشير عزيزي وماجد الصانع ومحمد النقيب، وسأغني قريباً أغنية للشاعر سامي السوَّري.

ـ كلمة أخيرة..
أشكرك وأشكر صحيفة (لا)، وأشكر المنشد سامي السوَّري الذي نسق لهذا اللقاء، وأوجه رسالة لإخوتي وأقول لهم وحشتوني وإن شاء الله تعودوا إلى أرض الوطن، وأقدم التحية لأمي وأسأل الله أن يطيل عمرها.

سيرة ذاتية:
ـ صادق الضباري ـ فنان
ـ من أعماله: (اللي كانوا أغلى الحبايب)، (أصحاب الروح بالروح)، (معابش أصحاب يا دنيا)، (جاء شدفني وراح)، (أنا أشتي أرتاح)، (لا لا تقولي)، (رد قلبي لا محله)، (حبها لما استقر)، (حرك المعنى)، (ليش التعب يا ذاك)، (دقائق مقصدي)، (يا ناس يا ناس)، (لايق عليك الدلع). (قلدني الله يا زعيم)، وأوبريت (بعد اتفاق الأمس ما نقبل) عن الاتفاق السياسي.