صلاح الدكاك  -

رحلتَ ولم ترحلْ وغيرُك يرحلُ
ويَبلى ولا تَبلى ولا تتبدَّلُ
أدرتَ مقاليدَ الرئاسةِ آخِراً
وأنت بحسبان النبوءةِ أوّلُ
فهَبْنا وجَدْنا من يَنوبك لامَةً
فأَين نُلاقي أشتراً يتسربلُ؟!
وما شَغِرَتْ كرسيُّ حُكمٍ وإنّما
على كثرةٍ، حاشا بمثلك تُشْغَلُ
تلاك على جرح الدراويش منبرٌ
وكنتَ عليهم بلسماً تتنزّلُ
وللوحي كُتَّابٌ به مثَّلت، فهل
له في تُقى الصمّاد من يتمثَّلُ؟!
وللقصر طُلَّابٌ تُواسي بلاطَهُ
فمن ذا على الأكواخ يحنو ويسألُ؟!
**
بَرَقت فآنسنا بك الغيثَ والهدى
وغِبْتَ فعزَّ الوِردُ والليلُ ألْيَلُ
لماذا ختمت البحرَ قبل عبورنا؟!
 ومن ذا لأسفارِ النبوءةِ يُكْمِلُ؟!
وكيف لعِجْل السامريِّ تركتنا
ورُحتَ إلى ميقات ربِّك تعجلُ؟!
نراوح في التَّيْه انتظارَك أَوْبةً
لعلّك من طُور البشارةِ تُقبِلُ
كأنك عينُ الدهرِ لم يُطوَ جفنُها
وشعبَك فيها عَبرةٌ تتململُ
ونيسانُ ذكرى يُترعُ القلبُ غيمَها
بدمعٍ ويصلى نارها حين تَهمِلُ
فليس يُعزّي الشعب إلّاك في الأسى
عليك ومن أدميتَه أنت تَدمِلُ
**
نَعاك إلينا حيدرٌ، فيك عهدُه
كبا غِيلةً لمَّا كبا بك مَحمَلُ
نَعاك فأبصرنا عليّاً ومالكاً
ويومَ الأسى من غُصَّة الأمس ينهلُ
أرى «المرجَ» في رمل الحديدة ماثلاً
وفوقَ احتضارِ الحاضرِ الأمسُ يصهلُ  
تنالُ جِفانُ الشَّهد من كلِّ أشترٍ
وفي «العهد» تَدمى كلُّ مصرٍ وتُثكَلُ
ونَعقلُ هنداً إنْ بغت في حِجالها
فهل لـ«عقيلٍ» إنْ بغى من سيعقِلُ؟!
وكيف يردُّ الرومَ قومٌ عن الحِمى
وفي عقرِ دارِ القومِ للرومِ معقلُ؟!
ولولا جبينُ البدرِ لاستحكمَ الدُّجى
وما ضاءَ في ليل اليمانين مِشعلُ
لِعينَي عليِّ العصرِ نُغضي عن القذى
وكلُّ أذىً فيه على الحب يُحمَلُ